قلق دولي من المرحلة الثانية لتقليص إيران تعهداتها النووية

قلق من المرحلة الثانية لتقليص إيران تعهداتها النووية: تحريض إسرائيلي وتنديد فرنسي

07 يوليو 2019
تنديد فرنسي بالقرارات الإيرانية (محسن شانديز/Getty)
+ الخط -
مباشرة بعد إعلان إيران رسمياً، اليوم الأحد، بدء تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، توالت المواقف الدولية، وخاصة من الأطراف المعنية مباشرة بالاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وكشفت طهران عن وقفها تنفيذ تعهد جديد كانت قد التزمت به في إطار الاتفاق النووي، إذ أعلنت تخطّيها نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 3.67%، وهو الحدّ المسموح به في الاتفاق، لكنها أعلنت في المقابل وقف إعادة تشغيل مفاعل أراك لإنتاج المياه الثقيلة، وذلك بعدما كانت قد ذكرت سابقاً أنها ستعيد تفعيله كجزء من تقليص التعهدات خلال المرحلة الثانية.

ومنحت إيران مهلة مدتها 60 يوماً إضافية، قبل أن تقدم على تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها النووية، معربة عن أملها أن "تتوصل إلى حل مع الأوروبيين لكي لا تضطر إلى تنفيذ هذه المرحلة".

فرنسا تستنكر
وفي السياق، أبلغ مسؤول بالرئاسة الفرنسية "رويترز" أن الرئيس إيمانويل ماكرون استنكر، اليوم الأحد، قرار إيران تخصيب اليورانيوم لمستوى يتجاوز الحد المتفق عليه في الاتفاق النووي، وهي خطوة قال إنها "انتهاك" للاتفاق.

وقال المسؤول إن الرئاسة الفرنسية أكدت مجدداً الموعد النهائي، الذي ينقضي في 15 يوليو/ تموز لاستئناف الحوار بين الأطراف. 

ولم يخض المسؤول في تفاصيل ما سيحدث عقب ذلك الموعد.

وفي محاولة أوروبية أخيرة لإقناع طهران بعدم الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، أجرى الرئيس الفرنسي، مساء اليوم السبت، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني حسن روحاني، ليعده بمضاعفة الجهود الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي، وإقامة "هدنة" في الحرب الاقتصادية التي تشنّها الإدارة الأميركية على إيران، وفقاً لموقع الرئاسة الإيرانية.

وبعد الاتصال، قال مكتب ماكرون في بيان إن "رئيس الجمهورية اتفق مع نظيره الإيراني على أن يستكشف بحلول 15 يوليو/ تموز، شروط استئناف الحوار بين الأطراف". وأضاف البيان أن ماكرون سيواصل المحادثات مع السلطات الإيرانية والأطراف المعنية الأخرى، "للمشاركة في وقف تصعيد التوتر المرتبط بالقضية النووية الإيرانية".

بريطانيا: على إيران التراجع فوراً

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، إن إيران خالفت بنود الاتفاق النووي الموقع في 2015، وعليها التوقف فوراً والعدول عن أنشطتها.

وقال المتحدث: "انتهكت إيران بنود الاتفاق... وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة تبقى ملتزمة بالاتفاق بالكامل، فإن على إيران التوقف على الفور والتراجع عن كل الأنشطة التي تخالف التزاماتها. ننسق مع أطراف الاتفاق النووي الأخرى بشأن الخطوات التالية وفقاً لبنود الاتفاق".

ألمانيا: قلق بالغ

وحثت ألمانيا، اليوم، إيران على التوقف عن اتخاذ إجراءات من شأنها تقويض الاتفاق النووي.

وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية: "يساورنا قلق بالغ من إعلان إيران أنها بدأت في تخصيب اليورانيوم فوق المستوى المسموح به وهو 3.67 في المائة".

وتابع: "نحث إيران بشدة على وقف جميع الأنشطة التي تتعارض مع التزاماتها بموجب الاتفاق النووي والعدول عنها".

وأضاف أن ألمانيا على اتصال مع بريطانيا وفرنسا، المشاركتين الأوروبيتين الأخريين في الاتفاق النووي، لتحديد الخطوات التالية. 

الاتحاد الأوروبي: على تواصل مع أطراف الاتفاق

بدوره دعا الاتحاد الأوروبي، الأحد، طهران إلى عدم اتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها تقويض الالتزام بالاتفاق النووي، معرباً عن بالغ قلقه إزاء إعلان الأخيرة رفع مستوى تخصيب اليورانيوم.

وقالت متحدثة باسم السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي مايا كوتشيانتيتس، في تصريح صحافي: "نعرب عن تخوفنا وقلقنا العميق إزاء الإعلان الإيراني بدء رفع مستوى تخصيب اليورانيوم لأعلى من 3.67 بالمئة، المنصوص عليها في خطة العمل المشتركة".

وأوضحت المتحدثة: "نحن في انتظار المزيد من المعلومات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وأضافت: "ندعو إيران لعدم اتخاذ المزيد من الإجراءات، التي من شأنها تقويض التزامها بالاتفاق النووي.. ونحث إيران بشدة وبشكل عاجل على وقف جميع أنشطتها التي تتعارض مع التزاماتها بموجب خطة العمل المشتركة، بما في ذلك إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب بما يتجاوز الحد المسموح به".

وتابعت المتحدثة قائلةً: "نحن على تواصل مع أطراف الاتفاق النووي بشأن الخطوات التالية بموجب بنود الاتفاق".

الوكالة الذرّية: نتابع 

وفي أعقاب ذلك، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم الأحد، أن مفتشي الوكالة الموجودين في إيران سيرفعون تقريراً للوكالة بمجرد تأكدهم من زيادة طهران مستوى تخصيبها اليورانيوم، عن الحد الذي يسمح به الاتفاق النووي.

وقال متحدث باسم الوكالة التابعة للأمم المتحدة: "نحن على علم بإعلان إيران بشأن مستوى تخصيب اليورانيوم".

وأضاف: "مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران سيرفعون تقريراً لمقرنا الرئيسي، بمجرد تحققهم من التطور الذي أعلنته إيران".

روسيا تحمّل أميركا المسؤولية

من جانبه، أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشيف، اليوم، أن "مطالب إيران بالحفاظ على الاتفاق النووي لها ما يبررها، وأن مسؤولية الحفاظ عليه تقع على عاتق الولايات المتحدة".


ونقلت وكالة "سبوتنيك" عن كوساتشيف قوله، إن "الشيء الرئيسي في الوضع الحالي ليس المعايير المادية لتخصيب اليورانيوم، ولكن استعداد إيران السياسي للعودة إلى تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي، إذا ما قامت واشنطن بضمان نهج مشابه".

وأضاف كوساتشيف أن "الكرة تقع على الجانب الأميركي، وهي وحدها التي تستطيع إنقاذ الاتفاقيات، المصدقة من قبل مجلس الأمن الدولي".

نتنياهو: خطوة بالغة الخطورة

إلى ذلك، طالب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدول الأوروبية بالعمل ضد إيران. 

واعتبر نتنياهو، في جلسة الحكومة الأسبوعية، أن الإعلان الإيراني خطوة خطيرة. 

وزعم نتنياهو أنه لا يمكن التقليل من شأن الخطوة الإيرانية، بحجة أن "الحرب العالمية الثانية بدأت عملياً بخطوة صغيرة، تمثلت بدخول القوات الألمانية لمنطقة الراين، خطوة صغيرة ولم يتحرك أحد أو يقل شيئاً، وكانت الخطوة الثانية هي إعلان الوحدة القسرية مع النمسا، ودخول المناطق السوفييتية". 

وبحسب نتنياهو، فإن الخطوة الإيرانية "خطيرة جداً، وأدعو أصدقائي رؤساء فرنسا وبريطانيا وألمانيا: أنتم وقّعتم على هذا الاتفاق، وقلتم إنه في اللحظة التي تتخذ إيران مثل هذه الخطوة ستفرضون عقوبات  شديدة، وأنا أسأل أين أنتم؟ ليس من باب الاستنكار، وإنما من باب المعرفة المشتركة للتاريخ، بأن الأنظمة الشمولية العدوانية يمكنها اجتياز الحدود باتجاه أمور خطيرة جداً علينا جميعاً. اتخذوا الخطوات التي وعدتم بها، افرضوا عقوبات".

وأضاف رئيس حكومة الاحتلال: "بالنسبة لما يتعلق بنا، فنحن نقوم بعملنا طيلة الوقت ضد العدوانية الإيرانية، ولن نسمح لإيران بالتموضع في سورية، أطالبكم بتنفيذ وعودكم". 

في المقابل، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شطاينتس، في مقابلة مع موقع "يديعوت أحرونوت": "إننا نواجه عمليتين تحصلان بالتوازي، فمن جهة إيران تنهار تحت الضربات الاقتصادية، ومن جهة ثانية فإنها تثبت لكل العالم، تحت طائلة هذه الضغوط، أنها قريبة جداً من تطوير سلاح نووي، وأنها قادرة إذا قررت أن تبدأ برفع مستوى تخصيب اليورانيوم". 

وفي 8 مايو/ أيار الماضي، وردّاً على "الحرب الاقتصادية الأميركية"، و"مماطلات" الشركاء الخمسة المتبقين في الاتفاق، أي الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والصين وروسيا، في تنفيذ تعهداتهم، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قرارات "مرحلية"، علّقت بموجبها إيران تعهدات نووية على مرحلتين.

وبدأت المرحلة الأولى الشهر الماضي، وشملت رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة، لتتخطى احتياطيات اليورانيوم منخفض التخصيب عتبة الـ300 كيلوغرام، ابتداءً من الأول من يوليو/ تموز الحالي.

وأعلنت السلطات الإيرانية أنها ستباشر المرحلة الثانية، ابتداءً من اليوم الأحد بعد انتهاء مهلة الـ60 يوماً، في حال لم يلبّ الشركاء المطالب الإيرانية في القطاعين النفطي والمصرفي لتخفيف آثار العقوبات الأميركية.

وتطاول المرحلة الثانية من تقليص التعهدات النووية، رفع مستوى تخصيب اليورانيوم أكثر من الحدّ المتفق عليه 3.67% في الاتفاق النووي.