البعثة الأممية وحفتر

البعثة الأممية وحفتر

15 اغسطس 2019
بدأ هجوم حفتر في إبريل الماضي(حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من التسويق الأممي لقبول الأطراف الليبية بـ"هدنة العيد"، والابتهاج الدولي بنجاحها في ذلك، فإن الواقع على الأرض يختلف تماماً، فالحقيقة أن محاور القتال يسودها الهدوء منذ فترة سبقت أيام العيد، فلم تنقل أي وسيلة اعلامية تصريحات قادة الطرفين عن مواجهات مسلحة في تلك الأيام، علاوة على أن قادة قوات الجيش بقيادة حكومة الوفاق، أعلنوا عن رفضهم قبول رئيس الحكومة فائز السراج بالهدنة، بل أكدوا أن موافقة حفتر عليها محاولة لكسب الوقت لترتيب صفوف قواته لشن المزيد من الهجمات.

ولم يعد من نافل القول أن البعثة الأممية منذ تولي الإسباني برناردينو ليون منصب المبعوث الأممي، وقعت في شراك مصالح وأهداف أطراف دولية تدعم حفتر بكل قوة لإنجاح مشروعه العسكري في البلاد، وتطاولها اتهامات بأنها رضخت لقراراته التي تعارض مساعيها المعلنة. فاليوم الذي اختاره اللواء الليبي لإطلاق حملته على طرابلس (4 إبريل/نيسان الماضي) هو اليوم نفسه الذي وصل فيه الأمين العام للمنظمة الأممية أنطونيو غوتيريس إلى ليبيا لوضع اللمسات النهائية على إطلاق الملتقى الوطني الجامع في غدامس. وعلى الرغم من الإهانة التي تلقاها الأمين العام، إلا أنه قرر السفر لحفتر إلى قاعدته العسكرية في الرجمة، ليعود أدراجه إلى نيويورك محمّلاً بالحزن والأسف، بل ويأسه، بحسب تغريدته على "تويتر"، من حلّ الأزمة الليبية أممياً.

ولم تستنكر البعثة الأممية، التي اختفت طيلة ثلاثة أسابيع بعد إطلاق حفتر لهجومه العسكري على طرابلس، حربه حتى الآن رغم مرور أربعة أشهر، وسقوط أكثر من ألف قتيل بينهم قرابة 200 مدني، وإصابة أكثر من 5500 آخرين، وتشريد 130 ألف شخص من منازلهم إلى خارج طرابلس. وبدلاً من أن تدين أعمال قاعدة الرجمة الوحشية، عبّرت عن شجبها لاستخدام حكومة الوفاق، التي لا تعترف الأمم المتحدة بسواها حكومة شرعية في البلاد، لمطار معيتيقة لأغراض عسكرية قبل أن تتراجع وتشير إلى أن موقفها قائم على معلومات غير دقيقة.


مسار أعمال البعثة وجهودها يبدو أنها دنت اليوم من نهايتها، بعد أن وصلت معركة حفتر لفصلها الأخير، فرفضه لتمديد الهدنة المزعومة يعني إصراره على اقتحام العاصمة واحتلالها، لكن السؤال الأبرز يتعلق بمصير مستقبل البعثة في حال انكسار حملة اللواء الليبي ونجاح قوات حكومة الوفاق في إجباره على التراجع، لا سيما أن المعلومات تتوالى عن استعداداتها لمحاصرة قاعدة الجفرة في وقت بدأت فيه أعمال المقاومة المسلحة لحفتر تتزايد في مرزق، المدينة الأبرز جنوب البلاد، وسط تراجع سيطرة مليشياته عليها. خبراء عسكريون يقدّرون أن سقوط مرزق في يد القوات المعارضة لحفتر، يساوي سقوط غريان تقريباً، وتأثيراته الكبيرة على معركة طرابلس لن تكون في صالح حفتر. واللافت في مستجدات الأوضاع أن البعثة الأممية تركت كل شيء واتجهت للتنديد بالأوضاع في مرزق بعد سقوط سبعة من مقاتلي حفتر وإصابة 54 آخرين، واستخدمت لهجة تحذير شديدة لم يحمله بيانها بشأن قصف طيران حفتر في الرابع من الشهر الحالي والذي أودى بحياة 42 مدنياً وأصاب 60 آخرين.