هل تكشف مرزق حقيقة سيطرة حفتر على الجنوب الليبي؟

هل تكشف مرزق حقيقة سيطرة حفتر على الجنوب الليبي؟

21 اغسطس 2019
توقعات بأن تنفلت الأوضاع نحو صراع أوسع(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال مدينة مرزق، ثاني أكبر مدن الجنوب الليبي، تشهد منذ أسبوعين، اشتباكات متقطعة بين مكوناتها الداخلية، تسببت في تهجير أكثر من 1200 شخص ومقتل أكثر من 90 مدنياً، بحسب إعلان أممي الخميس الماضي، في وقت لا تزال الأوضاع غامضة حول تبعية الأطراف المتقاتلة، مفضية إلى تساؤلات حول حقيقة سيطرة حفتر على الجنوب الليبي.

وفي السياق، أكد آمر إدارة التوجيه المعنوي بقيادة قوات حفتر، خالد المحجوب، أن "ما يحدث في مرزق هو هجوم عصابات مرتزقة تشاديين على المدينة"، مشيراً إلى استعداد قوات حفتر لاستعادة السيطرة على المدينة.

وفيما اتهم المحجوب، خلال مؤتمر صحافي ليل أمس الثلاثاء، حكومة الوفاق "بدعم عصابات المرتزقة التشاديين لإشاعة الفوضى في الجنوب"، يؤكد قادة "قوة حماية الجنوب" المسيطرة حالياً على مرزق، من جانبهم، أن "ما يحدث في مرزق محاولة من حفتر لإبادة مكون التبو القبلي الأصيل بالمدينة"، مؤكداً شرعية حكومة الوفاق وتبعية قوة حماية الجنوب لها.

وقال حسين شكي، عضو "التجمع الوطني التباوي" والقيادي بقوة "حماية الجنوب"، لـ"العربي الجديد"، إن "مرزق لم تخضع لسيطرة حفتر، وقاومت سيطرته على الجنوب، منذ احتلاله له في يناير/ كانون الثاني الفائت، ما تسبّب في تأليب حفتر لقبائل الجنوب ضد مكون التبو"، مشيراً إلى أن سيطرة حفتر على الجنوب لا تزال اسمية، معتمداً في ذلك على مليشيات القبائل ونفوذها.

وأعلنت قيادة قوات حفتر سيطرتها على مدينة سبها، منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، وأعلنت غالبية مناطق الجنوب ولاءها لحفتر من دون قتال، باستثناء مناطق غدوة، ومرزق، وتراغن، التي اضطر حفتر إلى خوض معارك ضارية فيها للسيطرة عليها.

واستهدفت خطة حفتر للسيطرة على الجنوب، السيطرة على مواقع النفط، لا سيما حقلي الشرارة والفيل، بالإضافة إلى الحدود الجنوبية. لكن شكي يؤكد أن سيطرة حفتر اسمية فقط، ولذلك يحتفظ بقواته الضاربة داخل قواعد في براك الشاطئ وداخل سبها، فيما اعتمد على إعلان القبائل ولاءها له ودخول مناطقها بذلك تحت سيطرته اسمياً، وأكد أن حقلي الفيل والشرارة دخلا تحت سيطرته بعد مفاوضات مع مليشيات قبلية تسيطر عليهما.
وعن أوضاع مرزق الحالية، قال: "الوضع في أعلى توتراته، والحالة الإنسانية سيئة جداً، ما اضطر مكون التبو ومكون العرب إلى الهجرة والنزوح إلى مناطق أكثر أمناً"، مشيراً إلى أن حفتر دعم فصائل قبلية معارضة للتبو بالسلاح، وهي التي تخوض الحرب داخل مرزق حالياً. وقال: "مرزق تحت سيطرة قوة "حماية الجنوب" (وهي قوة مؤلفة من التبو في أغلبها)، لكن فصائل قبلية موالية لحفتر تشن هجمات لا تتوقف استعداداً لتمهيد الأوضاع أمام كتائب حفتر، التي تستعد للهجوم، قادمة من قواعدها من سبها".

لكن عبد العزيز الأوجلي، الباحث السياسي والخبير بشؤون الجنوب الليبي، يرى الأوضاع بشكل مختلف، مؤكداً أن الجنوب لا يخضع في غالبيته لسيطرة أي من الطرفين، قوات الحكومة وقوات حفتر، مشيراً إلى أن غالبية المليشيات المسلحة تغير ولاءها للأقوى.

وقال الأوجلي، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إن "الأمن توفره القبيلة لأبنائها في مناطقهم، حيث تخضع كل منطقة لنفوذ إحدى القبائل، بعضها يجنح للحياد، وبعضها يوالي حفتر، مثل المقارحة، والحساونة، وغيرهما"، مشيراً إلى أن حفتر هو الأقوى حضوراً من خلاف تحالفاته القبلية هناك.
وتابع: "حتى السيطرة على الحقول تستوجب عقد صفقات مع القبائل، فمثلاً الشرارة يخضع لسيطرة الطوارق، والفيل يخضع لسيطرة التبو، والحقل الأخير هو سبب تحرك حفتر لإضعاف قوة التبو، من خلال إدخالها في صراع طويل مع القبائل الأخرى التي تمتلك عداءً تاريخياً معها"، مبيناً أن كلاً من حكومة الوفاق وحفتر يعلمان أن السيطرة على الجنوب تتم عبر القبائل.

وقال: "ما دعا الحكومة لدعم قوة "حماية الجنوب" هو حرب العاصمة، محاولة منها لتشتيت تركيز حفتر على العاصمة وزعزعة صورة سيطرته على الجنوب وتمكنه من حماية حقول النفط".

وفيما يقول الأوجلي إن "ثورة مرزق الحالية ضد حفتر كشفت حقيقة سيطرته، وإنه لا يستطيع الاحتفاظ بوجوده في تلك المناطق"، رجح أن تنفلت الأوضاع وتنجر إلى صراع أوسع، في حال فشل حفتر في حملته على طرابلس، وفشل في إقناع حلفائه في تلك المناطق بأنه الرجل الأقوى، القادر على حسم الأوضاع لصالحه.