من القتال إلى المجتمع المدني: "الحشد الشعبي" توسع وجودها

العراق: من جبهات القتال إلى المجتمع المدني والمؤسسات... فصائل "الحشد" توسع وجودها

11 يوليو 2019
جامعات ومراكز بحثية مرتبطة بالفصائل المسلحة(حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
بعد نحو خمس سنوات على تأسيس "الحشد الشعبي" في العراق، من فصائل ومليشيات مسلحة مختلفة تجاوز عددها السبعين تشكيلاً تأسس أغلبها بناءً على فتاوى المرجع الديني، علي السيستاني، إثر اجتياح تنظيم "داعش" مساحات واسعة من شمال وغربي البلاد منتصف عام 2014؛ بات ظهور تشكيلات "الحشد"، في الجانب الاجتماعي والمدني أكثر من أي وقت مضى، وخاصة في الأشهر القليلة الماضية التي طوت صفحة القتال والمعارك بتحرير آخر المناطق من سيطرة التنظيم.

مراكز بحثية ومنظمات إغاثية وإدارة حملات، لا علاقة لها بما أُسست له تلك الفصائل، مثل حملات تنظيف الأنهار، والمشاركة في صد السيول الأخيرة عن المدن، والمشاركة في إخماد حرائق حقول القمح، وصولاً إلى المشاركة في فض النزاعات العشائرية وحتى رفع التجاوزات في الأسواق والمناطق العامة، انتهاءً بمشروع جامعة تضم عدة كليات بإشراف مباشر من قيادة "الحشد الشعبي"، التي حصلت على قانون خاص بها يساوي عناصرها بحقوق وصلاحيات الجندي النظامي في الجيش العراقي.

الخطوات التي اعتبرت تغلغلاً مدروساً في مؤسسات المجتمع المدني والحياة العامة للسكان، محاولة للحفاظ على تماسكها بعد تراجع خطر الإرهاب الذي كان مبرراً لوجودها العسكري.

وتحت هذا التغلغل، حصلت جامعة "الشهداء" الخاصة التي كشف النقاب عنها أخيراً، على موافقة وزارة التعليم العالي العراقية، ومقرها في بغداد، وفقاً لمسؤول في هيئة "الحشد" كشف لـ"العربي الجديد"، أن مراكز بحثية أخرى ولجاناً خاصة لتنظيم الندوات إلى جانب لجان جهد مدني تم استحداثها في الحشد، ستكون أكثر حضوراً في المجتمع العراقي في الفترة المقبلة.

وأوضح المصدر أن "تشكيل الجامعة يهدف لمنح عناصر الحشد وذويهم فرصة إكمال دراستهم وتأهيلهم بشكل مناسب وإعداد قادة منهم"، وفقاً لتعبيره.

ولم تقتصر انتقالة "الحشد" إلى المجتمع المدني والمؤسسات على جامعة "الشهداء"، بل برزت أخيراً مراكز بحثية عدّة مرتبطة بالفصائل المسلحة.

وقال حيدر الربيعي، وهو أحد الباحثين الذين عملوا مع مراكز بحثية تابعة لـ"الحشد"، إن غالبية "أفكار الندوات والعناوين البحثية تركز على المسألة العقائدية لأفكار الحشد، ومحاربة التطرف والفكر التكفيري"، معتبراً أنّ "ما يجري هو امتداد للمنجز العسكري الذي حققته الفصائل المسلحة على داعش".

وأشار الباحث في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى وجود رغبة بتخليد ما تحقق في معارك "الحشد" على شكل كتب وبحوث، فضلاً عن التركيز على إعداد جيل من الباحثين والمحللين والسياسيين من عناصر "الحشد" وذويهم.

وحاولت مراكز بحثية تابعة للفصائل المسلحة، كـ"الهدف" و"الأفق" التابعين لمليشيا "حزب الله العراقي"، ومركز "بدر" التابع لمليشيات "بدر"، المنضوية ضمن "الحشد الشعبي"، ومراكز أخرى، إبراز نشاطاتها خلال الفترة الأخيرة سواء من خلال الندوات، أو إعداد البحوث المختلفة.

كما أصدر مركز "بدر"، الشهر الماضي، كتاباً حمل عنوان "مستقبل الأحزاب والحركات السياسية في العراق" لمجوعة مؤلفين، وبحسب أحد المشاركين بتأليف للكتاب فإنه ينظر إلى مستقبل العراق بعد دخول المليشيات للعملية السياسية، لافتاً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن الكتاب حاول البحث عن حلول سياسية معمقة بمشاركة "الحشد".

يشار إلى أن الجناح السياسي لـ"الحشد"، المتمثل بتحالف "الفتح"، تمكن من الحصول على 47 مقعداً في البرلمان بالانتخابات التشريعية التي جرت العام الماضي، حصلت على أثرها فصائل مسلحة على وزارات ومناصب أخرى حسّاسة في الدولة العراقية.

وأمس الأربعاء، التقى نائب رئيس "هيئة الحشد" أبو مهدي المهندس، بعدد من شيوخ قرية العوجة (مسقط رأس صدام حسين) بمحافظة صلاح الدين (شمالاً)، المهجرين من منازلهم منذ عام 2014. ووفقاً للموقع الرسمي لـ"الحشد"، فإن المهندس أمر بالمباشرة فوراً بإعادة الأسر النازحة من القرية، وذلك بعد نحو أربع سنوات من منعهم العودة لأسباب مجهولة.

وعلى الرغم من ذلك، إلا أن سياسيين على الجانب الآخر لا يثقون بأي إجراء يقوم به "الحشد الشعبي"، كنائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك، الذي حذر من احتمال تشكيل "حرس ثوري عراقي"، بسبب ما تقوم به الفصائل المسلحة، مشدداً خلال مقابلة متلفزة على ضرورة أن يضبط الأمن من القوات الرسمية.