لوردات حزب "العمال" البريطاني يتجهون لسحب الثقة من كوربن

لوردات حزب "العمال" البريطاني مستعدّون لسحب الثقة من زعيم الحزب

18 يوليو 2019
التصويت سيكون ضربة قوية لسلطة جيريمي كوربن (Getty)
+ الخط -

يعيش حزب "العمال" البريطاني، أزمة حادّة بعد تصاعد الانتقادات لزعيم الحزب جيريمي كوربن، على خلفية إدارته قضية "معاداة السامية". وآخر فصول هذه الأزمة اتجاه أعضاء مجلس اللوردات عن الحزب، للتصويت بسحب الثقة من كوربن، الأسبوع المقبل.

ويتجه أعضاء الغرفة العليا للبرلمان البريطاني لعقد اجتماعهم، بعد ظهر الإثنين المقبل، لمناقشة الفكرة، التي إن تم اعتمادها فسيجرى التصويت على سحب الثقة من كوربن في اليومين التاليين، على أن تصدر النتيجة مباشرة بعد ذلك.

وعلى الرغم من أنّ مثل هذا التصويت لا يحمل أي صفة رسمية، إلا أنّه سيكون ضربة قوية لسلطة جيريمي كوربن في الحزب.

وتعود هذه الأزمة إلى انتقادات شديدة لكوربن وحلفائه في قيادة "العمال"، للطريقة التي يتعاملون بها مع أزمة "معاداة السامية"، التي تعصف بالحزب منذ صيف العام الماضي.

ويواجه كوربن، المناصر منذ وقت طويل لحقوق الفلسطينيين والمنتقد للحكومة الإسرائيلية، اتهامات منذ زمن بالسماح لثقافة "معاداة السامية" بالنموّ داخل أروقة حزب "العمال" أكبر حزب معارض في بريطانيا، وهو ما ينفيه.

وكان ثمانية نواب قد استقالوا من الحزب في وقت سابق من العام، على خلفية الأزمة، وموقف كوربن إزاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، الذي أغضب أيضاً عدداً كبيراً من الأعضاء ممن يرغبون في أن يتبنى الحزب موقفاً جلياً مؤيداً للاتحاد الأوروبي.

ووجّه بيان منشور بصحيفة "ذا غارديان"، أمس الأربعاء، الذي وقّعه عدد ممن تولّوا وزارات أثناء وجود حزب "العمال" في السلطة من عام 1997 إلى عام 2010، رسالة شديدة اللهجة تقول: "يرحب حزب العمال بالجميع، بغض النظر عن العرق أو العقيدة أو السنّ أو الجنس أو الميول الجنسية. ما عدا اليهود على ما يبدو".

وأشار البيان إلى كوربن قائلاً: "لقد أخفقت في الدفاع عن القيم المناهضة للعنصرية في حزبنا. ومن ثم أخفقت في اختبار الزعامة".


وشكّك البيان الذي وقع عليه نحو ثلث أعضاء الحزب في مجلس اللوردات، في قدرة الحزب على الفوز بانتخابات عامة، "إذا كنا لا نستطيع تنظيم أمورنا الداخلية".

وذكر برنامج لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، الأسبوع الماضي، أنّ مكتب كوربن تدخل في عمليات تأديبية مستقلة داخل الحزب كانت تهدف لإنهاء السلوك المعادي للسامية، وهو ما نفاه الحزب.

وقال متحدث باسم حزب "العمال" في تصريحات، إنّ الحزب "متضامن مع اليهود وملتزم تماماً بدعم الشعب اليهودي والدفاع عنه والاحتفاء به".

وأضاف: "بغضّ النظر عن المزاعم الكاذبة والمضللة عن الحزب التي تصدر عن أشخاص يعادون سياسات جيريمي كوربن، فإن حزب العمال يتخذ إجراءات حاسمة ضد معاداة السامية".

وقال كوربن لوسائل الإعلام، إنّ "معاداة السامية لا مكان لها في الحزب".


وكانت آخر الخطوات التي أجّجت الخلاف مع كوربن، قيام مكتبه بفصل البارونة ديان هايتر، من منصب وزيرة "بريكست" في مجلس اللوردات عن الحزب، وذلك بعد أن اتهمت كوربن بامتلاك "عقلية الحصار" المماثلة لآخر أيام الزعيم النازي أدولف هتلر.

وكانت هايتر قد وجّهت انتقاداتها لكوربن،وحلفائه في قيادة الحزب، خلال تعليقها على برنامج "بانوراما" الذي تبثه "بي بي سي"، والذي تقصّى الشكاوى ضد "معاداة السامية" في الحزب.

وقال متحدث باسم "العمال"، بأنّ "تشبيه زعيم العمال وطاقم الحزب الذي يعمل للوصول إلى حكومة عمالية بالنظام النازي أمر فظيع، ولا يأخذ في الحسبان مشاعر العاملين من اليهود في الحزب بشكل أخص".

وأضاف أنّ فصل هايتر من منصبها في الحزب "ذو تأثير فوري" بسبب "أقوالها المسيئة جداً لجيريمي كوربن ومكتبه". وتحتفظ هايتر بمنصبها نائباً لرئيس الحزب في مجلس اللوردات، لأنّه منصب منتخب.

وكانت هايتر قد خرجت بتصريحاتها تلك في اجتماع للجنة حزبية، الثلاثاء الماضي، تشبه فيها طريقة تعامل كوربن مع الأزمة بالأيام الأخيرة لهتلر في "ملجئه" تحت الحصار. واتهمت فريق كوربن بالامتناع عن مشاركة المعلومات الأساسية مع لجنة الحزب المركزية، ولجنة المساواة وحقوق الإنسان في الحزب.

وقال النائب عن "العمال" في مجلس العموم (البرلمان) ويس ستريتنغ، إنّ فصل هايتر "رد فعل مبالغ به على تعليق حول عقلية الحصار التي يعمل بها كوربن".

وأضاف: "هذا القرار إنما يرهن على نقطتها. سرعة الفصل تعكس أنّ زعيم العمال يتسرع باتخاذ القرارات التي تحمي مشاعره، وبطيء في التعامل مع العنصريين".

وكانت هايتر إحدى أربعة أعضاء في مجلس اللوردات من حزب "العمال" ممن طالبوا كوربن، الإثنين الماضي، بالسماح لتشكيل لجنة لمراجعة الادعاءات في برنامج "بانوراما"، التي تقدم بها عدد من أعضاء طواقم الحزب سابقاً، بهدف "تزويد المشورة والدعم للتعامل بشكل ملائم مع عملية الشكاوى الحيادية والمستقلة".


وترى هايتر وزملاؤها الثلاثة الآخرون، ضرورة التعامل مع الادعاءات التي بثها البرنامج، حول تدخل مكتب كوربن في الشكاوى ضد معاداة السامية. وظهر في البرنامج ثمانية موظفين سابقين في الحزب لمناقشة هذه الشكاوى، بينما ينكر الحزب ادعاءاتهم، وتقدم بشكوى ضد "بي بي سي".

وبعد بث البرنامج يوم الإثنين الماضي، أصرّ متحدث باسم "العمال" على أنّ المتحدثين في البرنامج هم "من المسؤولين السابقين ممن عارضوا قيادة جيريمي كوربن للحزب".

وأضاف أنّ "العمال يتخذ إجراءات حازمة في وجه معاداة السامية، وضاعف عدد العاملين المخصصين للتعامل مع الشكاوى".

وكانت رئيسة الحكومة تيريزا ماي قد طالبت كوربن بالاعتذار عن "فشله في التعامل مع العنصرية" في صفوف حزبه. وهو ما ردّ عليه زعيم "العمال"، قائلاً إنّ حزبه يعارض العنصرية كلياً، مطالباً إياها بالتعامل مع "كراهية الإسلام" في صفوف حزبها "المحافظين".

المساهمون