بطش لا يعرف حدوداً

بطش لا يعرف حدوداً

10 اغسطس 2019
الخوف يرافق السوريين في العيد (محمد السيد/الأناضول)
+ الخط -


استقبل السوريون بكل مكوّناتهم عيد الأضحى هذا العام بحالة من الترقب والخوف على أبنائهم الذين يخوضون حرباً ضروساً على جبهات القتال، بعد أن أعلن النظام بتوجيهات من داعميه الروس والإيرانيين استئناف القتال على جبهات ريف حماة الشمالي وأرياف إدلب الجنوبية والغربية والشرقية، وذلك قبيل حلول العيد ببضعة أيام، ليصبغ وحلفاؤه هذه المناسبة بصبغتهم الدموية، ويمارسوا وحشيتهم على من تبقّى من مدنيين نجوا من غاراتهم السابقة، من دون مراعاة حرمة هذه الأيام، حتى بالنسبة لعائلات مقاتليهم الذين استكثر عليهم النظام أن يمر عليهم هذا العيد من دون أن يكونوا بحالة من الهلع على أبنائهم الذين زجّ بهم في ساحات المعارك.

واختار النظام أيام العيد تحديداً ليشنّ أكبر حملات القصف بأسلحته العشوائية على مدن يدعي أنه يريد إعادتها إلى "حضن الوطن"، تلك المدن التي دعا عضو برلمان النظام فارس الشهابي إلى تدميرها وإبادة أهلها بعد أن وصفها بـ"المزابل"، التي باتت "قاب بوطين (حذاء عسكري) أو أدنى" حسب توصيفه اللاأخلاقي، الذي يعبّر عن فكر مدرسة البعث التي ينتمي إليها. تلك المدرسة التي لا تفهم سوى لغة الحذاء العسكري والاستئساد على المواطنين العزل.

ولكن على الرغم من كل ما يمارسه النظام من وحشية، إلا أن سكان الشمال السوري الذين لا يزالون يؤمنون بالثورة السورية وبحتمية انتصارها على الاستبداد، والذين تُمارس كل هذه الوحشية بحقهم، يُبدون مصرين على تحدي آلة القتل، من خلال إصرارهم على ممارسة كل طقوس العيد وتحويله إلى مناسبة لرسم الفرح على وجوه أطفالهم ومناسبة لمواساة بعضهم بعضاً بالمصائب التي حلت بهم ولمّ شمل أسرهم التي بعثرها بطش النظام. كما ساهم عبور آلاف السوريين اللاجئين في تركيا إلى الشمال السوري، ولقاؤهم بأهلهم وأحبتهم في الداخل، بالتخفيف من مرارة الألم والمعاناة التي تحيط بهم من كل جانب.

ولكن على الرغم من كل محاولات السوريين التفاؤل بغد أفضل لأولادهم ولو من خلال طقوس العيد، إلا أنهم يعيشون حالة من الخذلان والريبة من كل ما يحاك حولهم، فالنظام وداعموه الروس والإيرانيون يعملون كل ما بوسعهم في سبيل كسر شوكة ثورة السوريين وإعادتهم إلى حظيرة الاستبداد، فيما داعمو الثورة قد تخلوا عنها تباعاً، لدرجة لم يتبقَ منهم سوى بعض الحلفاء، الذين يستخدمونهم كأوراق سياسية يفاوضون عليها في سبيل مصالحهم، فيما يدفع السوريون من دمائهم ودماء أولادهم ثمن أي خلاف بين حلفائهم وحلفاء أعدائهم.

المساهمون