"ولائم" وبذخ وزير البيئة الفرنسي يطيحانه من الحكومة

"ولائم" وبذخ وزير البيئة الفرنسي يطيحانه من الحكومة

16 يوليو 2019
الرجل الثاني في الحكومة من حيث أهمية منصبه(فرانس برس)
+ الخط -
هل كان بوسع وزير البيئة والتضامن الفرنسي، فرانسوا دي روجي، أن يفعل شيئا غير الاستقالة، بعدما طاولته مقالات تتحدث عن حياة البذخ التي عاشها من المال العمومي، حين كان رئيسا لمجلس النواب، بينما كان يشهِر، بكثير من القوة والاقتناع، سلاحَ ترشيد النفقات؟

كان من الصعب جدا أن يستمر الرجل الثاني في الحكومة من حيث الأهمية في منصبه، على الرغم من أنه أكد، قبل أيام فقط، أنه باقٍ في وزارته، كاشفاً أن رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون طالَبَه، في اتصال هاتفي، بالصمود، وعلى الرغم من دعم رئيس الحكومة أيضًا، فضلًا عن تصريح الرئيس ماكرون أمس بأنه لا يجب الخضوع لـ"سلطة الوشاية"، في انتقاد غير مباشر لبعض الصحافة الاستقصائية، ومنها موقع "ميديا بارت"، الذي كشف عن بعض "تجاوزات" الوزير دي روجي.

كانت ظروف الوزير الإيكولوجي، القادم من اليسار الإيكولوجي، صعبة للغاية، إذ لم يتلقّ دعما كبيراً، كما هو المنتَظَر في مثل هذه الحالات، من زملائه في الحكومة ولا من نواب الأغلبية البرلمانية. بينما اشتدت عليه الحملة من طرف رفاق له سابقين في الحزب الإيكولوجي (حزب الخضر)، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ترسخت صورة "سرطان البحر قتلني"، في إشارة إلى ولائم عديدة، يُشدّد الوزير على أنها كانت مأدبات لضيوف من المجتمع المدني وليست لأصحابه، قُدّم فيها سرطان البحر والنبيذ الفرنسي الفاخر.


وكان حضوره اليوم، أمام مجلسي النواب والشيوخ، للدفاع عن برنامجه حول البيئة والمناخ، محفوفاً بمخاطر تحوله إلى هدف لانتقادات قاسية ومباشرة تتعلق بـ"حياة القصور" والبذخ، وليس بمضمون برنامج الحكومة عن البيئة والمناخ، خاصة أن الرئيس ماكرون يحرص في ما تبقى من ولايته الرئاسية على أن يظهر بمظهر المدافع عن البيئة والمناخ، وفاءً لاتفاق باريس التاريخي.

وحتى يعلن للفرنسيين عن استقالته، اختار الوزير دي روجي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ليكتب: "الهجمات الإعلامية الموجهة لعائلتي تقودني، اليوم، إلى التراجع وأخذ مسافة ضرورية... التعبئة الضرورية من أجل أن أدافع عن نفسي تجعلني غيرَ قادر على تأمين هادئ وفعّال للمهمة التي عهد لي بها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة"، وهو ما دفعه صباح اليوم لتقديم استقالته إلى رئيس الحكومة.

وتعتبر هذه الاستقالة، التي تضعف من دون شك الحكومة في وقت تستعيد عافيتها، ورئيس الجمهورية في لحظة يستعيد فيها بعض شعبيته، وأيضا في وقت تريد فيه الحكومة تسجيل انعطافة بيئية كبرى، والتي تأتي بعد مرور سنة فقط من "قضية بنعلا"، التي لا تزال بين أيدي القضاء؛ ثاني استقالةٍ لوزير بيئة في حكومة إدوار فيليب، بعد الاستقالة المدوية لنيكولا هولو، إثر اصطدامه بخلافات مع الحكومة.​

المساهمون