وفد عسكري إماراتي رفيع في طهران... ورسالة سعودية لإيران

وفد عسكري إماراتي رفيع في طهران... ورسالة سعودية لإيران عبر سويسرا

30 يوليو 2019
لقاءات ومباحثات مستمرة بين طهران وأبوظبي (Getty)
+ الخط -
وسط التوترات المتصاعدة في المنطقة، والمحاولات الأميركية والأوروبية لتشكيل تحالفات بحرية عسكرية في مواجهة إيران، وتأكيد الأخيرة السعي لإيجاد تحالف بحري مضاد، وإجراء مناورات بحرية، يطأ وفد عسكري إماراتي قدميه في طهران، للمشاركة في اجتماع عسكري مشترك.

وأعلنت الخارجية الإيرانية، اليوم الثلاثاء، أن وفداً عسكرياً إماراتياً رفيعاً وصل إلى طهران لعقد الاجتماع المشترك السادس لخفر السواحل بين البلدين. وكان الاجتماع الخامس قد انعقد عام 2013، ما يثير تساؤلات حول عدم تنظيم الاجتماع السادس طيلة هذه السنوات من جهة، والأسباب التي دفعت إلى عقد دورته السادسة في هذا التوقيت الحساس في المنطقة، من جهة أخرى.

وأفادت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، بأنّ الخارجية الإيرانية قد ذكرت اليوم، أنّه "في إطار التوافقات الحاصلة فإن وفداً مكوناً من سبعة من القادة الكبار في خفر سواحل دولة الإمارات، وصل إلى طهران للمشاركة في عقد الاجتماع السادس المشترك لخفر السواحل بين إيران والإمارات".

وأشارت الخارجية إلى أنّ الاجتماع سيبحث في "التعاون الحدودي وتوافد مواطني البلدين والدخول غير الشرعي أو من دون تنسيق، وتسهيل وتسريع تبادل المعلومات بين البلدين".
ويلتئم خفر السواحل الإماراتية والإيرانية في طهران، في وقت أشار فيه أكثر من مسؤول إيراني، خلال الفترة الأخيرة، إلى أن دولة الإمارات ترسل وفوداً تحمل رسائل إيجابية إلى إيران، لحل التوتر بين البلدين.

وفي هذا السياق، أعلن مسشتار المرشد الإيراني للشؤون الدفاعية، حسين دهقان، الأسبوع الماضي، في مقابلة تلفزيونية، أن الإمارات أوفدت "أشخاصاً إلى إيران يتحدثون عن السلام"، عازياً سبب ذلك إلى "فشلها في المنطقة".

وتأتي زيارة الوفود الإماراتية إلى طهران تزامناً مع سحب أبوظبي بعض قواتها العسكرية من مناطق يمنية، خلال الفترة الأخيرة، ما أثار تساؤلات حول علاقة الموضوع بهذه الزيارات، وإذا ما كانت الإمارات تسعى من وراء هذه الخطوة إلى تهدئة الأمور مع إيران.

وفي هذا السياق، وفي مقابلة تلفزيونية قبل أسبوعين، لمّح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إلى أن شيئاً ما يتحرك خلف الكواليس بين طهران وأبوظبي، قائلاً: "إن هناك مؤشرات على أن الإمارات بصدد اتخاذ سياسات جديدة في المنطقة، وهذا يصب في مصلحة حكومتها".

وأكد ظريف أن إيران "مستعدة لدعم الإمارات والسعودية في حال انفصلتا عن الفريق باء".

ويقصد ظريف بالمجموعة "باء" كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون.

كما أن المستشار السابق في وزارة الدفاع الإيرانية، أمير موسوي، قد كشف أخيراً أنّ مسؤولين إماراتيين زاروا طهران، وأنّ زياراتهم لا تزال متواصلة، قائلاً إنّ "المباحثات بين الطرفين جارية، وثمة مؤشرات حول احتمال حدوث تقارب ما".

وأضاف الدبلوماسي الإيراني السابق، أمير موسوي في حوار مع موقع "فرارو" الإيراني، أنّ "الإمارات تلقت رسالة حادة خلال استدعاء الخارجية الإيرانية القائم بأعمال سفارتها لدى طهران"، على خلفية انطلاق الطائرة المسيّرة الأميركية التي أسقطها الدفاع الجوي الإيراني خلال الشهر الماضي من الأراضي الإماراتية.

وأشار إلى أن الخارجية حذرت أبوظبي "من تحركاتها السرية ضد طهران"، قبل أن يؤكد أنّ "الحكومة الإماراتية أخذت الرسالة على محمل الجد بأن القوات المسلحة الإيرانية لن تسكت إذا ما تكررت هذه الحوادث".

وزعم موسوي أنّ أبوظبي "تعلم أن أي حركة صغيرة ضد إيران ستؤدي إلى انهيار منشآت وأمن هذه الدولة الزجاجية"، على حدّ وصفه، مشيراً إلى أن طهران أكدت لوفد إماراتي زارها أخيراً ضرورة تخلي أبوظبي عن تصرفاتها وسياساتها العدائية تجاه إيران.

ولفت إلى أن المسؤولين الإيرانيين وضعوا الإماراتيين أمام "تفاصيل تصرفاتهم"، مؤكدين أنه "يتم رصد ما تقوم به الأجهزة الاستخباراتية الإماراتية في كل من العراق وسورية ولبنان".

وفيما أشار موسوي إلى "وجود فرصة كي تعيد الإمارات النظر في سلوكها"، أكد أنّ اللقاءات والمباحثات بين طهران وأبوظبي مستمرة، متوقعاً التوصل إلى "التوقيع على اتفاقية عدم الاعتداء بين دول المنطقة في حال اتبعت الإمارات سلوكاً مناسباً".

وقال المستشار السابق في وزارة الدفاع الإيرانية "لدي علم بأن الزيارات مستمرة وربما تحقق نتائج"، مؤكداً أنّ أبوظبي "حصلت على تطمينات من طهران بأنها لا تسعى إلى الانتقام منها".

واعتبر موسوي أن الانسحاب الإماراتي من اليمن "خطوة واحدة"، داعياً أبوظبي إلى اتخاذ خطوات أخرى تجاه إيران. وتابع: "الإمارات فهمت أنّ عليها معرفة حدودها وأنها لا تملك شيئاً سوى المال، والدعم الإسرائيلي والأميركي"، مضيفاً أنها "أصبحت تتجه نحو طهران وأنه في حال تخلت عن سياساتها، فإن إيران مستعدة لتحتضنها كدولة صغيرة جارة".

كما أكد موسوي أنه "كلما تقترب منا الإمارات، تنخفض المواجهات في المنطقة"، معرباً عن قناعته بأنّ أبوظبي "باتت تعلم أنّ لصبر إيران حدودا، ولذلك وصلوا إلى نتيجة أن عليهم أن يتراجعوا قليلا أمامنا، لكننا ننتظر ماذا سيحدث في المستقبل".

وتأتي هذه التطورات في وقت، كشفت فيه وثائق ومواقع أجنبية طرقاً جديدة لتهريب النفط الإيراني من خلال الموانئ والمياه الإماراتية، وذلك بغرض تصديره إلى دول عدة في آسيا والشرق الأوسط.

تطورات العلاقة مع السعودية

ولا يقتصر حديث إيران على تطورات في العلاقة مع الإمارات، بل يتجاوزها ليشمل العلاقات مع السعودية أيضاً، إذ تحدث موسوي عن أن بلاده تلقت أخيراً رسالة من السعودية عبر سويسرا، لكنه لم يوضح فحواها، مشيراً إلى أنه "في حال رأت السعودية أن الإمارات تقترب من إيران، فهي أيضاً ستغير مواقفها".

وفي السياق، رحّب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، الأحد الماضي، بتصريحات المندوب السعودي في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، في وقت سابق من الشهر الجاري، والتي أعلن فيها استعداد الرياض للدبلوماسية في التعامل مع إيران، معتبرا أن ذلك "يحتاج إلى أرضية مشتركة".

كما أنّ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، اعتبر أمس الإثنين، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، تصريحات المعلمي بأنها "مؤشرات ورسائل إيجابية"، مشيراً إلى أن إيران "تدعو إلى حل مشاكل المنطقة عبر الحوار والتشاور بين الدول".

وأضاف أن بلاده قد "أكدت مراراً أنها مستعدة للتفاوض مع هذه الدول من دون شروط مسبقة، وأنها ترحب بأي جهود للتقارب معها". وأكد موسوي أنّ "ردّ إيران على أي رسالة إيجابية سيكون أكثر إيجابياً".

وكانت السعودية قد أفرجت، الأسبوع الماضي، عن ناقلة نفط إيرانية بعد رفضها ذلك لأشهر. وكانت الناقلة قد اضطرت إلى الرسو في ميناء جدة منذ قرابة الثلاثة أشهر لـ"عطل فني" أصابها. وأشارت السلطات الإيرانية سابقاً إلى أن الرياض ترفض الإفراج عن السفينة على الرغم من إصلاحها.