تعيينات الاتحاد الأوروبي: سيدتان لـ"المفوضية" والبنك المركزي...وماكرون الرابح الأكبر

تعيينات الاتحاد الأوروبي: سيدتان لـ"المفوضية" والبنك المركزي... وماكرون الرابح الأكبر

02 يوليو 2019
أعلن دونالد توسك الاتفاق (Getty)
+ الخط -

أخيراً، أصبح للاتحاد الأوروبي رئيس مفوضية جديد، هي الألمانية أورسولا فون دير لاين، وكذلك رئيس مجلس جديد، البلجيكي شارل ميشيل، ورئيسة بنك مركزي، الفرنسية كريستين لاغارد، ثم رئيس شؤون خارجية، وهو الإسباني جوزيف بوريل، وذلك بعد اجتماعات طويلة وصاخبة.

وتشكل هذه الأسماء "فريقاً جديداً، وأجندة جديدة، ونَفَساً جديداً"، بحسب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الرابح الأكبر في المحادثات الأوروبية الصعبة التي أفضت إلى التوافق على التعيينات، التي لا تزال تحتاج إلى تصويت البرلمان الأوروبي وموافقته.

ونجح ماكرون، في البداية، في رفض المرشح الأول للمفوضية، الألماني مانفرد فيبر، الذي اقترحته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ثم نجح في اقتراح اسم وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين، ثم في الحصول على الدعم الكامل لها. وكان هذا النجاح وفق معايير دافع عنها الرئيس الفرنسي، وأراد لها أن تكون مفهومة من طرف أقرانه في الاتحاد الأوروبي.

وبرر ماكرون تأييده لانتخاب أورسولا فون دير لاين بكفاءتها، خاصة في وزارة الدفاع، ودورها في تحسين العلاقات الثنائية، ثم أيضاً دورها في الاتفاق على صناعة طائرة المستقبل الأوروبية المقاتلة، كما أنها فرنكوفونية، وهذا "مدعاة للفخر"، فقد وُلِدت في بروكسل.

ولأنّ الأشياء الجيدة لا تأتي فرادى، فقد تمّ تعيين الفرنسية كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، على رأس البنك المركزي الأوروبي. ثم عيّن فرنكوفوني آخر، شارل ميشيل، رئيس الحكومة البلجيكي، رئيساً للمجلس الأوروبي.

وأخيراً، سيُعيَّن وزير الخارجية الإسباني، جوزيف بوريل، الممثل السامي في الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية. وليس غريباً هذا الاختيار، فقد حرص ماكرون على التنسيق العميق مع الجار الإسباني في كل التفاصيل.

وما يؤكد أن الرئيس الفرنسي هو الرابح الأكبر في هذه الاختيارات، كونه كان وراء تعيين رئيسة المفوضية، ودافع عنها دفاعاً كبيراً، خاصة مع تغيب المستشارة الألمانية عن اللقاء الأخير، بسبب صراعات سياسية اخترقت تحالفها العريض، ودفعت الاشتراكيين الألمان، وهم عضو في التحالف الحكومي الألماني، لانتقاد هذه الاختيارات. وقد أكد ماكرون، في ندوته الصحافية، التي تلت الإعلان عن الأسماء الفائزة، أنه سيدافع عن ميركل، وسيحاول إقناع "أصدقائه" الاشتراكيين الألمان، بأن اختيار ألمانية في منصب المفوضية جيدٌّ لكل الألمانيين: "لا أتصور ألمانياً واحداً سيرفض أن تصبح سيدة ألمانية رئيسة للمفوضية الألمانية".      

واعتبر ماكرون، في ندوته، والتي كان منشرحاً فيها، خلافاً للندوة "الغاضبة" التي عقدها أمس، أن هذا الاتفاق كان "ثمرة وفاق فرنسي ألماني عميق"، كما أنه "خاتمة إيجابية وَقعَ حولها إجماعٌ"، وكان "هدف الاتفاق ألا تتزعزع أوروبا، سياسياً أو جغرافياً". كما اعتبر انتخاب امرأتين من بين أربعة أشخاص في مواقع رفيعة "تنفيذاً لمعايير الكفاءة والتوازن السياسي والتكافؤ بين النساء والرجال"، مشدداً على الأمر بالقول إنه "من الآن فصاعداً، لن نفعل غير ما فعلناه"، أي احترام المناصفة بين الرجال والنساء في تبوؤ المناصب السامية.  

وعلى الرغم من أن ماكرون أكد مراعاة التنوّع الجغرافي في الاتفاق، الذي حظي بالإجماع، إلا أنه فسّر غياب وجود أعضاء من دول شرق وشمال أوروبا بأن هذه الدول ستحظى بمناصب في لجان البرلمان الأوروبي، وأيضاً كنواب لرؤساء المناصب السامية، كالمفوضية والمجلس وغيرهما. ووعد الرئيس الفرنسي بالسهر على تكون كل الاختلافات الجغرافية ممثلة في الاتحاد الأوروبي.

ولدى سؤاله عن غياب أي مسؤول إيكولوجي، في التسميات الجديدة، صدر من الرئيس الفرنسي جوابٌ لاذع: "لأنه ليس للفريق الإيكولوجي أن يحتكر الإيكولوجيا".  

وربما كانت ثمة نقطةٌ وحيدة أحسّ تجاهها ماكرون ببعض التقصير، أو العجز، وهي قضية ميشال بارنييه، اليميني الفرنسي والمؤيد لسياسات ماكرون الاقتصادية، والذي كان الرئيس الفرنسي يريد له منصباً جديراً بكفاءاته. وقد برّر ماكرون عدم حصول بارنييه على أي منصب بانتمائه للحزب الشعبي الأوروبي، الذي يبدو أنه لم يقترحه ولم يدافع عنه. وقد حرص ماكرون على الإشادة بالرجل ومؤهلاته، ككبير المفاوضين الأوروبيين.