الجزائر: تجدد تظاهرات الطلبة... والجيش يصف مطالب المعارضة بـ"الإملاءات"

الجزائر: تجدد تظاهرات الطلبة... وقائد الجيش يصف سلّة مطالب المعارضة بـ"الإملاءات"

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
30 يوليو 2019
+ الخط -
أعلن الجيش الجزائري عن مواقف متشددة إزاء الشروط السبعة التي أعلنتها "هيئة الحوار الوطني" المتعلقة باستبعاد حكومة نور الدين بدوي والإفراج عن الناشطين المعتقلين وإنهاء إغلاق العاصمة يوم الجمعة، ووصفها بـ"الدعوات المشبوهة والإملاءات المرفوضة". جاء ذلك بالتزامن مع خروج المئات من طلبة الجامعات في مظاهرات وسط العاصمة، في الثلاثاء الـ23 من الحراك الطلابي الرافض لبقاء رموز نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وسط تعزيزات أمنية بقلب العاصمة.

ورفض قائد أركان الجيش مطلب إقالة واستبعاد حكومة نور الدين بدوي قبل مباشرة أي حوار سياسي وتمسك ببقاء الحكومة إلى ما بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وقال قائد صالح في خطاب جديد ألقاه خلال حفل تكريم الطلبة النجباء في مدارس أشبال الأمة "نؤكد من جديد أن مؤسسات الدولة تعد خطا أحمر لا تقبل المساومة والشروط المسبقة والإملاءات غير القانونية من أي جهة كانت، وستستمر في أداء مهامها، إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، الذي له كامل الصلاحيات لمباشرة الإصلاحات الضرورية"، موضحا أن "الشعب واع أكثر من أي وقت مضى ولا يمكن تغليطه أو دفعه إلى متاهات محفوفة بالمخاطر".

وذهب قائد الجيش بعيدا في مواقفه المتشددة، حث وصف دعوة فريق الحوار والقوى السياسية والمدنية إلى تخفيف الإجراءات الأمنية المتعلقة بمراقبة مداخل العاصمة أيام الجمعة لتقليص دخول المتظاهرين بـ"الدعوة المشبوهة".

وقال في هذ الصدد "بخصوص الدعوة المشبوهة وغير المنطقية المطالبة بتخفيف الإجراءات الأمنية المتخذة على مداخل العاصمة والمدن الكبرى، أود التوضيح أن هذه التدابير الوقائية التي تتخذها مصالح الأمن لتأمين المسيرات، هي في مصلحة الشعب وحماية له وليس العكس، وهو الأمر الذي لطالما أكدنا عليه أكثر من مرة بضرورة تنظيم وتأطير المسيرات لتفادي اختراقها".

وأكد قائد الجيش الجزائري على أنه "من غير المقبول التشكيك في نوايا وجهود مصالح الأمن، ومن غير الأخلاقي تشويه الحقائق واختلاق الأكاذيب، بغرض إعطاء نفس جديد لأصحاب النوايا الخبيثة، الذين يعملون على تأجيج الوضع وإطالة أمد الأزمة".

وكان قائد الجيش يشير إلى سلة مطالب واشتراطات مسبقة طرحتها قوى المعارضة قبل بدء أي حوار سياسي ونقلها فريق إدارة الحوار الوطني إلى رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، الخميس الماضي.


وتتعلق الاشتراطات بالإفراج عن المعتقلين في الحراك بشكل عاجل وفي أقرب وقت، واحترام الطابع السلمي للمظاهرات من طرف قوات الأمن، ووقف أعمال العنف والاعتداء ضد المتظاهرين السلميين، وضمان حرية الإعلام وفك الحصار عن العاصمة خلال المسيرات واستبعاد حكومة نور الدين بدوي الحالية واستبدالها بحكومة توافقية وتكنوقراطية غير متحزبة.

واعترض قائد الجيش، الذي بدا في صورة الحاكم الفعلي للبلاد، على مطلب الإفراج عن الناشطين الموقوفين ضمن شروط التهدئة السابقة للحوار السياسي، مشيرا إلى أن هؤلاء الموقوفين بيد العدالة السيدة في قرارها.

ويفهم موقف قائد الجيش كرسالة إلى القضاء بعدم الإفراج عن الناشطين الموقوفين، برغم أن محكمة جزائرية كانت قد أفرجت، أمس، عن اثنين منهم، كما أنه يضع فريق الحوار أمام امتحان عسير، بعدما كان رئيس هيئة الحوار كريم يونس قد ربط، الأحد الماضي، استمرار عمل اللجنة بتنفيذ السلطة لسلة الشروط السبعة، وهدد بتعليق عمل اللجنة أو حل نفسها.

واعتبر صالح أنه "لا مجال للمزيد من تضييع الوقت، فالانتخابات هي النقطة الأساسية التي ينبغي أن يدور حولها الحوار، بعيدا عن أسلوب وضع الشروط المسبقة التي تصل إلى حد الإملاءات، فمثل هذه الأساليب والأطروحات مرفوضة شكلا ومضمونا، لأن الجزائر بحاجة إلى من يضحي من أجلها ويقدم المصلحة العليا للوطن على ما سواها، ويتحلى بالنزاهة والحكمة والهدوء والرزانة وبعد النظر، ويرفع مستوى النقاش ويترفع عن القضايا الهامشية ويبتعد عن المزايدات".

وتعهد بتوفير الإمكانيات اللازمة والضرورية لتنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب الآجال، وقال "نظرا للتهديدات والمخاطر المحدقة ببلادنا، نؤكد مرة أخرى أن قيادة الجيش ستقف بالمرصاد لكل المحاولات الهدامة والنوايا الخبيثة التي انكشفت أهدافها الحقيقية، وتعمل بكل عزم وإصرار على تعزيز مرافقة الشعب الجزائري ومؤسسات الدولة للمضي قدما نحو توفير الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية".

وتوجه قائد صالح بالتحذير مجددا لقوى سياسية ومدنية تتمسك بمطلب مرحلة انتقالية يقودها رئيس انتقالي وقال "نحذر الأبواق التي ما زالت تدعو للابتعاد عن الدستور، والسقوط في فخ الفراغ الدستوري الذي يعد البوابة المباشرة المؤدية إلى الفوضى والمجهول، ونؤكد أن طريق الخلاص هو تبني نهج الحوار النزيه، المبني على النوايا الصادقة والمخلصة، التي تمكن بلادنا من التغلب على الصعاب، وشق طريقها نحو التقدم والرقي، ووضع معالم مستقبلها الواعد".

تظاهرات طلابية جديدة: "لا حوار مع العصابة"

في غضون ذلك، خرج المئات من طلبة الجامعات الجزائرية، اليوم، في مظاهرات وسط العاصمة، في الثلاثاء الـ23 من الحراك الطلابي الداعم للحراك الشعبي الرافض لبقاء رموز نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وسط تعزيزات أمنية بقلب العاصمة الجزائرية.

وجددت المظاهرات الطلابية اليوم في الجزائر المطالبة برحيل رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، وأعلنت الاستمرار في الحراك لغاية تحقيق مطالب الشعب منذ الـ22 من فبراير الماضي.

ولم تمنع حرارة شهر يوليو/ تموز الطلبة من التظاهر، خاصة بعد الكشف عن فريق الحوار الوطني لإجراء حوار غير مباشر مع السلطة، وهو ما يرفضه الطلبة عبر رفعهم لشعار "لا حوار مع العصابة"، ويرى الطلبة المشاركون في احتجاجات اليوم أن الحوار غير متكافئ بسبب عامل تغييب عنصر الشباب عن الحوار الذي تديره هيئة مستقلة.

وتجمع الطلبة في ساحة الشهداء، وسط العاصمة الجزائرية، وساروا باتجاه ساحة البريد المركزي عبر شارع العربي بن مهيدي وساحة الأمير عبد القادر، وسط مرافقة أمنية دون حدوث مناوشات بين الطرفين.

واعتبر الطالب في كلية العلوم السياسية يونس بوهالي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن طلبة الجامعات "هم صمام الأمان للحراك الشعبي"، موضحا أن "الشباب الواعي هو الذي يصنع اللحظات الفارقة في تاريخ الجزائر".

وواصل بوهالي قائلا إنه "على الشعب أن يواصل الاحتجاجات حتى تذعن السلطة الفعلية للمطالب، ففي ظل وجود حكومة غير شرعية لا يمكن الاطمئنان لأي مبادرات لإيجاد الحلول الناجعة"، بحسب تصريحه.

كما رفع الطلبة الذين جابوا شوارع وسط العاصمة ضمن شعاراتهم مطلب "تحرير الجامعة" ورفع الأيدي عنها من طرف "عصابة الفساد".

وأكدت الطالبة نورة بن صافي لـ"العربي الجديد"، أن الجامعة الجزائرية "ما زالت تحت سيطرة جماعات تفرض منطق اللاكفاءة في الوصول إلى مراتب عالية"، موضحة أن "ما نشاهده" في هرم السلطة في الجزائر من "المسؤولين عن الفساد موجود في الجامعة ونخر دورها وهمش الكفاءات".

كما لم تخل شعارات الطلبة اليوم في مظاهرات الشهر السادس من توجيه رسالة للسلطة التي قمعت بعض الشباب خلال الاحتجاجات، من مثل شعار "قابلونا بالقمع قابلناكم بالابتسامة"، فضلا عن شعار "سلميين سلميين وماراناش حابسين"، وهو الشعار الذي صدحت به حناجر الطلبة كلما اقتربوا من رجال الأمن وقوات مكافحة الشغب، ما يدل على أن الطلبة يصرون على مواصلة الاحتجاجات لغاية تحقيق المطالب.


اللافت أن الطلبة كل يوم ثلاثاء يخرجون للشوارع وخصوصا بالعاصمة الجزائرية، إذ يصرون على مواصلة المسيرات كما أعلنوا في شعارهم "صامدون صامدون وللعصابة رافضون"، في انتظار ما ستسفر عنه اجتماعات لجنة الحوار.

وتعد مسيرات الطلبة ككل يوم ثلاثاء منذ بدء الحراك الشعبي، محركا متجددا لمطالب شريحة مهمة في المجتمع الجزائري، وتواصل بذلك الضغط على السلطة لتنفيذ المطالب الشعبية وإحداث التغيير المنشود من مختلف الفعاليات المجتمعية وتحقيق آمال الشعب في مواجهة الفساد وتطبيق القانون.

 



دلالات

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.