قوات النظام تصطدم بالكبانة... ومليشيات إيرانية تساندها شمال حماة

قوات النظام السوري تصطدم بالكبانة... ومليشيات إيرانية تساندها شمال حماة

11 اغسطس 2019
تحاول قوات النظام استنزاف المعارضة (عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -


اتسع نطاق المواجهات في شمال غربي سورية بين فصائل المعارضة وقوات النظام، التي تهاجم على أكثر من محور قتال، في مسعى لتشتيت قوى الفصائل التي تحاول التصدي لهذه القوات التي تساندها مليشيات إيرانية في ريف حماة، حيث تحاول إحداث اختراق كبير للسيطرة على أبرز مدن وبلدات ريف حماة الشمالي، ما يعني انتقال المواجهات إلى داخل الحدود الإدارية لمحافظة إدلب، مع ما يحمل ذلك من أصداء إعلامية. لكن هذه القوات تجد صعوبة بالغة في السيطرة على تلة استراتيجية في ريف اللاذقية الشمالي، حيث تتلقّى انكسارات متتالية في منطقة لها طبيعة جغرافية تساعد الفصائل المقاتلة على الدفاع عن مواقعها.

وعاودت قوات النظام ومليشيات تساندها محاولات اقتحام تلة الكبانة في جبل الأكراد شمال اللاذقية، ليل الجمعة - السبت، حيث تدور اشتباكات، وصفتها مصادر إعلامية بـ"العنيفة"، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المقاتلة من جهة أخرى، تترافق مع قصف بري وجوي مكثف. وأكدت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) أنها أفشلت محاولة تقدم لقوات النظام على محور الكبانة، بعد اشتباكات دامت لساعات، أدّت إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر النظام.

ومن الواضح أن النظام لا يزال يصرّ على السيطرة على التلة، فهي البوابة نحو ريف إدلب الغربي ومدينة جسر الشغور التي تعدّ أبرز أهداف النظام لقلب معادلات الصراع. وكان قد أوضح مصدر قيادي في فصائل المعارضة، لـ"العربي الجديد"، أهمية الكبانة بقوله "تقع على أعلى قمة مطلة على جسر الشغور وسهل الغاب وبداما والناجية والشغر والجانودية وغيرها من المناطق، وصولاً إلى جبل الزاوية في محافظة إدلب"، وكشف أن "سيطرة قوات النظام على التلة تعني رصد المنطقة نارياً، ومن ثم يصبح تقدّم هذه القوات إلى باقي المناطق أسهل، كونها ستقود المعارك من الأعلى إلى الأسفل، ومن هنا تنبع أهمية الكبانة الكبيرة لدى الثوار والنظام". وتحوّلت تلة الكبانة إلى ثقب أسود ابتلع العشرات، وربما المئات، من عناصر قوات النظام على مدى أكثر من 100 يوم من القتال الضاري، إذ "تعتمد الفصائل المقاتلة أسلوب الكمائن لقوات النظام، مستفيدة من الطبيعة الجغرافية الوعرة للمنطقة، والتي تمكنها من الصمود والدفاع"، وفق مصدر في الفصائل، أكّد استحالة سيطرة قوات النظام على التلة رغم القصف الجوي غير المسبوق.


وتهاجم قوات النظام، منذ أعلنت قبل أيام عن انتهاء الهدنة التي اتفق عليها المشاركون في اجتماع أستانة 13، من عدة محاور، من أجل تشتيت قوى فصائل المعارضة السورية واستنزافها. وقالت مصادر إعلامية معارضة إن قوات النظام تهاجم من محور الكبانة في ريف اللاذقية الشمالي، ومن محاور تل صخر والزكاة في ريف حماة الشمالي، والزرزور في ريف إدلب الشرقي، من أجل الوصول إلى الحدود الإدارية لمحافظة إدلب، عقب قضم أبرز مواقع فصائل المعارضة، خصوصاً مدن مورك وكفرزيتا واللطامنة في ريف حماة الشمالي، وهي خط الدفاع الأول عن عمق محافظة إدلب. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، مساء الجمعة الماضي، مقتل 10 عناصر من قوات النظام السوري وإصابة 21، في مواجهات شمال مدينة حماة وسط سورية. ونقل موقع "روسيا اليوم" عن رئيس مركز حميميم الجنرال أليكسي باكين إن "قصف المسلحين والمعارك اللاحقة قرب أبو دالي وشمال شرقي حماة خلفت 10 قتلى، و21 جريحاً، في صفوف القوات الحكومية". وقالت مصادر من المعارضة، لـ"العربي الجديد"، إن مقاتلي غرفة عمليات "الفتح المبين" شنّوا الجمعة الماضي هجوماً معاكساً ضد قوات النظام في محور قرية الجيسات، وتمكنوا من تدمير دبابة وقتل وجرح 15 عنصراً من قوات النظام على الأقل.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن النظام والجانب الروسي صعّدا من عمليات القصف الجوي والبري على بلدتي اللطامنة وكفرزيتا بريف حماة الشمالي، وبلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي، حيث استهدفت بمئات الغارات والبراميل والقذائف منذ فجر أمس السبت، مشيراً إلى أن قوات النظام وصلت إلى مشارف هذه البلدات خلال الأيام القليلة الماضية، بدعم من الحليف الروسي، مؤكداً أن فصائل المعارضة السورية أرسلت تعزيزات عسكرية، وعمدت إلى تحصين مواقعها في اللطامنة وكفرزيتا والهبيط. وذكرت مصادر في فصائل المعارضة السورية، لـ"العربي الجديد"، إن النظام حقق هدفاً مهماً من وراء التصعيد الأخير، وهو تأمين طريق حماة – اللاذقية من خلال استعادة منطقة تل ملح، مؤكدة أن قوات النظام لم تحدث خرقاً يهدّد بلدات ومدناً مهمة في ريف حماة الشمالي أو إدلب الجنوبي، مضيفة "لم تظهر بعد بوادر تؤكد نية النظام التقدم أكثر للسيطرة على كفرزيتا أو اللطامنة أو الهبيط. هدفه كان تأمين الطرق".

وكانت قوات النظام قد سيطرت، الخميس الماضي، على بلدة الزكاة في ريف حماة الشمالي، وهي خطوة كبيرة باتجاه مورك وكفرزيتا أبرز معاقل المعارضة في هذا الريف المشتعل بالاشتباكات والقصف الجوي المكثف. من جانبه، أوضح المقدم سامر الصالح، القيادي في "جيش العزة"، أبرز فصائل الجيش السوري الحر في ريف حماة الشمالي، أن قوات النظام ومليشيات إيرانية لا تزال تسيطر على وادي حسمين والزكاة والجيسات، مشيراً، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن فصائل المعارضة "نفذت الجمعة عمليات انغماسية في عدة محاور أربكت هذه القوات وكبّدتها خسائر فادحة". ونفى الصالح ما تروّجه وسائل إعلام النظام وبعض مواقع المعارضة الإخبارية عن خطر داهم يهدد كفرزيتا واللطامنة، مؤكداً أن البلدتين صامدتان، ومضيفاً "دعمتا بشباب أهلها وجهزت القوى والوسائط كافة للدفاع عنهما". وأكد الصالح أن مليشيا تابعة للعميد سهيل الحسن، الملقب بـ"النمر" والذي يعدّ رجل روسيا الأول في قوات النظام، تشارك في المعارك إلى جانب قوات النظام، مؤكداً "انخراط الإيرانيين في القتال من خلال عدة مليشيات، منها فجر والقدس وبدر وغيرها". وحول مشاركة قوات روسية في المعارك، أكد الصالح أن "الروس يديرون المعارك من الصفوف الخلفية في ريف حماة الشمالي، بينما هم في الصفوف المتقدمة في معارك تلة الكبانة في ريف اللاذقية الشمالي". وكانت مصادر معارضة قد أكّدت أن قوات النظام غيرت استراتيجية قتالها في ريف حماة الشمالي منتصف الشهر الماضي، إذ استقدمت تعزيزات ضخمة من الفرقة السابعة والحرس الجمهوري والأمن العسكري والفرقة الرابعة والثامنة والحادية عشرة والرابعة عشرة والثامنة عشرة.