روحاني يواجه انتقادات داخلية بسبب احتمال التفاوض مع واشنطن

إيران: رفض مبدأ "اللقاء لأجل اللقاء" مع واشنطن... وروحاني يواجه عاصفة انتقادات

28 اغسطس 2019
اتهم محافظون روحاني بالاستسلام والعجز (Getty)
+ الخط -

جدّدت الرئاسة الإيرانية، اليوم الأربعاء، تأكيدها رفض طهران اللقاء مع المسؤولين الأميركيين، مشيرة إلى أن "اللقاء لأجل اللقاء لن يحلّ مشكلة"؛ في وقت يتعرض فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني لانتقادات متواصلة من خصومه السياسيين بالداخل بشأن التفاوض مع واشنطن.

ويأتي الموقف الإيراني، وفق ما قاله رئيس مكتب الرئاسة محمود واعظي، في تصريحات لوسائل الإعلام، على هامش اجتماع الحكومة، أوردها التلفزيون الإيراني، تعليقاً على ما طُرح خلال الأيام الأخيرة من لقاء محتمل بين الرئيس الإيراني حسن روحاني، ونظيره الأميركي دونالد ترامب "خلال الأسابيع المقبلة".

وأضاف واعظي أنّ "اللقاء يجب أن يكون لأجل هدف"، قبل أن يؤكد أنه "ما لم نثق بأن هذا الهدف سيتحقق، فإنّ الحديث عن اللقاء ليس صحيحاً".

وتوضيحاً لهذا الهدف، طرح واعظي مجدداً شروط بلاده، رابطاً التفاوض مع الإدارة الأميركية بعودة واشنطن إلى مجموعة "خمسة زائد واحد" و"تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الاتفاق النووي"، و"أن تتمكن الجمهورية الإسلامية من الاستفادة من جميع امتيازات الاتفاق".

وأكد واعظي أنّ "على أميركا أن تعود أولاً عن خطئها في فرض العقوبات" على إيران. وفي هذا الإطار، أشار إلى أنّ بلاده تسعى إلى رفع هذه العقوبات، عازياً جولات وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الأوروبية والآسيوية إلى ذلك.

ويأتي تجديد إيران رفضها اللقاء مع المسؤولين الأميركيين، بعد أن رفعت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيره الأميركي خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك، الإثنين، على هامش قمة مجموعة السبع في بياريتز جنوبي فرنسا، التوقعات حول احتمالية لقاء بين ترامب وروحاني خلال الأسابيع المقبلة، أثناء مشاركة الأخير في اجتماعات الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر المقبل.

وقال ماكرون، إنّ محادثات مجموعة السبع هيأت "ظروفاً لعقد اجتماع وبالتالي اتفاق" بين الرئيسين ترامب وروحاني، حول أزمة النووي الإيراني.


وكان روحاني، قد أعلن، أمس الثلاثاء، رفضه اللقاء مع نظيره الأميركي، قبل أن ترفع واشنطن "جميع العقوبات" المفروضة على إيران، قائلاً إن "من يبحث عن صور تذكارية معي، فلن يكون ذلك ممكناً إلا إذا ألغى كافة العقوبات".

واتهم الرئيس الإيراني، ترامب بأنّه يسعى إلى التقاط صور تذكارية فحسب، مشدداً على أن إيران "تبحث عن حلول للقضايا والمشاكل بطرق منطقية وليس عبر صورة تذكارية". وربط روحاني اللقاء مع ترامب بـ"العودة أولاً عن جميع العقوبات واحترام حقوق الشعب الإيراني"، قائلاً إنه "حينئذ ستكون الظروف مختلفة ونتحرك وفقا لمصالحنا الوطنية".


عاصفة ضد روحاني

ويأتي رفض إيران اللقاء مع المسؤولين الأميركيين، في وقت، لا يزال يتعرض رئيسها إلى انتقادات وهجمات متواصلة من خصومه السياسيين في الداخل، وصفتها صحيفة "الشرق" الإيرانية، اليوم الأربعاء، بأنها "عاصفة ضد الحكومة".

وأشعل هذه "العاصفة"، حديث لروحاني، الإثنين الماضي، أعلن فيه استعداده للقاء مع "أي شخص" والمشاركة في "أي اجتماع" إذا علم "أن ذلك يحل مشاكل" الشعب الإيراني. وفسّرت هذه التصريحات على أنها إعلان للاستعداد للقاء مع ترامب، وخصوصاً أن تصريحات الرئيس الفرنسي حول لقاء محتمل جاءت بعد تلك التصريحات التي أدلى بها روحاني، مستشهداً بها خلال مؤتمره الصحافي المشترك مع نظيره الأميركي في ختام قمة مجموعة السبع في بياريتز الفرنسية، مساء الإثنين الماضي.

وفي هذا السياق، وجّه 83 نائباً في البرلمان الإيراني، رسالة احتجاج شديدة لروحاني، متهمين إياه بمخالفة تعليمات المرشد الإيراني، متسائلين "لماذا تسعى إلى اللقاء والتفاوض مع رجل كنت قد اعتبرته مجنوناً".

كما سجّل المرشد الإيراني علي خامنئي اعتراضه على تصريحات روحاني، أمس الثلاثاء، بطريقته، ومن خلال نشر موقعه مجدداً تصريحات له ترفض أي تفاوض مع واشنطن، معتبراً أنّه "سم قاتل".

وهاجم الكاتب المحافظ المتشدد حسين شريعتمداري مدير صحيفة "كيهان" المقربة من بعض دوائر صنع القرار الإيراني، روحاني، في مقال، مخاطباً إياه بالقول "إن تفاوضت ستكون قد فرضت خسارة وكارثة أخرى على الشعب مثل كارثة الاتفاق النووي من جهة، ومن جهة ثانية، لن تكون لها أي نتيجة سوى أن يكون هدية لترامب قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية".

كما اتهم المرشح الرئاسي المحافظ السابق، رئيس بلدية طهران السابق، محمد باقر قاليباف، الرئيس الإيراني، في تغريدة على "تويتر"، بالسعي إلى إيجاد "استقطاب سياسي داخلي بغية التهرب من المسؤولية"، مشيراً إلى أن "التفاوض مع ترامب، وفي حال تم، ستترتب عليه خسائر كبيرة".


وفي السياق، دعا أمين مجمع تشخيص مصحلة النظام في إيران محسن رضائي، الحكومة الإيرانية، إلى الالتزام بـ"السياسات العامة". وقال رضائي، اليوم الأربعاء، في تغريدة على "تويتر"، إنه "يجب على السلطة التنفيذية وكلّ مؤسسات البلاد، أن تعمل في إطار السياسات العامة للنظام" الإيراني، مؤكداً أن "السياسة العامة لإيران تجاه أميركا واضحة وهي أن التفاوض مع الشيطان سمّ".


وأطلق نشطاء التيار المحافظ في إيران هاشتاغ (#بازی_مذاکره) أي #لعبة_التفاوض ضد تصريحات روحاني، متهمين إياه بـ"الاستسلام والعجز". وأعاد نشر بعض هؤلاء النشطاء تصريحات سابقة للرئيس الإيراني، قال فيها: "لسنا مجانين لنتفاوض مجدداً مع أميركا".

ويأتي الهجوم على روحاني، بعد أن شنت أوساط المحافظين، الأحد الماضي، هجوماً حاداً على ظريف لزيارته الأخيرة لفرنسا، لتعتبرها صحيفة "كيهان" المحافظة، "في غير محلها وخاطئة... بعثت رسالة العجز والضعف".

وحاول الرئيس الإيراني، اليوم الأربعاء، في تصريحات خلال اجتماع لحكومته، امتصاص غضب المحافظين، من خلال القول إنّ الحكومة "ترحب بالنقد المشفق وأنها تكون كلها سمع لهذا النقد"، إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى أن "البعض يتظاهرون بالنقد المشفق لكن مضمون نقدهم ليس إلا بث الفرقة وإضعاف الحكومة". وأضاف أيضاً أن "قليلين من يتصورون أن إضعاف الحكومة يعود بالنفع"، داعياً إلى "التكاتف في الظروف الراهنة لعبور المشاكل".

وقال روحاني إنّ بلاده تسعى إلى التعاون مع "جميع الدول ما عدا الأعداء"، مضيفاً: "ينبغي أن نتحدث مع العالم ونتعامل معه، لكن يجب أن يكون اهتمامنا الأساسي هو بالقدرات الداخلية لأن كل اقتدارنا نابع من داخل البلاد".


تهديد بتقليص المزيد من التعهدات

وحول الحراك الفرنسي لإنقاذ الاتفاق النووي، اعتبر رئيس مكتب الرئاسة الإيرانية، أنّ "تقدماً جيداً قد حصل في المباحثات مع فرنسا"، مشيراً إلى أنّ طهران تسعى في هذه المباحثات إلى "تحقيق الحقوق الإيرانية المنصوص عليها في الاتفاق النووي". وأضاف أن "فريقاً اقتصادياً إيرانياً سيزور فرنسا الأسبوع المقبل"، في إطار المباحثات الثنائية حول الاتفاق النووي، وذلك على ما يبدو لمناقشة المقترحات الفرنسية.

إلا أنّ واعظي أكد أنه "إذا لم تحقق المفاوضات نتيجة، سنقدم على تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص التعهدات النووية"، والتي يحين وقتها بحسب إعلان السلطات الإيرانية، في السابع من الشهر المقبل، بعد انتهاء مهلة الستين يوماً الثانية.

كما أن روحاني قد دعا، أمس الثلاثاء، الأطراف الأوروبية إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه الاتفاق النووي، مهدداً بأن بلاده "ستواصل تقليص التعهدات النووية ما لم ترفع العقوبات الأميركية".

وفي الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، في الثامن من مايو/ أيار الماضي، أعلنت إيران قرارات "مرحلية" لتخفيض تعهداتها النووية، ونفذت إلى الآن مرحلتين منها، أوقفت فيهما تعهدات طاولت إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة، وكذلك رفع مستوى تخصيب اليورانيوم، مع منح مهل، مدة كل منها ستون يوماً.

وفي السابع من يوليو/تموز الماضي، وفيما أعلنت السلطات الإيرانية، تدشين المرحلة الثانية من وقف تعهدات نووية، بعد انتهاء مهلة الستين يوماً الأولى، منحت مهلة ثانية بالمدة نفسها، تنتهي في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، لتبدأ في هذا اليوم المرحلة الثالثة، لكن مع فارق، أنها لم تكشف عن الخطوات التي ستتخذها خلالها، لتبقيها رهن الغموض والتكهنات، وذلك على عكس السياسة الإعلامية التي اتبعتها في إذاعة الخطوات التي تتضمنها المرحلتان الأولى والثانية، قبل تنفيذهما.