المؤسسات الغربية المانحة تنتظر لائحة قانون العمل الأهلي المصري

المؤسسات الغربية المانحة تنتظر لائحة قانون العمل الأهلي المصري

23 يوليو 2019
ينتظر القانون الجديد تصديق السيسي عليه ليصدر رسمياً(ميخائيل سفلتوف/Getty)
+ الخط -
قالت مصادر بوزارتي الخارجية والتضامن في مصر، إنّ السفارات الغربية بالقاهرة أبلغت الوزارتين بأنّ المنظمات والمؤسسات الكبرى المهتمة بتمويل العمل التنموي في البلاد، والتي كانت قد أوقفت تمويل مشاريع عديدة احتجاجاً على صدور قانون العمل الأهلي المقرر إلغاؤه رقم 70 لسنة 2017، لن تعود لتمويل الأنشطة التنموية والثقافية والصحية والدراسية في مصر إلا بعد صدور اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الأهلية الجديد، وتقييم تطبيق الوحدة الجديدة داخل وزارة التضامن، والتي تحمل اسم "الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي" لنصوص هذا القانون.

وينتظر القانون الجديد الذي أقره مجلس النواب الأسبوع الماضي نهائياً، تصديق رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي عليه ليصدر رسمياً. وترجّح المصادر أن يتم تعليق العمل بالقانون لحين إصدار لائحته التنفيذية، التي وضعت وزيرة التضامن غادة والي مشروعاً بها بالفعل، وما زال في انتظار موافقة الجهات السيادية والرقابية، وفوق ذلك موافقة الوزيرة السابقة فايزة أبو النجا، مستشارة السيسي لشؤون الأمن القومي، والتي شاركت بفاعلية في صياغة النصّ النهائي للقانون بعد اعتراضها على بعض الأفكار التي كانت قائمة في مشروع الوزيرة السابق رفضه منذ عامين.

وأضافت المصادر أنّ هناك مشاكل تنفيذية عدة ترى المؤسسات التمويلية أنها "تتطلب برهاناً عملياً على حسن نوايا نظام السيسي"، خصوصاً في الملفات المتعلقة بالتحول الديمقراطي والمساعدة القانونية للسجناء والتثقيف والتعليم والتدريب، لا سيما أن عدداً من تلك المؤسسات الكبرى –وأبرزها في واشنطن- تخشى تكرار الوقوع تحت الضغوط التي أدت إلى وقف تمويل مشاريعها منذ صيف 2017، بسبب وجود محاذير للعمل في بعض الملفات والتعاون مع العديد من الهيئات الحكومية والقضائية والمستقلة.

وذكرت المصادر أنّ القانون الجديد قد يكون دافعاً لبعض المؤسسات لإنشاء منظمات تابعة لها في مصر. وفي هذه الحالة، ستكون شروط التأسيس بسيطة إلى حد كبير، بحيث يكتفي القانون الجديد بأن تتقدم المنظمة بطلب التصريح لوزارة الخارجية، وأن تدفع ما لا يزيد على 50 ألف جنيه مصري أو ما يعادله بالدولار الأميركي (3 آلاف)، بدلاً من 300 ألف جنيه في القانون الحالي، مع إلزامها بأن "تباشر عملاً يتفق مع أولويات المجتمع المصري وفقاً لخطط التنمية، وألا تعمل في مجال سياسي أو ينطوي على تحريض على التمييز والكراهية والفتن".

إلا أنّ هذه المؤسسات أبدت تخوفها من مشاكل عدة عانت منها سابقاً في الفترة بين 2013 و2017، ابتداءً من التضييق على التمويل "المشروع" الذي كانت تلك المؤسسات ترسله إلى المنظمات والهيئات التعليمية والحقوقية المصرية، واحتجازه لفترات طويلة لدى وزارة التضامن، ومنع إتمام بعض المشاريع التي كانت قد حازت على موافقات حكومية سلفاً، وانتهاء بإبلاغ الخارجية المصرية كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالتزامن مع صدور القانون الحالي المزمع إلغاؤه، بضرورة وقف كل أنشطة التمويل الرسمية وغير الرسمية، سواء كانت تمرّ عبر وزارة التضامن الاجتماعي أو وزارات أخرى أو مؤسسات تعليمية مصرية أو أجنبية عاملة داخل مصر، وسواء كانت تمر عبر قنوات غير شرعية وغير مراقبة إدارياً من قبل الحكومة المصرية. وذلك بهدف تجفيف منابع تمويل المنظمات الأهلية القائمة بصورة غير مشروعة، وكذلك وقف الأنشطة السياسية والتثقيفية والاجتماعية غير المرغوب فيها، بهدف إجبار الجمعيات الراغبة في التمويل على توفيق أوضاعها.

وأوضحت المصادر أنّ هذه المطالبات كانت قد أدت إلى تخفيض الدعم المالي المرسل من بعض المنظمات الأميركية والأوروبية والدولية، أو تعطيله مؤقتاً، فيما استمرت المنظمات التابعة لهولندا وبعض الدول الاسكندنافية في إرسال منح لتمويل مشاريع تنموية بواسطة الحكومة أو الجمعيات، لتفاجأ أخيراً بإقرار سياسة التصاريح الأمنية المسبقة من دون الاكتفاء بمراقبة وزارة التضامن لحجم التمويل وأوجه استخدامه.

وأشارت المصادر إلى أنّ مستشارة السيسي فايزة أبو النجا، كانت قد أعدت بالتعاون مع الاستخبارات العامة ووزارة الداخلية والبنك المركزي المصري ووزارة التضامن الاجتماعي، قائمة بأبرز المنظمات والمؤسسات الأميركية التي تدعم مالياً الأنشطة السياسية والتثقيفية والاجتماعية في مصر، بما في ذلك المنظمات التي تقدم الدعم المالي رأساً لجهات حكومية أو تعليمية مصرية، وتمت مخاطبة واشنطن لتعطيل الدعم المتدفق منها كافة.

وكانت "العربي الجديد" قد كشفت في يوليو/تموز 2017، أن بعض المنظمات الأميركية طلبت من الجمعيات المصرية المؤسسة وفق القانون والتي تدعمها، إجراء تعديل عاجل في سياساتها ونطاق عملها، بحيث يتم التركيز على الأنشطة التعليمية والتثقيفية والابتعاد عن القضايا السياسية الخلافية مع النظام، خشية تعطيل أعمالها في مصر. وكذلك الابتعاد عن التواصل مع جماعات الضغط السياسي من الأحزاب اليسارية والمنظمات الحقوقية غير المعترف بها من قبل الحكومة أو النشطاء المشمولين في تحقيقات قضية "التمويل الأجنبي" التي مازالت جارية. لكن القسم الأكبر من الجمعيات فشل في توفيق الأوضاع بسبب عدم صدور اللائحة التنفيذية للقانون الحالي من الأساس.

يذكر أنّ مصدراً حكومياً في وزارة التضامن سبق أن ذكر لـ"العربي الجديد" بالتزامن مع إقرار البرلمان للقانون المقرر إصداره، أنّ النسخة النهائية أثارت قلق جهات تمويل ومنح عديدة في الولايات المتحدة وأوروبا، وأنه تم التأكيد عبر القنوات الدبلوماسية على أن تطبيق المادة 25 الخاصة بتنظيم تلقي التمويل "سيكون مرناً بشرط إطلاع وزارة التضامن بشكل مستمر على أوجه الإنفاق، وأن الصيغة الأخيرة نتجت عن مفاوضات مطولة بين هذه الوزارة والأجهزة السيادية. فالنص القائم في القانون الحالي الذي كان معداً بواسطة جهاز الاستخبارات كان يمنع تلقي الأموال من المنظمات الأجنبية غير الحكومية من الأساس، كما كان يضع عراقيل عديدة في سبيل تلقي الأموال، مثل وجوب موافقة الجهة الإدارية عليها قبل تلقيها بثلاثين يوم عمل، وعدم جواز قبول أموال تبلغ أكثر من 10 آلاف جنيه، إلاّ بموجب شيك بنكي أو إيداع عبر بنك خاضع لرقابة البنك المركزي، فضلاً عن إحالة العديد من التفاصيل للائحة التنفيذية".

دلالات