ماكرون يهاتف روحاني للمرة الثالثة خلال أقل من شهر

اتصال ثالث لماكرون مع روحاني خلال أقل من شهر... ماذا دار بينهما؟

30 يوليو 2019
تحاول فرنسا البحث عن حلول لإنقاذ الاتفاق النووي (Getty)
+ الخط -
أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء اليوم الثلاثاء، اتصالاً هو الثالث من نوعه مع نظيره الإيراني، حسن روحاني، خلال أقل من شهر، والرابع خلال الشهرين الأخيرين، في إطار جهود تبذلها فرنسا بحثاً عن حلول لإنقاذ الاتفاق النووي.

وجاء الاتصال الهاتفي مساء اليوم بين الرئيسين بعد أن تبادل مبعوثاهما زيارات إلى طهران وباريس، خلال الشهر الجاري، حيث زار مستشار ماكرون للشؤون الدبلوماسية، إيمانويل بون، إيران في العاشر من الشهر، ومكث فيها ليومين، حاملاً رسالة خاصة من الرئيس الفرنسي إلى نظيره الإيراني. كما أن الأخير أوفد المساعد السياسي للخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، مبعوثاً خاصاً له إلى فرنسا، في الثالث والعشرين من الشهر، للقاء ماكرون ونقل رسالة إليه.

وبحسب موقع الرئاسة الإيرانية، وصف روحاني وماكرون، خلال اتصالهما الليلة، نتائج زيارة مبعوثيهما، بـ"الإيجابية"، من دون الكشف عن التفاصيل.

وقال الرئيس الإيراني إن "أوروبا ضيعت فرصا كثيرة للعمل بتعهداتها والتعاون مع إيران"، مشيرا إلى أن "إقامة علاقات اقتصادية طبيعية في المجالين النفطي والمصرفي هي الخطوة الأولى لأوروبا لتنفيذ تعهداتها المتوقعة من إيران".

وأضاف روحاني أن "الهدف من الاتفاق النووي كان إقامة علاقات اقتصادية طبيعية لإيران مع بقية الدول"، لافتا إلى أنه بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ "وعلى الرغم من التزام إيران بكامل تعهداتها إلا أنها لم تحصل إلا على جزء زهيد من منافعها الاقتصادية".


ومضى قائلا إنه "بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، لم نلمس أي خطوة جادة من أوروبا، بل إن شركات أوروبية انسحبت من إيران، امتثالا للعقوبات الأميركية الأحادية".
وقدم الرئيس الإيراني هذه السردية ليؤكد أنه "لم يعد مقبولا للشعب الإيراني أن تنفذ طهران كامل تعهداتها، بينما الطرف الآخر لا يلتزم بأدنى تعهداته".

ودعا روحاني أوروبا إلى "تأسيس خط ائتمان" للتجارة مع إيران، معتبرا أن ذلك "يمكن أن يشكل مقدمة مهمة" لتنفيذ الدول الأوروبية "تعهداتها تجاه الاتفاق النووي".

وفيما قال روحاني إن "أوروبا ضيعت فرصا كثيرة"، أكد في الوقت نفسه أنه "كلما مضى الوقت أكثر فأكثر وتنفذ إيران خطواتها المقبلة لتقليص تعهداتها النووية، صعبت أكثر العودة إلى الوراء للطرفين".

لكنه أشار إلى أن "الخطوات التي اتخذتها إيران حتى هذه المرحلة تكون على نحو يمكن أن تعود عنها سريعا في حال تم تأمين منافعها الاقتصادية من قبل أوروبا".

وبدوره، قال الرئيس الفرنسي خلال اتصاله الهاتفي مع روحاني إن "فرنسا ستبذل كامل جهدها في سبيل تأمين منافع إيران من الاتفاق النووي وإقامة علاقات اقتصادية طبيعية لها مع بقية الدول"، وفقا لما أورده موقع الرئاسة الإيرانية.

ووصف ماكرون العقوبات الأميركية على إيران بأنها "أحادية وغير مقبولة"، مضيفا أن "أوروبا وعلى الرغم من هذه العقوبات تبحث عن حلول لإقامة علاقات اقتصادية مع إيران، منها تأسيس خط ائتمان".

ودعا ماكرون إلى بذل جهود "لتجاوز هذه الظروف"، مشيرا إلى أن علاقات بلاده مع إيران "مبنية على ثقة متبادلة"، كما أكد "ضرورة المزيد من التعاون والتسريع في إيجاد الحلول المناسبة والعادلة لخفض التوترات في المنطقة والتوصل إلى نتيجة إيجابية".

ويتضح من تصريحات الرئيسين أن الحراك الفرنسي لم يتوصل بعد إلى نتيجة وحلول تحقق لإيران مطالبها الاقتصادية من جهة، وتحقق لأوروبا وبقية الأطراف مطلب تنفيذ إيران كامل تعهداتها النووية من جهة أخرى، لينتهي الأمر إلى إنقاذ الاتفاق النووي، ومن ثم خفض التوترات في المنطقة، والتي تقول طهران إنها تعود إلى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.


وبموازاة اتصالاته الدبلوماسية مع إيران، يجري الرئيس الفرنسي محاولات مع نظيره الأميركي دونالد ترامب لإقناعه بتخفيف العقوبات الاقتصادية، لتعود طهران إلى تنفيذ كامل تعهداتها النووية.

وفي هذا السياق، تقول مصادر إعلامية إيرانية إن ماكرون قد تقدم بمقترح "تجميد مقابل تجميد" لإيران، خلال زيارة مبعوثها إلى طهران، إيمانويل بون، وهو يعني أن تجمد إيران خلال هذه المرحلة تقليص تعهداتها النووية مقابل أن توقف واشنطن عقوبات في المجال النفطي، بحيث تمنح إعفاءات لبعض مشتري النفط الإيراني لمواصلة شرائه.

لكن خرجت بعد ذلك تصريحات من طهران، أكدت أن المقترح لم يلق قبولها، حيث أشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الأربعاء الماضي، إلى أن دولا، لم يسمها، "قدمت مقترحات كثيرة لنوقف تقليص تعهداتنا، على أساس أن تقوم الأطراف الأخرى بخطوات". وأكد روحاني أن هذه المقترحات "لم تكن متوازنة ومتعادلة وفي حال كانت متوازنة لقبلناها".

وبعد الرفض الإيراني، ليس واضحا بعد ما إن كان ماكرون قد قام بتحسين مبادرته لإقناع الجانب الإيراني بها، أو أنه يبحث عن حلول جديدة.
وجاء اتصال ماكرون مساء اليوم بروحاني، بعد أيام من اجتماع اللجنة المشتركة للدول الأعضاء في الاتفاق النووي، المنعقد في فيينا، الأحد الماضي. وعلى الرغم من أن إيران وصفت الاجتماع بأنه "كان بناء وإيجابيا" فإنها أشارت في الوقت نفسه إلى أنه "لم يحصل فيه أي اتفاق بينها وبين المجموعة 1+4"، مهددة في الوقت نفسه بأنها ستقدم على تنفيذ المرحلة الثالثة من تخفيض تعهداتها النووية في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، في حال لم تلب مطالبها المتمثلة في بيع نفسها وتسهيل معاملاتها المصرفية من قبل الدول الأوروبية.

وبالتزامن مع الجهود الفرنسية لخفض التوترات في المنطقة من بوابة الحفاظ على الاتفاق النووي، عبر السعي للتوصل إلى "هدنة اقتصادية" في الحرب الاقتصادية الأميركية ضد إيران، أشار إليها ماكرون خلال اتصاله الهاتفي مع روحاني في الثاني من الشهر الجاري، تقوم دول أخرى مثل العراق وسلطنة عمان بجهود دبلوماسية مماثلة لنزع فتيل هذه التوترات المتصاعدة، التي بدأت تدخل مرحلة جديدة بعد إعلان كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية عن اعتزامهما تشكيل تحالفات بحرية في مواجهة "تهديدات إيرانية" في مياه المنطقة، الأمر الذي ردت عليه طهران بالكشف عن جهود تبذلها لتشكيل تحالف مضاد وإجراء مناورات عسكرية بحرية.

وفي سياق التحركات الدبلوماسية الجديدة، قام رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، خلال الأسبوع الماضي، بزيارة خاطفة إلى إيران، قالت مصادر إعلامية إنها حملت ملفات داخلية عراقية وأخرى إقليمية، في مقدمتها تصاعد التوترات في المنطقة على خلفية أزمة الناقلات بين طهران ولندن.

كما أن وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، زار إيران السبت الماضي ومكث فيها يومين، والتقى خلالها بالرئيس روحاني ونظيره الإيراني ومسؤولين آخرين.

المساهمون