"واشنطن بوست": تراجع طموح الإمارات الإقليمي بعد التوترات بالخليج

"واشنطن بوست": تراجع طموح الإمارات الإقليمي بعد التوترات بين واشنطن وطهران

12 اغسطس 2019
الإمارات تميل بعيداً عن الأهداف الأميركية (كريم صهيب/فرانس برس)
+ الخط -
رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، اليوم الإثنين، أنّ الإمارات، أحد أقوى حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والقوة الدافعة وراء نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتشدد إزاء إيران، تختلف علناً مع واشنطن، ما يثير تساؤلات بشأن قدرتها على أن تكون حليفاً يمكن الاعتماد عليه في حال اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وإيران، لافتة إلى تراجع طموحها الإقليمي مع ارتفاع منسوب التوتر بين واشنطن وإيران.

وذكّرت الصحيفة بالأسابيع التي تلت إرسال الولايات المتحدة تعزيزات إلى الخليج لردع التهديدات الإيرانية للملاحة، مشيرة إلى إرسال الإمارات وفداً من خفر السواحل إلى طهران لمناقشة الأمن البحري، ما وضعها على خلاف مع هدف واشنطن بعزل إيران. كما كانت الإمارات بعيدة عن موقف الولايات المتحدة والسعودية، بُعيد تعرض ناقلات قبالة سواحلها إلى تفجيرات، رافضة إلقاء اللوم على إيران.

بالإضافة إلى ما ذُكر، أعلنت أبوظبي سحب قواتها من اليمن، ما فتح الباب أمام سيطرة الانفصاليين الموالين للإمارات على عدن، على حساب الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في المدينة، وهذا انحراف آخر عن السياسة الأميركية، وفق "واشنطن بوست".

وذكّرت الصحيفة بوصف وزير الدفاع الأميركي السابق جيم ماتيس، الإمارات بـ"سبارطة الصغيرة"، لدعمها القوي للمشاريع العسكرية الأميركية في كلّ أنحاء العالم، مشيرة إلى أنّ أبوظبي وجدت نفسها على خط المواجهة في حرب محتملة، بسبب علاقتها مع واشنطن، ما دفعها إلى النأي بنفسها عن خطاب إدارة ترامب العدائي، والدعوة إلى وقف التصعيد مع إيران.

ويقول مسؤول إماراتي، تحدث إلى الصحيفة شرط عدم الكشف عن هويته، إنّ الإمارات لا تريد الحرب، مضيفاً أنّ أهم شيء هو الأمن والاستقرار وتحقيق السلام في هذا الجزء من العالم. ويشير دبلوماسيون ومحللون بدورهم إلى أنّ إمكانية الاعتماد على دعم إماراتي في حال أدّت التوترات إلى نشوب حرب مع إيران، أصبحت الآن موضع شكّ.

ويرى المحلّل المختص بشؤون دول الخليج ثيودور كاراسيك، أنّ الإمارات تميل، بشكل متزايد، بعيداً عن الأهداف الأميركية، معتبراً أنّ هذا الأمر قد يكون الحلقة الضعيفة في سياسة ترامب لممارسة أقصى ضغط على إيران.

ويشير محلّلون، وفقاً للصحيفة الأميركية، إلى أنّ موقع الإمارات واقتصادها وسمعتها، كملاذ آمن للأجانب، يجعلها عرضة للتداعيات التي قد تنجم عن أي مواجهة، ولو كانت بأدنى مستوياتها. وتقول إليزابيث ديكنسون، من مجموعة الأزمات الدولية، إنّ البلاد بأكملها يمكن أن تتعطّل إذا شعر الأجانب بالخوف وغادروا، مضيفة أنّ المخاطر بالنسبة إلى أبوظبي مرتفعة بشكل هائل، مشيرة إلى أنّ أي هجوم قد يصيب أرض الإمارات أو يضرّ ببنيتها التحتية سيكون مدمّراً، ومن شأنه ضرب سمعة واحدة من أكثر دول المنطقة ديناميكية اقتصادياً.

في المقابل، يخالف المسؤولون الإماراتيون، بحسب "واشنطن بوست"، الرأي بأنّهم يغيرون مسارهم، مؤكدين أنّهم ينوون الاستمرار في مشاركتهم في المنطقة ككلّ. ويوضحون أنّ كبار المسؤولين كانوا يشيرون لأشهر، إلى الانسحاب من اليمن، وأنّ الأمر جاء لأنّ محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة جارية، وهو أحد أهداف التدخل العسكري.

أمّا بشأن العلاقة مع طهران، فيقول المسؤولون إنّ زيارة الوفد الإماراتي إلى إيران جاءت في إطار التفاوض حول حقوق الصيد في مضيق هرمز، وليست مرتبطة بالأزمة القائمة، مشدّدين على أنّ النداءات لعدم التصعيد لا تغيّر من موقف الإمارات تجاه إيران بأنّ توسعها الإقليمي خطير، وبأنّه يجب تقليص برنامجها لتطوير صواريخ باليستية متطورة.

وتشير الصحيفة الأميركية إلى اتهامات في أوساط الإماراتيين، تخطتها أبوظبي، تفيد بأنّ الطموحات الإقليمية لولي عهدها محمد بن زايد ابتعدت كثيراً عن رؤية الدولة لنفسها كمنارة للرخاء والاستقرار، وفق سكان ودبلوماسيين. ويبدو أنّ القيادات الإماراتية لم تحسب العواقب، وفق رجل أعمال من دبي، تحدث إلى الصحيفة شرط عدم الكشف عن اسمه، على اعتبار أنّ نظام الحكم الاستبدادي في البلاد يفرضون عقوبات قاسية على من ينتقد القيادة. ويضيف أنّ توسعهم العسكري أدّى إلى تدمير فكرة أن تكون الإمارات ملاذاً آمناً، وهم يشعرون الآن بخطر مجاراة الأميركيين.

بدوره، يقول العالم السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، المقيم في دبي، إنّه إذا ارتكبت الإمارات أي خطأ، فهو اصطفافها بشكل وثيق إلى جانب ترامب، الذي أثبت أنّه شخص لا يمكن التنبؤ بسلوكه.