هل يخسر حفتر حلفاءه؟

هل يخسر حفتر حلفاءه؟

17 يوليو 2019
فَقَد حفتر المبادرة في حربه على طرابلس(فيليبو مونتفرتي/فرانس برس)
+ الخط -
انكسرت حملة اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر العسكرية على أسوار غريان، وفَقَد المبادرة، على الرغم من الحديث عن الحشود العسكرية التي يجمعها، وأغلبها مؤلف من عناصر المرتزقة، لكن هل خسر حلفاءه؟
دخلت القضية الليبية حيّز التدويل منذ العام 2011، بصدور قرار مجلس الأمن رقم 1973. وبمرور الأيام، تطور ارتهان الأطراف الليبية للخارج وتزايد الصراع واحتدم كلما زاد نفوذ الأطراف الخارجية بسبب تصادم واختلاف مصالحها في البلاد، حتى إطلاق حفتر حملته العسكرية في بنغازي وتبنّي مجلس النواب في طبرق له، تزامناً مع ظهور مشاريع الثورات المضادة للربيع العربي.

لا شك في أن حفتر أمّن لحلفائه مصالحهم في السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، لا سيما في المواقع الحيوية والاستراتيجية، كمواقع النفط والمواقع العسكرية، وصولاً إلى غرب البلاد وحول طرابلس، وضمن لهم تحالفات قبلية لا يمكن لأصحابها، لا سيما في ترهونة وورشفانة، التراجع عنها.

مقابل حفتر، الذي رهن مصيره بشكل كامل للخارج، لا يزال حلفاؤه يمتلكون بدائل، ليس في المسار العسكري فقط، بل أيضاً في المسار السياسي الذي عاد للظهور مجدداً، من خلال مجلس النواب المرتهن منذ البداية في قراراته للقاهرة، والعارف النايض الذي يُدفع به في اتجاه رئاسة حكومة بديلة عن حكومة الوفاق، التي أظهرت ضعفاً واضطرت في اللحظات الأخيرة قبل سقوط طرابلس في يد حفتر إلى الاستعانة بكل الفصائل المسلحة في غرب البلاد التي كانت تناصبها العداء.

النايض الذي لم يتوقف عن تمرير بعض الاعتراضات على مشروع حفتر ومعارضته لعسكرة الدولة، لم يعرض طيلة الفترات الماضية، منذ إعلانه في مارس/آذار 2018 عن نيّته الترشح لرئاسة ليبيا، أي رؤية سياسية، لكن معطيات الواقع تشير إلى امتلاكه قاعدة شعبية ممثلة في التيار الصوفي، الخصم التقليدي للمداخلة السلفيين، الذين لم يعد مرغوباً فيهم في البلاد، إزاء الصوفيين المعروفين بعمق الوجود والانتشار في ليبيا منذ فترة طويلة، وتُعتبر طرابلس وبنغازي ومصراتة من أكبر معاقل الزوايا الصوفية في ليبيا. أما النايض فيمتلك صلات قوية مع فصائل "قوة حماية طرابلس" المسلحة التي أعلنت في يناير/كانون الثاني الماضي عن تأييدها له ولسعيه لتصدّر المشهد السياسي. ومن خلفيات المشهد، التي لا يبدو أن المتابع من خارج البلاد على دراية بها، أن فصائل مسلحة قوية تقاتل حفتر الآن، يترأسها منتمون للتيار الصوفي يدفعهم العداء التقليدي للمداخلة الذين يشكلون ثقلاً في قوات حفتر لمعاداته.
مما لا شك فيه أن حلفاء حفتر لم يخسروا حتى الآن، وما يتوجهون إليه هو إعادة تدوير القضية لصالحهم وقيادتها من جانب آخر.

المساهمون