قوات "الوفاق" تتوعد حفتر بـ"عملية كبرى" في طرابلس

قوات "الوفاق" تتوعد حفتر بـ"عملية كبرى" في طرابلس

24 اغسطس 2019
"استعدادات كبيرة" لقوات "الوفاق" لمعركة طرابلس(Getty)
+ الخط -

 

تواصل قوات الجيش الليبي بقيادة حكومة الوفاق المعترف بها دوليا تحشيدها العسكري منذ أيام، في وقت أكد فيه المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابع للجيش عن انتهاء الاستعدادات العسكرية لـ "العملية الكبرى"، ويأتي ذلك على ما يبدو استباقاً لأي جهود دولية، خصوصاً من جانب الأطراف الموالية لقوات اللواء خليفة حفتر، للدفع قدماً باتجاه الحل السياسي، بغية إنقاذ حليفها.

وشهدت جبهات القتال اشتباكات مسلحة خلال الأيام الماضية، فقد أعلنت "بركان الغضب"، الخميس الماضي، عن تقدم في منطقة السبيعة، جنوب شرق العاصمة، وسيطرتها على أغلب

أجزائها، كما أعلنت الجمعة عن نجاحها في إجبار 17 مسلحا تابعين لقوات اللواء خليفة حفتر في محور خلة الفرجان على تسليم أنفسهم، لقوات الجيش بكامل عتادهم العسكري.

وفي الوقت نفسه، أشار آمر محور عين زاره، يوسف الأمين، في تصريح صحافي، عن سيطرة قوات الجيش على تمركزات جديدة في المحور. لكن المتحدث باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب"، مصطفى المجعي، أكد أن "العملية الكبرى" ضد قوات حفتر "لم تبدأ بعد".

وقال المجعي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "العملية الكبرى انتهى الاستعداد لها بشكل كامل، لكنها لم تنطلق في انتظار الأوامر العسكرية لبدئها في وقتها المناسب"، دون أن يدلي بتفاصيل أخرى.

ورغم تمكن قوات الجيش من السيطرة على مدينة غريان، نهاية يونيو الماضي، إلا أن قوات حفتر لا تزال تمتلك مركزا متقدما باتجاه العاصمة ممثلا في مدينة ترهونة، التي توفر عبر طرقات زراعية إمداداً لقوات حفتر المتواجدة في قصر بن غشير وأجزاء من حي عين زاره ووادي الربيع.

وفي وقت تشهد فيه جبهات القتال مراوحة ميدانية طيلة أشهر، بعد عجز الطرفين عن إحراز أي تقدم كبير، سيما من جانب حفتر، إذ فشلت قواته أكثر من مرة في إطلاق حملات جديدة باتجاه طرابلس، والارتباك الكبير الذي تعيشه إثر سيطرة قوات موالية للحكومة على مدينة مرزق، جنوب البلاد، وقطع خطوط الإمداد الرئيسية بين قاعدة الجفرة، المركز الرئيس لإدارة العملية العسكرية، وبين قواته جنوب طرابلس، أكدت مصادر عسكرية أن العملية التي تعتزم قيادة قوات الجيش الليبي إطلاقها "ستنطلق بشكل أوسع".

المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" قالت إن "غارات طيران حفتر الكثيفة في الآونة الأخيرة تأتي كمحاولة للتأثير على قوة العملية المرتقبة"، مشيرة إلى أن "الاستعدادات كبيرة".

وفي تفصيل أكثر أشارت المصادر إلى أن جبهات القتال "ستكون في أكثر من اتجاه، من بينها محاصرة ترهونة القريبة من طرابلس وقاعدة الجفرة التي تتخذها قوات حفتر مركزا لقيادة عمليتها العسكرية".

وبعد نجاح البعثة الأممية في ليبيا في إقناع طرفي القتال بـ"هدنة مؤقتة" أيام عيد الأضحى الماضي، باتت تأمل عديد الأطراف الدولية في أن تتحول الهدنة إلى وقف دائم للقتال، وسط تصريحات متتابعة لمسؤولين دوليين لحث أطراف القتال على إعادة إحياء العملية السياسية المتوقفة منذ بدء عدوان حفتر على العاصمة طرابلس في أبريل الماضي.

وفيما يعتبر مراقبون أن ميل دول موالية لحفتر لتغيير مواقفها الداعمة لحربه على طرابلس في الآونة الأخيرة "اعتراف ضمني بفشل حملته العسكرية"، وأن دعوتها لعودة العملية السياسية "إنقاذ لموقف حليفها"، أكد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أن "موقفه ثابت من الاستمرار في معركة الدفاع عن العاصمة ودحره للعدوان".

وجدد الرئاسي، في بيان له الخميس الماضي، رفضه "الجلوس مع من ارتكب انتهاكات حقوق الإنسان" في إشارة لرفضه لحفتر شريكا سياسيا، مؤكدا تمسكه بمبادرة رئيسه فائز السراج، المعلن عنها منتصف يونيو الماضي، للخروج من الأزمة عبر عقد ملتقى ليبي لا يشارك فيه "دعاة الاستبداد والدكتاتورية".

كما نفى المجلس البلدي لمدينة مصراته، التي تشكل قواتها العمود الفقري لقوات الجيش، وجود أي مفاوضات مع قيادات حفتر، مشددا على استبعاد حفتر من أي حوار مستقبلي.

كواليس الحرب على طرابلس

ويعتبر المحلل السياسي الليبي، خليفة الحداد، أن تزايد الحديث عن مفاوضات في كواليس الحرب القائمة على طرابلس سعي من أطراف داعمة لحفتر لـ"التأثير على قوات الجيش من جانب، وتهيئة للرأي العام للقبول بالعودة لطاولة التفاوض من جانب آخر".

وأشار الحداد في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى التسريبات التي لم تتوقف وسائل إعلام داعمة لحفتر عن بثها عن وجود خلافات داخل صفوف قادة الحكومة وقادة الجيش، وقال "هي مؤشر كبير على استشعار حفتر وحلفائه لقوة المرحلة الجديدة من المعركة المنتظرة".

لكن المحلل السياسي يلفت في ذات الوقت إلى انخراط أطراف دولية مؤثرة في جهود التهدئة وإعادة العملية السياسية مثل واشنطن، التي تؤكدها تصريحات سفيرها الجديدة مؤخرا، حيث قال "يمكن لمثل هذه الأطراف أن تعقد إجماعا دوليا على عودة العملية السياسية، وسيشكل الإجماع وقتها ضغطا على الحكومة وقواتها أو لنقل حربا جديدة بعيدا عن ميدان القتال".

ويرى الحداد أن نجاح قوات الجيش يمكن في استباقه لتلك الجهود، وإطلاقه للمرحلة الجديدة من عمليته العسكرية ضد حفتر قبل تبلور الرأي الدولي، سيما وأن البعثة الأممية أشارت في تصريحات مسؤوليها مؤخرا إلى قرب "تجميع رأي دولي جديد حول ليبيا واضعًا في اعتباره فشل الحل العسكري، وأن الحوار السياسي والتوافق الليبي هو المخرج الوحيد للحل في ليبيا".

لكن الباحث الليبي في الشؤون السياسية، عبد الحميد المنصوري، يؤكد من جانبه أن الموقف الدولي دوما ما يكون رهينا للمسيطر على الأرض، وقال "أعتقد أن الحكومة في طرابلس تعلم جيدا أن حفتر بات رقما في معادلة السلام والحرب ولا يمكن استبعاده"، لافتا إلى أن استبعاده عسكريا "يعني معركة طويلة يمكن أن يصنفها المجتمع الدولي كحرب أهلية".

وأوضح المنصوري في حديث لـ"العربي الجديد" أن "موقف الحكومة الحالي يأتي للإصرار على إنفاذ معركتها الجديدة لطرد حفتر إلى أقصى حد، ولا يمكن أن يكون أكثر من غرب ليبيا قبل الإعلان عن قبولها بعودة العملية السياسية". ​

المساهمون