قنابل نووية أميركية مخزنة في بلجيكا

قنابل نووية أميركية مخزنة في بلجيكا

17 يوليو 2019
تضم قاعدة كلاين بروغل بين 10 و20 نسخة نووية(Getty)
+ الخط -
أثار تقرير جديد للجمعية البرلمانية لـحلف شمال الأطلسي (الناتو)، حول وجود قنابل نووية أميركية في ليمبورغ شمال بلجيكا، جدلاً واسعاً في بروكسل بين مؤيدي هذا الانتشار للأسلحة الأميركية ومعارضيه.

الجدل حول وجود قنابل نووية تكتيكية أميركية في قاعدة سلاح الجو البلجيكي في كلاين بروغل، في مقاطعة ليمبورغ شمال البلاد، مستمر منذ فترة غير قصيرة، مدفوعاً بالموقف الرسمي الغامض للحكومة الفيدرالية البلجيكية، والذي يتمثل في عدم تأكيد أو إنكار وجود هذه الأسلحة الذرية على التراب البلجيكي. لكن بعض التسريبات لأكثر من مرة في الماضي، من قبل العديد من المسؤولين حوّلت القضية إلى سر معروف.

وكان السيناتور الكندي، جوزيف داي، من الحزب الليبرالي لرئيس الوزراء جاستين ترودو، هو آخر من صرح بوجود هذه القنابل في القاعدة البلجيكية. وهذه المرة، المسؤول الكندي نفسه هو الذي أكد ما يعرفه الجميع منذ فترة طويلة. ففي وثيقة كشف عنها حزب "الخضر" ونشرت، أمس الثلاثاء، في مجموعة من الصحف البلجيكية، حررها السيناتور وموجهة للجنة الدفاع والأمن التابعة للجمعية البرلمانية لحلف الأطلسي، أثار جوزيف داي الأمر قائلاً: "في إطار حلف شمال الأطلسي تنشر الولايات المتحدة حوالي 150 سلاحاً نووياً في أوروبا لاستخدامها في الطائرات ذات السعة المزدوجة لكل من الأميركيين والحلفاء. ويتم تخزين هذه القنابل في ست قواعد هي كلاين بروغل في بلجيكا، وبوشيل في ألمانيا، وأفينانو وغيدي توري في إيطاليا، وفولكل في هولندا، وإنجرليك في تركيا".

قنابل جديدة

وتم تعديل هذه المسودة من النص المنشورة على الإنترنت في 16 إبريل/نيسان يوم الخميس الماضي، بحسب الصحف التي نشرت الوثيقة. ويشدد النص الجديد على أن المعلومات نشرت من قبل مصادر غير رسمية وأن القواعد المدرجة هي تلك التي يستعملها الحلفاء.

وتعليقاً على ذلك، قال الخبير في الشؤون الدفاعية نيكولا غرو فيرهايد، لـ"العربي الجديد"، إنه "على الرغم من أن الجمعية البرلمانية هي هيئة منفصلة عن حلف الأطلسي، فإن الصمت المطلق عن الترسانة العسكرية للتحالف يطبق أيضاً على هذا التجمّع الذي يضم منتخبين وخبراء دفاع"، مضيفاً: "مهما كان الأمر، فالتقرير الذي نشره حزب الخضر على أنه من تحرير حلف الأطلسي يشير إلى أن القنابل الذرية الأميركية في كلاين بروغل، وفي أماكن أخرى في أوروبا، سيتم استبدالها بنسخة حديثة، يمكن توجيهها عن بُعد وليس فقط إسقاطها على الهدف".

وبحسب تقرير السيناتور داي، "من المتوقع أن تكون هذه القنابل النووية الموجهة منخفضة التكلفة ومصنوعة في العقد المقبل. وتقدر التكلفة الإجمالية للإنتاج بين 7,5 و10 مليارات دولار"، مشيراً إلى أن شركة لوكهيد مارتن الأميركية قد "حصلت على عقد قيمته 350 مليون دولار لتطوير طائرة اف 35 جوينت سترايك فايتر لجعلها قادرة على نقل وإطلاق القنابل الجديدة". وعن ذلك، قال غرو فيرهايد، "نعلم أنه بعد سنوات من المماطلة، اختارت الحكومة البلجيكية طائرات اف 35، على حساب المنافسين الأوروبيين، لتحل محل أسطولها القديم من طراز اف 16 وهو ما يعني أن المسؤولين البلجيكيين كانوا على علم بالقنابل الموجودة في قاعدة كلاين بروغل".

انخفاض... ولكن

وتضم قاعدة كلاين بروغل ما بين 10 و20 نسخة من هذه الأسلحة الذرية الأميركية، من أصل حوالي 150 منشورة في أوروبا، بحسب التقرير، مقارنة بـ240 قنبلة قبل عشر سنوات. إن انخفاضاً على مستوى هذا الأسلحة، التي هي أقوى بعشر مرات من تلك التي أطلقت على هيروشيما، مستمر منذ سنوات. ففي بداية العام، كانت هناك 13865 قنبلة ذرية تمتلكها تسع دول، الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية، بينما كان العدد قد وصل قبل عام إلى 14465، وفقاً للتقرير السنوي لمعهد استوكهولم الدولي لبحوث السلام الذي تم نشره الشهر الماضي. وأكثر من 90 في المائة من هذه الأسلحة في أيدي كل من روسيا والولايات المتحدة، اللتين تعهدتا في عام 2010 بمواصلة خفض ترسانتهما الاستراتيجية، أي الصواريخ العابرة للقارات، وفقاً لمعاهدة ستارت التي تنتهي صلاحيتها في نهاية عام 2021، بحسب نيكولا غرو فيرهايد.

وإذا كانت الترسانة النووية في العالم أصغر بكثير مما كانت عليه خلال الحرب الباردة، 70 ألف قنبلة نووية، فإن القوتين النوويتين الرئيسيتين تعهدتا بحزم في السنوات الأخيرة بتحديث تكنولوجيا ترساناتهما النووية ومراجعة موقفهما في هذا المجال.

ولفت غرو فيرهايد إلى أن "عقيدة حلف الأطلسي تعكس هذا الاتجاه المتمثل في العودة لصالح السلاح النووي، على خلفية التوتر المتزايد مع الكرملين والقلق من عسكرة بكين. فقبل عام في بروكسل، شدد الحلفاء على أن الردع النووي للحلف يعتمد على القنابل الأميركية التي تم نشرها في أوروبا وعلى البنية التحتية التي أتاحها الحلفاء المعنيون، بما في ذلك الطائرات ذات السعة المزدوجة".

انتقادات

وإذا كان وجود رؤوس حربية نووية أميركية على الأراضي البلجيكية لا ينتهك أي معاهدة، فلا تزال بلجيكا تحتفظ بحقها في رفض هذا الوجود بل وعليها المطالبة بذلك بحسب مجموعة من المنظمات البلجيكية المدافعة عن السلام في العالم. كما أعلن الحزب "الاشتراكي" عن ضرورة اختيار بلجيكا لمعسكر تفكيك هذه القاعدة. وطالب جون كرومبيز، رئيس الحزب، أمس الثلاثاء، بتنظيم" نقاش شفاف حول وجود القنابل النووية الأميركية على الأراضي البلجيكية". بينما قدّم حزب "الخضر" مشروع قانون لحظر وجود أسلحة نووية في بلجيكا. وأشار الحزب "الاشتراكي" إلى أنه سيدعم هذا المشروع.

ورأى ميشال كونتان، من التنسيقية البلجيكية لـ"العمل من أجل السلام والديمقراطية"، أن "هناك عدم اهتمام من قبل المواطنين، كما أنه من جانب الحكومة، هناك رغبة في تجنب إثارة هذا النقاش. لأن ذلك سيطرح حتماً مسألة شرعية وجود هذه الأسلحة على أرضنا".

وأضاف: "بالطبع الرد البلجيكي على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية هو أنه لا يسيطر على هذه الأسلحة ويحتفظ بها فقط لبلد ثالث. أما الأحزاب السياسية فقد أثارت بالفعل هذا النقاش في الماضي، من دون نجاح. ويمكن للبرلمان أن يصدر قراراً في هذا الشأن هذه المرة لكن الأمر يحتاج إلى أغلبية، غير متوفرة حتى الآن".

دلالات

المساهمون