الأردن: سباق مع الزمن للتوصل إلى قانون انتخابات مرضٍ

الأردن: سباق مع الزمن للتوصل إلى قانون انتخابات مرضٍ

21 يوليو 2019
دعوات لاعتماد النسبية في قانون الانتخابات (Getty)
+ الخط -
تنتهي الولاية الدستورية لمجلس النواب الأردني الحالي في 27 سبتمبر/ أيلول 2020، ما يعني أنه لم يعد هناك الكثير من الوقت لإعداد قانون انتخابي جديد، بعد أن فشل القانون الحالي بدفع عربة الإصلاح السياسي أيّ خطوة إلى الأمام، وبقي الحديث عن الحكومات البرلمانية حلماً بعيد المنال.

وكانت تصريحات رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، التي نادى خلالها بتغيير جوهري على القانون، هي الأبرز في الفترة الأخيرة، إذ قال: ما زال الأردن بعيداً عن تشكيل حكومات برلمانية، وهذه الحكومات لن تُشكّل إلا بوجود كتل برلمانية تحمل برنامجاً واضحاً ولها ثقل. أما العاهل الأردني عبدالله الثاني، فقال نهاية العام الماضي، خلال لقائه عدداً من الكتّاب الصحافيين، إن "القانون الحالي قد يكون بحاجة لتعديلات بسيطة هنا وهناك، لكن جوهر القانون قوي". ولم يخرج رئيس الوزراء عمر الرزاز عن هذا الرأي، في وقت قال فيه وزير التنمية السياسية موسى المعايطة إن "الحكومة حتى الآن لم تناقش قانون الانتخاب".
وفي السياق، دعت مجموعة من الأحزاب الوسطية، قبل أيام، إلى اعتماد نظام القائمتين، وأن يتم الانتخاب وفق القائمة النسبية المفتوحة، ويُسمح للناخب بانتخاب القائمتين الوطنية والمحلية، وكما يتاح له انتخاب من يشاء من داخل القائمة التي يختارها.

ويقول مصدر حكومي مطلع لـ"العربي الجديد"، إن الدولة جربت خلال الفترة الماضية كل الأنظمة الانتخابية، وسنّت العديد من قوانين الانتخاب، وهناك حزب واحد (حزب جبهة العمل الإسلامي)، لم يتأثر بهذه التغيرات، وكان هو المستفيد، مشيراً إلى أن "الدولة تسعى للحفاظ على التوازن في الساحة السياسية".

من جهته، يرى المحلل السياسي الأردني حسن البراري في حديث مع "العربي الجديد"، أن الدولة الأردنية "لم تُظهر لغاية الآن الجدية أو الإرادة السياسية من أجل تجويد العمل السياسي، والمفتاح هو قانون الانتخاب". ويضيف: "لا توجد إرادة سياسية للإصلاح، والإصلاحات السياسية في الأردن كانت آنية في مجملها وخطوات استباقية دفاعية"، معتبراً أن "الدولة الأردنية دولة غير ديمقراطية في جوهرها، ولم يكن هدفها في يوم من الأيام تمكين الشارع أو الشعب من المشاركة في صناعة القرار".
ويشير البراري إلى أن قانون الانتخاب وُضع منذ عام 1993 لضبط ديناميكية السياسة الداخلية في الأردن، بما يسهم بمساعدة النظام للتغلّب على كل العقبات الداخلية، ومن ثم بقي النظام الانتخابي بهذا الشكل إلى أن بدأت الشكوك في جدوى هذا النظام، وانطلقت حركات احتجاج على ذلك منذ عام 2011 لغاية هذا اليوم، مشدداً على أن "أي قانون انتخابات لا يفضي إلى وصول أحزاب سياسية لتشكل حكومات هو قانون قاصر في نهاية الأمر".


أما الأمينة العامّة لحزب "الشعب الديمقراطي الأردني" (حشد)، النائب السابقة عبلة أبو علبة، فتقول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المرحلة المقبلة بكل ما تحمله من توقعات حرجة وصعبة للغاية على الأردن والمنطقة العربية، تحتاج إلى ترميم الوضع الداخلي ومعالجة التصدّعات السياسية الكبيرة في المجتمع، بسبب غياب عدالة التمثيل وانتهاج سياسات الإقصاء المتعمّد للقوى السياسية المنظمة، وخصوصاً تلك التي تنتمي إلى المعارضة.
وتضيف أبو علبة، أن الضرورات الوطنية تقتضي إجراء تعديلات جوهرية في قانون الانتخابات النيابية، باتجاه اعتماد القائمة الوطنية المغلقة والتمثيل النسبي الشامل، واصفة ما يقال عن أن القانون المعمول به حالياً يعتمد مبدأ التمثيل النسبي بالتضليل والهراء، وخصوصاً بعد وقائع الانتخابات الماضية ونتائجها. وتشدد على أن عدالة التمثيل تقتضي قوائم سياسية وحزبية تُقدّم نفسها للناس على أساس برنامج وطني، معتبرة ذلك "هو البديل الجادّ للجهوية والصوت الواحد سيئ الذكر".

أما القيادي البارز في "الحركة الإسلامية الأردنية"، زكي بني إرشيد، فيقول في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ المطلوب من العملية الانتخابية الديمقراطية، هو التعبير عن إرادة الشعب، لا إرادة الجانب الرسمي ولا تمكين النظام السياسي من التحكّم بمخرجات العملية الانتخابية، معتبراً أن أي انحراف عن هذا الهدف عند تشريع الأنظمة الانتخابية يعتبر أسوأ من عمليات التزوير التي تسبق أو توازي عملية الاقتراع. ويضيف: "توجد في العالم الديمقراطي صيغ عدة من الأنظمة الانتخابية، وتسعى كلها إلى إفراز إرادة الناخبين بالدرجة الأولى وضمان عملية التداول السلمي للسلطة، والمحافظة على الأمن المجتمعي والسلم الأهلي، ولا يجوز بأي حال أن يتم عزل الانتخابات عن هدفها الرئيس تحت أي مبرر آخر، ولا تفريغها من مضمونها وجوهرها".

وعن قانون الانتخابات المطلوب، يقول بني إرشيد إن "الضرورة تقتضي التخلي عن الصوت الواحد الذي ساهم في إضعاف المجالس النيابية وتفسيخ الأواصر المجتمعية والإضرار بالوحدة الوطنية، واعتماد القائمة الوطنية النسبية على مستوى الوطن، وأن تُضبط الترشيحات للانتخابات من خلال الأحزاب أو التحالفات السياسية". ويتابع: "تبقى المشكلة لدى صنّاع القرار ومهندسي التشريع في الاستجابة أو عدم الاستجابة لمطالب الأحزاب والنخب السياسية عبر حوار جادٍّ ومنتج، وليس كما جرت العادة في كل المناورات واللجان السابقة التي آلت منتجاتها إلى الأرشيف ولم تُفعّل منها أي توصية".

المساهمون