ناقلة نفط تختفي بالخليج وتزيد التوتر... وإيران تعلن "مساعدتها"

ناقلة نفط تختفي بالخليج وتزيد التوتر... وإيران تعلن "مساعدتها"

17 يوليو 2019
واشنطن اتهمت طهران سريعاً بالمسؤولية عن الحادث(عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -
لا تبدو كل الجهود القائمة لضبط التوتر الأميركي ــ الإيراني المتصاعد في منطقة الخليج وبحرها، قادرة حتى اللحظة على وقف تدهور الأوضاع، وكلما يزداد الحراك الأوروبي خصوصاً للتهدئة ومنع إسقاط الاتفاق النووي، تشهد المنطقة حادثا خطيراً جديداً، فبعد احتجاز ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" قبل أيام وتأكيد طهران أنها سترد على ذلك، برز أمس الثلاثاء الكشف عن اختفاء آثار ناقلة نفط كانت تمر عبر مضيق هرمز، بعد انجرافها نحو المياه الإيرانية، وسط حديث أميركي عن أنها قد تكون محتجزة من قبل إيران، قبل أن تعلن الأخيرة مساء، نقل ناقلة نفط أجنبية، لم تكشف عن هويتها، إلى الشواطئ الإيرانية بسبب "عطل فني" أصابها. تزامن ذلك مع الكشف عن أن بريطانيا سترسل سفينة حربية ثالثة وسفينة إمداد إلى الخليج، من دون ربط ذلك بالأزمة مع إيران، على الرغم من أن صحيفة "ميرور" كشفت في وقت سابق أن "قارباً إيرانياً" مفخخاً كان في مسار السفينة الحربية البريطانية "إتش إم إس دونكان" المبحرة نحو الخليج.


وكشفت وكالة "أسوشييتد برس" أمس أن ناقلة النفط "ريا"، "التابعة للإمارات" والتي ترفع علم بنما، كانت تمر عبر مضيق هرمز، وانجرفت نحو المياه الإيرانية وتوقفت عن بث موقعها قبل ثلاثة أيام، ما أثار مخاوف بشأن وضعها. لكن وكالة أنباء الإمارات الرسمية نقلت في وقت لاحق عن "مصدر مسؤول" قوله إن الناقلة غير مملوكة من قِبل دولة الإمارات ولم يتم تشغيلها من قبل الإمارات، ولا تحمل على متنها أي طاقم إماراتي، ولم ترسل أي طلب استغاثة. وكانت الناقلة تحمل علم بنما واختفت أثناء عبورها مضيق هرمز.
وبعد ذلك بساعات، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، لوكالة أنباء إيرانية، إن ناقلة نفط واجهت "عطلاً فنياً، وبعد أن تلقت القوات الإيرانية طلب النجدة من الناقلة عملت بموجب المقررات الدولية، فتوجهت نحوها ونقلتها إلى المياه الإيرانية للقيام بإصلاحات لازمة". ولم يوضح موسوي متى وقع الحادث أو متى تم نقل الناقلة إلى الشواطئ الإيرانية، مؤكداً أنه سيتم "الإعلان عن المزيد من التفاصيل لاحقاً".

وكانت وكالة "أسوشييتد برس" قد نقلت عن مسؤول دفاعي أميركي قبل ذلك قوله إن بلاده "لديها شكوك" في أن إيران احتجزت ناقلة النفط. وقال المسؤول إن السفينة "ريا" هي في المياه الإقليمية الإيرانية قرب جزيرة قشم التي تضم قاعدة للحرس الثوري الإيراني. وأضاف "هل من الممكن أن تكون تعطلت أو تم جرها لمساعدتها؟ هذه احتمالية. ولكن كلما طالت مدة فقد الاتصال يتحول الأمر إلى مبعث للقلق". كما أوضح المسؤول، أن السفينة لم تتواصل بعد مع ملاكها ولا مع السلطات الإماراتية.

وطرح اختفاء الناقلة الكثير من التساؤلات خصوصاً في ظل التهديدات الإيرانية، وفي ظل وجود الكثير من الأساطيل الحربية في مضيق هرمز ومحيطه التي تراقب الوضع.
في غضون ذلك، قالت مراسلة صحيفة "تايمز" البريطانية لوسي فيشر أمس، إن لندن سترسل سفينة حربية ثالثة وسفينة إمداد إلى الخليج، لكن تلك الخطوة لا علاقة لها بأزمة إيران. وذكرت فيشر على "تويتر"، أن "الفرقاطة كنت من الطراز 23 ستصل في سبتمبر/أيلول، والسفينة ويف نايت ستصل الشهر المقبل". بالتوازي مع ذلك، كان متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي يقول إن أي تصعيد في التوتر بمنطقة الخليج بين الدول الغربية وإيران ليس في مصلحة أحد "وأكدنا ذلك مراراً للإيرانيين". وردا على سؤال بشأن تقارير ذكرت أن بريطانيا سترسل سفينة حربية ثالثة وسفينة إمداد إلى الخليج، قال المتحدث "لدينا وجود دائم في المنطقة".

في السياق، كشفت صحيفة "ميرور" البريطانية، عن العثور على "قارب مفخخ" إيراني ضمن مسار السفينة الحربية البريطانية "دونكان" المبحرة نحو الخليج. ولفتت إلى أنّ السفينة وُضعت في حالة تأهب قصوى بعد اكتشاف القارب. وأكدت أنّ القارب الهجومي، غير المأهول، والمليء بالمتفجرات، كان يُمكن أن يُحدث فجوة في هيكل المدمّرة البريطانية. وشوهد القارب الذي يتمّ التحكم به عن بعد كامناً في البحر الأحمر، من قبل القوات السعودية، بالقرب من مسار المدمّرة البريطانية، التي تبحر باتجاه الخليج لحماية الملاحة فيه، وفق الصحيفة.


يأتي ذلك مع استمرار التهديد الإيراني بخطوات تصعيدية. وهدد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أمس الثلاثاء، بأن بلاده لن تبقي احتجاز بريطانيا ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" في مياه جبل طارق منذ الرابع من الشهر، من دون رد، وأنها "سترد في الزمان والمكان المناسبين". وقال خامنئي في خطاب إنه وسط "التوقعات الأوروبية العبثية" بشأن الاتفاق النووي "ترتكب بريطانيا الخبيثة قرصنة بحرية وتسرق سفينتنا وتنفذ جريمة وتعطيها طابعا قانونيا في الوقت نفسه"، مضيفا أن "الجمهورية الإسلامية وعناصرها المؤمنة لن تبقي هذه الخبائث من دون رد". وهاجم خامنئي الدول الأوروبية، لموقفها من الاتفاق النووي، وقال إن بلاده "نفذت تعهداتها النووية وحتى أكثر منها فعلت، لكن أوروبا لم تف بالتزاماتها"، مهددا في الوقت نفسه بأنها ستواصل "حتما تقليص التعهدات النووية".

في الأثناء، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، المتواجد في نيويورك للمشاركة في اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، في مقابلة مع قناة "إن بي سي" الأميركية، إن خيار بلاده في مواجهة الضغوط هو "المقاومة"، مؤكدا أن طهران "لا تسعى إلى تصعيد التوتر، لكن إذا تعرضنا لأي اعتداء سندافع عن أنفسها". وأضاف أنه في حال أرادت الإدارة الأميركية "حلا يحفظ ماء الوجه للخروج من الأوضاع الراهنة فذلك متوفر"، مشيرا إلى ضرورة تراجعها عن عقوباتها المفروضة على إيران. وحول إمكانية تفاوض طهران مع واشنطن، قال ظريف لـ "إن بي سي"، إنه "في حال رفعت العقوبات فإن الفضاء يفتح بالكامل على التفاوض".
وحذر ظريف من أن الولايات المتحدة "تلعب بالنار". وفي موقف لافت، قال ظريف إن برنامج بلاده للصواريخ البالستية قد يطرح على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة إذا توقفت واشنطن عن بيع الأسلحة إلى حلفائها الخليجيين في الشرق الأوسط. وأضاف "الأسلحة الأميركية تتجه إلى منطقتنا، ما يجعل منطقتنا جاهزة للانفجار. لذا إذا أرادوا التحدث عن صواريخنا، فعليهم أولا التوقف عن بيع كل هذه الأسلحة". لكن المتحدث باسم البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة علي رضا ميريوسفي، نفى في وقت لاحق، استعداد بلاده للتفاوض بشأن برنامجها الصاروخي، قائلاً إن تصريحات ظريف "حُرفت".

في موازاة ذلك، أكدت السلطة القضائية الإيرانية أمس توقيف الباحثة الجامعيّة الفرنسيّة الإيرانية، فريبا عدلخاه، غداة إعلان باريس اعتقالها، من دون تقديم تفاصيل إضافية. وعلى الرغم من هذا التوتر المتصاعد، كانت الصين تشدد أمس على أن "لا بديل" للاتفاق النووي الإيراني وأنه الطريقة الوحيدة لحل المخاوف بشأن البرنامج النووي لطهران. وألقت وزارة الخارجية الصينية باللوم على الولايات المتحدة في التسبب في التوترات الحالية، بعد انسحاب إدارة دونالد ترامب من الاتفاق في العام الماضي وبعد أن أعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

المساهمون