بريكست: مهلة الـ30 يوماً تشقّ صفوف معارضي جونسون

بريكست: مهلة الـ30 يوماً تشقّ صفوف معارضي جونسون

23 اغسطس 2019
جونسون اختتم أمس جولة قادته لبرلين وباريس (أنطوان جيوري/Getty)
+ الخط -

يسعى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى تقديم جولته الأوروبية على أنها نجاح في تحريك مسار الاتفاق حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعد أن اتفق الزعماء الأوروبيون على إمكانية وجود حل لخطة المساندة الأيرلندية خلال 30 يوماً المقبلة. 

ورغم ذلك، عاد ديفيد ديفيس، وزير بريكست السابق، وأحد أنصار بريكست من دون اتفاق، ليذكر جونسون بأن اعتراضات معسكره لا تقتصر فقط على خطة المساندة، بل هناك "قائمة طويلة من التغييرات المطلوبة" على اتفاق الخروج الحالي. 

وقال ديفيس في مقابلة مع ديلي "تغراف": "أودّ أن تكون لدينا تحفظات على الأموال (فاتورة الطلاق التي تبلغ قيمتها نحو 40 مليار جنيه استرليني)، وأن تكون هناك ضوابط أشدّ ومواعيد زمنية أكثر دقة، إضافة إلى فقرات تحدد سلطة محكمة العدل الأوروبية، وأمور مشابهة". 

وأضاف: "إذا كان لي أن أوافق على خطة جونسون، فإنني سأصرّ على أن يكون دفع الشطر الثاني من فاتورة الطلاق مشروطاً بالتقدم في المباحثات التجارية المستقبلية".

وكان جونسون قد اختتم أمس جولة قادته إلى برلين وباريس، طرح فيها رؤيته البديلة لخطة المساندة الأيرلندية، ورغبته في التوصل إلى اتفاق ينظم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في موعده المقرر 31 أكتوبر/ تشرين الأول. 

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن خطة المساندة، التي تعد شبكة أمان تحمي الاستقرار في الجزيرة الأيرلندية، "أساسية" في صفقة بريكست، معرباً عن اتفاقه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ضرورة أن يتقدم جونسون بمقترحات عملية بديلة بأسرع وقت ممكن. 

وكانت ميركل قد أعربت الأربعاء أثناء لقائها بجونسون، عن الرغبة في إمكانية التوصل لحلول بديلة تسمح بتعديل اتفاق بريكست خلال 30 يوماً، عوضاً عن الانتظار حتى آخر لحظة، إلا أن ماكرون شدد على ضرورة أن تكون المقترحات البريطانية البديلة ضمن إطار اتفاق بريكست الحالي، إذ إنه "لا وقت لإعادة التفاوض على الاتفاق كاملاً". 

وتمنح هذه التصريحات الأوروبية بصيص أمل لإنقاذ حكومة جونسون، التي ينتظر أن تواجه تصويتاً بسحب الثقة مع عودة البرلمان البريطاني للانعقاد بداية سبتمبر/ أيلول، فالإيحاء بالحاجة إلى المزيد من الوقت لإنقاذ اتفاق بريكست يساهم في شق صفوف المعارضة التي يواجهها بريكست من دون اتفاق في مجلس العموم، ويضعف من جهود حزب "العمال" الساعي للإطاحة بحكومة جونسون. 

وقد أكد جيريمي كوربن زعيم العمال، أن استراتيجيته لوقف عدم الاتفاق تعتمد على سحب الثقة من الحكومة المحافظة، وتشكيل حكومة تسيير أعمال بديلة تنظم الانتخابات العامّة وتؤجل بريكست لما بعدها. 

وبينما يفضل كوربن الانتظار حتى تأكده من وجود الأغلبية المطلوبة لنجاح سحب الثقة، إلا أنه تحت ضغوط متزايدة بالدفع بطلب سحب الثقة في أسرع وقت. 

ولكي تنجح مبادرة كوربن، فإنه بحاجة لدعم متمردي حزب المحافظين، إلا إن نواب المحافظين الرافضين لعدم الاتفاق كانوا قد صوتوا لصالح اتفاق ماي في الجولات الثلاث السابقة. وإن رأوا إمكانية إنقاذ هذا الاتفاق، فإنهم بالتأكيد سيمتنعون عن الإطاحة بحكومتهم، وخاصة أن مثل هذه الخطوة تعدّ بمثابة "خيار نووي" سياسياً. 

وقد يفقد المتمردون في مثل هذا السيناريو حقهم في الترشح في الانتخابات العامّة المقبلة عن حزب المحافظين، ودعم الحزب، فيما سيكون البديل إما من صفوف المقربين من جونسون، أو حتى من حزب بريكست. 

وتجلّت تبعات التصريحات الأوروبية في تعبير متمردي المحافظين، عن أن خيارهم المفضّل يظل في التشريع البرلماني ضد بريكست من دون اتفاق، من خلال تأجيل موعد بريكست، مفضلين هذا الخيار على الإطاحة بجونسون. 

وقال نيك بولز، وهو النائب المستقيل من حزب المحافظين، أنه ومن يشاركونه الرأي في الحزب الحاكم يرفضون دعوة كوربن للتشاور حول إمكانية تشكيل حكومة تسيير أعمال بقيادته، وأن على زعيم "العمال" الالتزام بطرق بديلة لمنع خروج بريطانيا الكارثي من دون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي.


 

وكانت مبادرة أطلقتها الأحزاب البريطانية، قد نجحت أثناء ولاية رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي في حشد أصوات البرلمان البريطاني ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، وإلزامها بطلب تأجيل موعد بريكست نهاية مارس/ آذار الماضي. ويرى متمردو المحافظين في هذا المسار الطريق الأسلم لتجنب السيناريو الكارثي. 

وفي السياق ذاته، اتهمت صحيفة "التايمز" البريطانية متمردي المحافظين، الذين تصفهم بمعسكر مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي، بالتنسيق مع بروكسل لوقف مسار بريكست من دون اتفاق. 

ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن "تحالف معارضي بريكست"، الذي يقوده وزير المالية السابق فيليب هاموند، يعمل على خطة لسنّ قانون يلزم جونسون بطلب تأجيل آخر لموعد بريكست. 

وأشارت مصادر الصحيفة إلى أن هذه المجموعة تنسق مع الاتحاد الأوروبي كي لا يرفض الزعماء الأوروبيون طلب التأجيل، إضافة إلى تحديد مدته وشروطه. 

ويعدّ هاموند من أنصار خطة ماي لبريكست، وكان من معارضي بريكست قبل استفتاء عام 2016. وجاءت استقالته من وزارة المالية بعد إعلان فوز جونسون بانتخابات زعامة المحافظين الشهر الماضي، لخلافه مع توجه جونسون لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "مهما كان الثمن".