تهجير "طوعي"

تهجير "طوعي"

06 يوليو 2019
ضغوط على اللاجئين لدفعهم للعودة إلى سورية(جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
تصاعد الحديث أخيراً عن إعادة اللاجئين السوريين من بعض دول اللجوء إلى مناطقهم، بعد الترويج لعودة الاستقرار إلى تلك المناطق، بالتزامن مع تزايد التصريحات من قبل مسؤولين حكوميين في بعض الدول، خصوصاً دول جوار سورية، عن خطط لعودة اللاجئين، مترافقة مع كلمة "طوعية"، أي أن تلك الدول لن تجبر أي لاجئ على العودة، ولكنها ضمن خططها تعمل على تهيئة البيئة المناسبة له لكي يعود إلى الوطن بشكل طوعي وبلا إكراه.

هذا الأمر يبدو إيجابياً، وفق منطق تلك التصريحات، فاللاجئ في بلدان مثل لبنان وتركيا والأردن، يعيش فيها على أمل عودة الأمان إلى سورية كي يعود إليها بلا خطط أو برامج. ولكن على أرض الواقع نجد أن الخطط التي تعمل عليها دول الجوار السوري لإعادة اللاجئين بشكل "طوعي"، هي أشبه ما تكون بأيام "العمل الطوعي" التي كان يفرضها النظام السوري على الموظفين في القطاع العام، ويعاقب كل من يتخلّف عنها. كما تشبه المسيرات العفوية و"الطوعية" التي كانت تخرج في المناسبات في فترة ما قبل الثورة، ويُتهم بالعمالة من لا يستجيب لها. ولكن الحالة الأكثر شبهاً بهذه الخطط هي حالة التهجير الطوعية التي نفذها النظام بحق أهالي عدد من المناطق السورية بعد تجويعهم وجعلهم يطلبون "طواعية" التهجير من مناطقهم.

بالعودة إلى موضوع إعادة اللاجئين، نجد أن معظم الذين يتم العمل على إعادتهم من لبنان إلى سورية، تجري خطط إعادتهم من خلال التضييق عليهم في لبنان وحملات عنصرية ضدهم، من أجل دفعهم إلى العودة بلا وجود ضمانات تكفل عدم ملاحقتهم من قبل أجهزة النظام الأمنية، وبلا أدنى مقومات الحياة في المناطق التي سيعودون إليها. وكذلك الأمر بالنسبة للاجئين الذين تعمل الحكومة التركية على إعادتهم إلى الشمال السوري، فقد بدأت السلطات التركية تتشدد في تطبيق القوانين تجاه السوريين في الفترة الأخيرة، وأصبحت أدنى مخالفة لأي سوري تستوجب الترحيل إلى سورية. كما أدت التصريحات الحكومية المتشددة تجاه اللاجئين السوريين، إلى تصاعد الخطاب العنصري ضدهم من قبل بعض المواطنين الأتراك الذين يرفضون وجودهم، الأمر الذي يُشعر معظم اللاجئين بعدم الاستقرار والتفكير بالعودة إلى الشمال السوري بعد إغلاق خط اللجوء إلى أوروبا، على الرغم من الوضع الأمني والخدماتي المنعدم في تلك المناطق. يبدو أن قدر السوريين أن يقوموا دائماً بأفعال "طوعية" حتى لو كلفتهم حياتهم.