إيران مبرّرةً احتجاز الناقلة البريطانية: قانوني وردّ بالمثل

إيران مبرّرةً احتجاز الناقلة البريطانية: قانوني على قاعدة الردّ بالمثل

20 يوليو 2019
إيران تلعب على حبلين (عطا كيناري/ فرانس برس)
+ الخط -
فيما تحاول طهران في بياناتها الرسمية حول احتجازها الناقلة البريطانية التركيز على حجج قانونية لتبرير الخطوة، إلا أن مسؤولين إيرانيين أكدوا اليوم أن توقيف الناقلة جاء تنفيذاً لتهديدات إيران خلال الأسبوعين الأخيرين، بالرد بالمثل على احتجاز بريطانيا ناقلة النفط "غريس 1" الإيرانية في مياه جبل طارق.

وأشار القائد العام الأسبق للحرس الثوري الإيراني، أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام اللواء محسن رضايي، اليوم السبت، عبر "تويتر"، إلى أن قيام بلاده باحتجاز ناقلة "ستينا امبيرو" لبريطانيا جاء ردّاً على توقيف الأخيرة الناقلة الإيرانية في جبل طارق.
وفي الوقت نفسه أكد رضايي: "لا نسعى إلى الحرب، لكننا لن نتنازل عن الردّ بالمثل سواء كان الطرف المقابل هو (الرئيس العراقي الأسبق) صدام أو (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب أو الملكة (إليزابيث الثانية)".
المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني، عباس علي كدخدايي، أشار أيضاً بدوره في تغريدة عبر "تويتر"، إلى أنّ احتجاز الناقلة البريطانية جاء ردّاً على خطوة مماثلة قامت بها لندن، من خلال القول إنّ "المعاملة بالمثل قاعدة حقوقية معترف بها في القانون الدولي يتم استخدامها في مواجهة التصرفات الخطأ لدولة".
وأضاف أن "الخطوات الإيرانية الصحيحة هي في مواجهة الحرب الاقتصادية غير المشروعة، وتوقيف الناقلات من قاعدة التعامل بالمثل الدولية، وهي تنطبق تماماً مع القانون الدولي".

من جهته، دافع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن احتجاز ناقلة النفط، معتبراً أنه جاء "لحماية القوانين الدولية للملاحة البحرية"، داعياً بريطانيا إلى "وقف التعاون في الإرهاب الاقتصادي الأميركي" ضد إيران. وكتب ظريف في تغريدة عبر "تويتر" اليوم السبت، أنه "على عكس القرصنة البريطانية في مضيق جبل طارق، فإن تصرفاتنا في الخليج هي حماية للقوانين الدولية حول الملاحة البحرية".

وأكد ظريف أن بلاده "هي التي تؤمن أمن الخليج ومضيق هرمز"، مؤكداً "ضرورة أن توقف بريطانيا مشاركتها في الإرهاب الاقتصادي الأميركي".

وفي اتصال مع نظيره البريطاني جيريمي هنت، اليوم السبت، دعا ظريف إلى احتواء التوتر وإيجاد حل قانوني لمشكلة احتجاز كلا البلدين ناقلة تابعة للآخر. وأوضح ظريف لنظيره البريطاني أن الناقلة ستينا إمبيرو خالفت قواعد الملاحة البحرية.

من جهته، عبّر وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، خلال المكالمة، عن شعوره بخيبة أمل كبيرة إزاء التصرفات الإيرانية في الخليج.

من جهته، أعلن المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، رمضان شريف، اليوم السبت، المزيد من التفاصيل حول احتجاز الناقلة البريطانية، قائلا إن قوات الحرس قامت بهذه العملية بينما كانت الناقلة "تحت حماية البحرية العسكرية البريطانية".

وأكد شريف، وفقا لما أورده موقع "سباه نيوز" التابع للحرس أن الناقلة "ستينا إمبيرو" "خالفت قوانين ومقررات الملاحة البحرية وكانت تسير في اتجاه معكوس في دخول مضيق هرمز بعد إطفاء أجهزة التتبع"، مضيفا أن ذلك رفع احتمال وقوع أحداث مرورية مع بقية السفن.

وجدد المتحدث الإيراني تأكيد بلاده أن عملية الاحتجاز جاءت بطلب من سلطة الموانئ والملاحة الإيرانية، مشيرا إلى أن "الناقلة تجاهلت تحذيرات وحدة بحرية الحرس الثوري وحتى قاومت الوحدة، وكذلك تدخلت سفينة البحرية الحربية الملكية لبريطانيا، وأقعلت مروحيتان وبذلتا جهدا لمنع قوات الحرس من تنفيذ المهمة". 

لكنه تابع قائلا إن القوات الإيرانية "أوقفت الناقلة بحزم وحسم وسرعة وقادتها إلى المرفأ في الشاطئ (بندر عباس) لإجراء التحقيقات اللازمة".

وأكد المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، ضرورة "التزام السفن بالقوانين والمقررات الدولية حول الملاحة بشكل دقيق حين العبور من مضيق هرمز والخليج الفارسي"، معتبرا ذلك "ضامنا للأمن والهدوء في هذه المنطقة الاستراتيجية"، بحسب تعبيره.

وشدد على أن "هذه القوانين لا تخص الخليج وحده وأنها تسري في جميع الممرات المائية في العالم"، لكنه أضاف في الوقت نفسه أنه "بالنظر إلى الحساسيات الراهنة الناتجة عن واجود مستفز وغير مهني للقوات الأجنبية في المنطقة، فإن مراعاة تلك القوانين تكتسب أهمية أكثر".

وحذر شريف السفن والبوارج الأجنبية في الخليج من "أي سلوك استفزازي ومهدد ومتكبر وعدم مراعاة القوانين الدولية"، مؤكدا أن القوات الإيرانية "تمارس السيادة الوطنية في المياه الإيرانية وتنفذ القوانين الدولية في الخليج الفارسي ومضيق هرمز بشكل صارم".

كما أكد أن القوات المسلحة الإيرانية "لن تسمح أن يلحق أي ضرر بالمصالح الوطنية الإيرانية وأمن المنطقة من خلال التصرفات غير الاعتيادية للأجانب".

وفيما نشر الحرس الثوري اليوم السبت تسجيلات مصورة حول احتجاز الناقلة البريطانية، أكد في الوقت نفسه أنها "باتت في عهدة سلطة الموانئ والملاحة البحرية الإيرانية في محافظة هرمزغان لاستيفاء جميع المراحل القانونية والقضائية".​

تأكيد مواصلة التخصيب

في غضون ذلك، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أن بلاده عازمة على مواصلة تخصيب اليورانيوم، قائلاً إن التخصيب "لأغراض سلمية حق جميع الدول الأعضاء في معاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل ولا يمكن سلب هذا الحق"، وذلك رداً على تصريحات لمستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، التي شدد فيها على ضرورة منع إيران من تخصيب اليورانيوم.
وأضاف شمخاني، وفقاً لما أوردته وكالة "إيسنا" الإيرانية، أن بلاده هي التي "أجبرت أميركا عام 2012 على الاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، والجلوس إلى طاولة التفاوض جاء بعد ذلك"، مؤكداً أن "الاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم من قبل أميركا كان شرط دخولنا في المفاوضات النووية ولم يكن ذلك نتيجة تلك المفاوضات"، التي انتهت إلى التوقيع على الاتفاق النووي في الرابع عشر من يوليو/ تموز 2015.
وأشار شمخاني إلى أن مجموعة 1+5 الموقعة على الاتفاق النووي "أكدت في الاتفاق حق إيران في تخصيب اليورانيوم"، مضيفاً أن تصريحات بولتون إنكار لحقوق إيران، وفي ذلك "دليل على الأحادية وتجاهل الأعراف الدولية، وتفتقد إلى أي قيمة ومصداقية حقوقية".
وتابع شمخاني قائلاً إن "تصريحات كهذه تظهر أن خطوات إيران في تقليص تعهداتها النووية هي الطريق الوحيد لمواجهة دولة لا تلتزم بأي تعهد".
وكان بولتون قد شدد يوم الخميس الماضي على ضرورة منع إيران من تخصيب اليورانيوم على أراضيها، معتبراً أن السماح بذلك "كان من أسوأ العيوب والأخطاء" في الصفقة النووية.
وأكد بولتون أنه "لا ينبغي أن يتم السماح لطهران بأي عملية تخصيب لليورانيوم"، متوعداً بتشديد الضغوط عليها "حتى تتراجع عن أنشطتها النووية الخبيثة"، بحسب وصفه.
وفي السابع من الشهر الجاري، أعلنت إيران بدء تنفيذ المرحلة الثانية من تخفيض التزاماتها النووية المنصوص عليها في الاتفاق النووي، طاولت رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 4.5% أي أكثر من 3.67% الحد المتفق عليه في الاتفاق، مع التهديد برفع النسبة إلى درجات أكبر من ذلك خلال المرحلة المقبلة.
وحينها، منحت طهران مهلة الستين يوماً الثانية للأطراف الأوروبية لتنفيذ مطالبها في المجالين النفطي والمصرفي، قبل أن تقدم على تنفيذ المرحلة الثالثة في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، من دون أن تكشف عن الخطوات التي تتضمنها هذه المرحلة.

وشملت المرحلة الأولى رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب والمياه الثقيلة، إذ تجاوز إنتاج اليورانيوم عتبة الـ 300 كيلوغرام المنصوص عليها في الاتفاق النووي، على أن يتخطى أيضاً إنتاج المياه الثقيلة لاحقاً حدّ الـ 130 طناً.