المعارضة السودانية ترفض تحقيقاً يبرّئ العسكري من مجزرة الخرطوم

المعارضة السودانية ترفض نتائج تحقيق يبرّئ العسكري من مجزرة فضّ اعتصام الخرطوم

27 يوليو 2019
مطالب بتحقيق مستقل وبمراقبة دولية (Getty)
+ الخط -
رفضت المعارضة السودانية، اليوم السبت، نتائج لجنة التحقيق التابعة للنيابة العامة حول فض اعتصام الخرطوم، وتمسكت بضرورة تحقيق مستقل بمراقبة إقليمية.

وقال الناطق باسم "جمع المهنيين السودانيين"، إسماعيل التاج، في مؤتمر صحافي، إنّ تلك النتائج شكّلت صدمة للشارع السوداني وللمجتمع الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أن تقرير اللجنة تحدث عن مقتل 87 شخصاً من المعتصمين في حين أن العدد الحقيقي يصل إلى 130 قتيلاً.

وأشار التاج إلى أنّ اللجنة الحكومية لم تتطرق في تقريرها لنحو 38 من المفقودين الذين لم يعثر عليهم بعد مجزرة فض الاعتصام، لافتاً في السياق إلى أنّ "الصدمة الكبرى هي نفي التقرير وجود حالات الاغتصاب رغم الإفادات التي أدلت بها الكثير من المعتصمات".

ورأى أنّ صدور التقرير يؤكّد ضرورة إصلاح المؤسسات العدلية وأن التقرير يعد تقويضاً لمجري العدالة، داعياً في الوقت نفسه للتحقيق مع أعضاء اللجنة التي أعدت التقرير.

وشدد على أنّ قوى إعلان الحرية والتغيير مصرّة على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة بموجب الاتفاق السياسي مع المجلس العسكري.

من جهة ثانية، أوضح تاج أن قوى الحرية والتغيير أعدّت تصورها للشكل النهائي للوثيقة الدستورية، التي سيتم التفاوض حولها مع المجلس العسكري، يوم غد الأحد كما هو مقرر، مبيناً أن الوثيقة شددت على منح حصانات إجرائية لأعضاء مجلس السيادة على أن يتم سحب الحصانات بموجب قرار من المجلس التشريعي بأغلبية الثلثين، مع منح مجلس السيادة صلاحيات محدودة لا تصل حد رفض أي قرارات يصدرها مجلس الوزراء.

بدوره، قال حزب "المؤتمر السوداني"، في بيان السبت، "كما هو متوقع لم تخيّب لجنة التحقيق الظنون بها، إذ بثت تقريراً تمت صياغته بهدف واحد لا غير، هو إخفاء الحقائق ودفنها تحت الركام".

وأضاف: "أنكر التقرير أيضاً حدوث اغتصابات داخل محيط الاعتصام، وهو ما يخالف تقريراً معتمداً لمنظمات عديدة دونت هذه الجرائم ووثقت لاغتصاب عدد كبير من الرجال والنساء". وشدد: "هي وقائع ثابتة، تشبه إلى درجة كبيرة الممارسات الراتبة التي ظلت تحدث في مناطق الحروب في السودان كأدوات للإذلال ولتنفيذ مشاريع الإبادة الجماعية".

وتابع: "نرفض ما جاء في تقرير لجنة التحقيق هذه، ونؤكد ضرورة أن تضطلع الحكومة الانتقالية المدنية بمهمة إجراء تحقيق مستقل وشفاف تستعين به بإشراف إقليمي بهدف كشف الحقائق كاملة، وتقديم المتورطين لمحاكمات عادلة".

من جهته، قال القيادي بقوى "الحرية والتغيير"، محمد ضياء الدين، عبر صفحته على "فيسبوك"، إن "لجنة التحقيق المستقلة حول مجزرة فض الاعتصام (ستتشكل) عند تكوين السلطة الانتقالية المدنية بنص الوثيقة الدستورية".

من جهته، أفاد القيادي بقوى "الحرية والتغيير"، محمد الحسن المهدي، عبر صفحته على "فيسبوك"، بأن "تقرير لجنة التحقيق التي كونها المجلس العسكري لا يعنينا في شيء".

في هذه الأثناء، اعتبر القيادي في الحرية والتغيير، مدني عباس مدني، عبر صفحته على "فيسبوك"، أن "ما خرجت به لجنة التحقيق لن يكون ذا قيمة للجنة التحقيق المستقلة، ولن يحول دون تكوينها وقيامها بمهامها، قضايا الشهداء والانتهاكات التي حدثت قضايا لا يحجبها أي اتفاق سياسي ولن تسقط بالتقادم".


التحقيق يبرّئ العسكري.. ويقدّم ضباطاً كبش فداء

وفي وقت سابق اليوم، برأت لجنة تحقيق حكومية، المجلس العسكري الانتقالي، من إصدار أية أوامر بفض اعتصام محيط قيادة الجيش السوداني في الثالث من يونيو/ حزيران الماضي، واتهمت اللجنة في الوقت نفسه ثمانية من الضباط بالتورط في الحادثة، وقررت تحريك إجراءات جنائية ضدهم تحت مادة الجرائم ضد الإنسانية.

وقال رئيس لجنة التحقيق التي شكلها النائب العام السوداني، فتح الرحمن سعيد، في مؤتمر صحافي اليوم السبت، لكشف نتائج التحقيق، إن اللجنة الأمنية التابعة للمجلس العسكري أصدرت فقط تعليمات للقوات المشاركة بتنظيف منطقة كولمبيا القريبة من منطقة الاعتصام بعد انتشار عدد من الممارسات السالبة فيها، مؤكدة أن تحرياتها أثبتت أن اللجنة لم توجه مطلقاً بفض الاعتصام.

ونظم السودانيون منذ 6 إبريل/ نيسان الماضي اعتصاماً شارك فيه الملايين للمطالبة بتنحي نظام الرئيس عمر البشير، وهو ما حدث في 11 من الشهر نفسه لكن الاعتصام استمر من أجل الضغط على تحقيق مطالب أخرى للثورة.

لكن وفي الثالث من الشهر الماضي، تمكنت وحدات عسكرية مختلفة من الدخول إلى ساحة الاعتصام وفضه، ما نتج عنه مقتل أكثر من مائة من المعتصمين وعشرات المصابين، إلى جانب عشرات من حالات الاغتصاب، وذلك حسب ما أعلنته "قوى الحرية والتغيير".

غير أن رئيس لجنة التحقيق، فتح الرحمن سعيد، ذكر أن الرقم الحقيقي للقتلى 87 قتيلاً، و168 مصاباً، نافياً وجود أي بلاغ بحالة اغتصاب أو القتل حرقاً، مبيناً أن الجثتين اللتين عثرا عليهما في النيل في منطقة أم درمان لا علاقة لهما بساحة الاعتصام.

وأوضح أن اللجنة سلمت تقريرها للنائب العام الذي قرر تحريك إجراءات جنائية ضد ثمانية من الضباط، أحدهم برتبة لواء ركن، اتُهموا بمخالفة التعليمات بتجاوز مهمة تنظيف منطقة كولمبيا إلى دخول ساحة الاعتصام وفضه، مشيراً إلى أن المتهمين سيقدّمون للمحاكمة بتهمة الجرائم ضد الإنسانية التي تصل العقوبة فيها إلى السجن المؤبد أو الإعدام بموجب القانون الجنائي السوداني.

وأضاف سعيد أن اللجنة استجوبت كل من له صلة من القوات النظامية بحادثة فض الاعتصام، كما استمعت لنحو 59 شهادة، فيما اطلعت على عشرات الوثائق وتقارير تشريح القتلى وفحصت الأعيرة النارية، وشاهدت العشرات من مقاطع مصورة.

وأوضحت أنّ الضباط المتهمين أدخلوا قوات عسكرية غير مكلفة بالمشاركة في تنظيف منطقة كولمبيا، كما كشفت عن وجود ملثمين أطلقوا الأعيرة النارية تجاه المعتصمين فضلاً عن وجود قناصة في أحد المباني القريبة كانوا يطلقون النار.

وفي 3 يونيو/ حزيران الماضي، شكل النائب العام السابق الوليد سيد أحمد محمود، لجنة تحقيق في حادثة فض الاعتصام أمام قيادة الجيش بالخرطوم. وتضم اللجنة، وفق قرار النائب العام، رؤساء نيابات عامة، ووكلاء أعلى نيابات، ووكلاء أوائل نيابات، وممثلين للشرطة، وللقضاء العسكري.

المساهمون