إيران تهدّد بتنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها النووية

إيران تهدّد بتنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها النووية

29 يوليو 2019
إيران تصعد لهجتها (أليكس هالادا/فرانس برس)
+ الخط -
بعد يوم من اجتماع اللجنة المشتركة للأطراف المشاركة في الاتفاق النووي في فيينا، أعلنت إيران أنها لا تزال بانتظار "خطوات عملية" من الدول الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي، مهددة في الوقت نفسه بأنه في حال "لم تحصل نتيجة ترضيها ستنفذ المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها النووية بقوة"، وذلك على الرغم من وصفها مباحثات فيينا بـ"البناءة والجيدة".

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، اليوم الإثنين، إن اجتماع فيينا، المنعقد أمس الأحد على مستوى المدراء السياسيين ومساعدي وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتفاق النووي، "كان خطوة إلى الأمام وجرت فيه مباحثات صريحة"، مشيرا إلى أنه "لم يحصل في الاجتماع اتفاق خاص بين إيران والمجموعة 4+1".
وأضاف أن "هناك جهودا دبلوماسية تبذل لإنقاذ الاتفاق النووي في إطار اتصالات ثنائية أو اللجنة المشتركة للاتفاق"، مؤكدا في الوقت نفسه أن بلاده لا تتخذ قراراتها بناء على بيانات أوروبية "وهي لا تزال تنتظر خطوات عملية أوروبية".
وحول اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي على مستوى وزراء الخارجية، قال موسوي إن هذا الاجتماع بحاجة إلى "تحضيرات"، لافتا إلى أنه "في حال أدت بعض التوافقات إلى نتيجة سينعقد إثر ذلك اجتماع وزراء الخارجية"، من دون أن يكشف عن هذه التوافقات.
وأوضح أن إيران ستقرر بعد هذا الاجتماع حول تنفيذ المرحلة الثالثة من تخفيض تعهداتها النووية.
وفي معرض رده على سؤال حول قناة "إنستكس" المالية التي أعلنت الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) تدشينها في الثالث من الشهر الجاري لمواصلة التجارة مع إيران في "سلع إنسانية"، قال موسوي إن "تفعيل إنستكس ليس هدفا كبيرا لإيران وإنما هو مقدمة لتنفيذ التعهدات الأوروبية".

رفض مقترح إيراني

كما كشف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أن الإدارة الأميركية رفضت مقترحا تقدم به وزير الخارجية محمد جواد ظريف أثناء زيارته لنيويورك خلال الشهر الماضي، في حديثه لمندوبي الرأي العام الأميركي، مفاده أن "توقع إيران بشكل أسرع على البروتوكول الإضافي مقابل رفع العقوبات الأميركية".
وبحسب موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن البروتوكول الإضافي، ليس اتفاقاً قائماً بذاته، بل هو بروتوكول لاتفاقِ ضماناتٍ يوفر أدوات إضافية للتحقُّق من البرنامج النووي للدول. ويزيد البروتوكول الإضافي بدرجةٍ كبيرةٍ من قدرة الوكالة على التحقُّق من الاستخدام السلمي لجميع المواد النووية في الدول المرتبطة باتفاقات ضمانات شاملة.
وحول تفاصيل المقترح، قال موسوي إن "أحد بنود الاتفاق النووي ينص على أنه بعد تنفيذ الاتفاق النووي حتى العام 2023، تقوم الجمهورية الإسلامية بموجب تعهداتها بإقرار البروتوكول الإضافي في مجلس الشورى الإسلامي ليصبح قانونا دائما يتم تنفيذه".
وأضاف موسوي إنه بموجب هذا البند "تعهدت أميركا أن تتقدم بمشروع قرار إلى الكونغرس لإلغاء العقوبات على إيران"، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الإيراني اقترح على الجانب الأميركي "تنفيذ هذا البند بحيث يتم اتخاذ هذه الإجراءات في العام 2019 وليس في 2023".

الوجود الأجنبي

وفي معرض حديثه حول جهود بريطانية لتشكيل تحالف بحري عسكري في المنطقة، قال المتحدث الإيراني إن "مصدر جميع التوترات في المنطقة هو وجود القوات الأجنبية فيها"، مؤكدا أنه "لا سبيل لضمان الأمن" في الخليج ومضيق هرمز إلا من خلال تعاون جميع الدول في المنطقة.
واعتبر المقترح البريطاني لبناء التحالف بأنه "يزيد التوتر ولن يساعد في تحقيق الأمن"، قائلا إن "إيران ودول المنطقة هي التي تؤمن أمنها".
ودعا موسوي الدول الأوروبية إلى رفض الدخول في تحالفات بحرية في المنطقة والتي قال إنها "غامضة ومبنية على أوهام".

وفي السابع من الشهر الجاري، نفذت إيران المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، التي شملت رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 4.5%، متخطية عتبة الـ 3.67% المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
وبعد تنفيذ المرحلة الثانية، أطلقت طهران تهديدات بأنها قد تنتقل للمرحلة الثالثة وتشمل رفع مستوى التخصيب إلى أكثر من 20%، ملوحة في الوقت نفسه بالانسحاب من الاتفاق النووي.
وتؤكد طهران أن الأطراف الأوروبية "لم تف بتعهداتها" حتى اللحظة، وأن قناة "إنستكس" رغم إعلان تدشينها، لم تنفذ أي عمليات مالية بعد.


وتشترط طهران تمكينها من بيع نفطها وتسهيل معاملاتها المالية والمصرفية لكي تنفذ كامل تعهداتها النووية المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

أزمة الناقلات

وحول أزمة الناقلات بين طهران ولندن، قال موسوي إن وفد بلاده طرح مسألة توقيف بريطانيا للناقلة الإيرانية في جبل طارق خلال اجتماع فيينا أمس الأحد، "لأن ذلك من وجهة نظرنا خرق للاتفاق النووي".
وأضاف أن الجانب البريطاني طرح "أسباب ذلك"، مشيرا إلى أنه "تم التأكيد بأن إيران لا يمكنها أن تقبل بأن يتم ضبط حمولتها من النفط من قبل دولة أوروبية لسنا خاضعين لعقوباتها".
وعلى صعيد متصل، نشر "الحرس الثوري الإيراني" اليوم الإثنين تسجيلا مصورا تضمن مكالمات هاتفية بين القوات البحرية التابعة للحرس وسفينة حربية بريطانية، أثناء احتجاز القوات الإيرانية ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو".
وتطالب القوات الإيرانية في هذا التسجيل، السفينة البريطانية الحربية بعدم التدخل في عملية توقيف الناقلة البريطانية.
وتقول القوات الإيرانية في التسجيل: "سفينة F-236 البريطانية، ... لا تتدخلي في هذه المسألة"، أي في عملية التوقيف، لترد السفينة البريطانية "أنا في محاذاة المسار الدولي (للملاحة) والسفينة التجارية بالقرب مني وهي في حالة تجارة المرور".
لكن ردت القوات الإيرانية على السفينة الحربية البريطانية بالقول "لا تخاطروا بأرواحكم".
ونشأت أزمة الناقلات بين إيران وبريطانيا على خلفية احتجاز الأخيرة في الرابع من الشهر الجاري، ناقلة النفط الإيرانية في مياه جبل طارق، لتطلق طهران بعد ذلك دعوات بالإفراج "الفوري" عنها وفي الوقت نفسه تهديدات بالرد بالمثل.
وفي التاسع عشر من الشهر، نفذت إيران هذه التهديدات باحتجازها ناقلة النفط البريطاني "ستينا إمبيرو"، لكنها رسميا عزت الاحتجاز إلى "انتهاكاتها لقوانين الملاحة الدولية".
مع ذلك، يؤكد مسؤولون إيرانيون أن الخطوة جاءت ردا على احتجاز بريطانيا الناقلة الإيرانية.

بومبيو "منفعل"
وبخصوص إعلان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، استعداده لزيارة إيران وإجراء مقابلات مع وسائل الإعلام الإيرانية، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ذلك بأنه "خطوة منفعلة تندرج في إطار الحرب النفسية"، مضيفا أن زيارة ظريف إلى الولايات المتحدة "ليست في إطار ثنائي فيما الأميركيون مكلفون وفقا لقوانين الأمم المتحدة بتوفير إمكانية زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى هناك" للمشاركة في اجتماعات أممية.
وأوضح أن "مراسلين إيرانيين قد طلبوا من بومبيو إجراء مقابلات معه، لكنه رفض ومن المستغرب أنه طرح هذا الموضوع مجددا".
وأشار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إلى أن بلاده "لم تلمس أي مؤشرات حول وجود رغبة لدى أميركا في إجراء حوار جاد"، مؤكدا أن "واشنطن لا تسعى إلى تفاوض يؤدي إلى نتيجة صحيحة".
وحول ما إذا كان التقى وزير الخارجية الإيراني أثناء وجوده في نيويورك الشهر الماضي بالسيناتور الأميركي راند باول، أكد موسوي بشكل غير مباشر حصول هذا اللقاء، قائلا إن "السيد ظريف عندما يزور نيويورك لمهمات أممية يلتقي بأطراف أميركية بناء على طلبها، وهذه الأطراف يمكن أن تكون ممثلي الشعب ونواب الكونغرس أو وسائل الإعلام الأميركية".
وأوضح أن ظريف خلال هذه اللقاءات "يشرح غالبا مواقف إيران بصراحة وشفافية للأميركيين وخاصة للرأي العام والشخصيات المتنفذة"، مشيرا إلى أنه "لا يحصل خلال هذه الزيارات أي لقاء مع أي مسؤول حكومي".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد قال حينها، إنه سمح للسيناتور الأميركي الجمهوري المقرب منه بالتفاوض مع إيران.
ولم يُكشف بعد عما دار بين ظريف وباول، لكن على الأغلب يكون وزير الخارجية الإيراني قد حمّل السيناتور الأميركي مقترحه الذي تحدث عنه اليوم الإثنين، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حول استعداد إيران التوقيع على البروتوكول الإضافي مقابل رفع واشنطن عقوباتها عن طهران. لكن موسوي قال إن الإدارة الأميركية رفضت هذا المقترح.
كما أن تصريحات ظريف بعد عودته من نيويورك وتأكيده أنه "لا تفاوض مع الإرهابيين" في إشارة إلى أن الإدارة الأميركية "تمارس إرهابا اقتصاديا" ضد بلاده، تؤكد أن اللقاء مع باول لم يحقق أي اختراق في موضوع التفاوض مع واشنطن.