السودان: 4 قتلى برصاص الأمن بأول أيام العصيان المدني

السودان: 4 قتلى برصاص الأمن في أول أيام العصيان المدني

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
09 يونيو 2019
+ الخط -

قُتل 4 أشخاص، برصاص قوات الأمن التابعة للمجلس العسكري في السودان، رداً على محاولتهم وضع متاريس في العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان، استجابة لدعوات قوى "إعلان الحرية والتغيير" تنفيذ عصيان مدني، اليوم الأحد.

وقالت لجنة أطباء السودان المركزية، اليوم الأحد، في منشور على صفحتها في "فيسبوك"، إنّه "ارتقى قبل قليل الشهيد أيمن أسامة (20 سنة) إثر طلق ناري مباشر في الصدر، طاوله من فوهات بنادق مليشيا الجنجويد أمام أحد تروس أم درمان الصمود – الإسكان".

وكانت قد أفادت بـ"ارتقاء شهيدين بمستشفى السلاح الطبي، إثر تعرضهما للضرب والطعن بآلات حادة (سواطير) من قبل مليشيات الجنجويد"، مشيرة إلى "وجود عدد من الإصابات الأخرى التي تم إسعافها".

وعلم "العربي الجديد" أنّ الشخصين، لم تذكر اللجنة تفاصيل عن هويتهما، كانا قد تعرّضا، في وقت سابق اليوم الأحد، لإطلاق رصاص من قبل القوات الأمنية، في أم درمان، أثناء محاولتهما وضع متاريس في أحد الشوارع.

وفي وقت سابق اليوم الأحد، أعلنت اللجنة، في بيان، نشرته على "فيسبوك"، مقتل المتظاهر وليد عبد الرحمن، بعد إصابته برصاص قوات الأمن في الصدر، في منطقة الخرطوم بحري.

وأفادت بأنّ ذلك يرفع عدد القتلى منذ فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، الإثنين الماضي، إلى 118 شخصاً.


وشهدت العاصمة الخرطوم ومدن سودانية أخرى، اليوم الأحد، حالة من الشلل التام، استجابة لدعوات قوى "إعلان الحرية والتغيير" تنفيذ عصيان مدني، احتجاجاً على تنفيذ المجلس العسكري مجزرة فض الاعتصام.

وعمد مواطنون إلى وضع متاريس في الأحياء الداخلية بعيداً عن الشوارع الرئيسية، إذ لجؤوا إلى نصبها ثم الانسحاب فوراً، خوفاً على سلامتهم، أو تعرّضهم للاعتقال من قبل قوات الأمن.

ولم توجّه المعارضة السودانية دعوات للمواطنين بالتوجه إلى مكان الاعتصام أمام قيادة الجيش في الخرطوم، واستبدلت ذلك بالمطالبة بوضع المتاريس والتزام الإضراب.

في المقابل، سُجّل انتشار كثيف لقوات الأمن التابعة للمجلس العسكري، والتي حاولت التدخل لإزالة الحواجز والمتاريس التي يقيمها المحتجون، وعمدت إلى إطلاق الرصاص في الهواء لتفرقة تجمعات.

وفي أم درمان، استجاب المعتصمون لمناشدة من الأهالي، بفتح الطرق لمدة ساعتين من الساعة 1 حتى الساعة 3 ظهراً بالتوقيت المحلي، لخروج حالات طارئة إلى المستشفيات، أو التبضّع بالمواد الأساسية من بعض المحال التي لم تغلق أبوابها.

وفي الخرطوم، أدى الإضراب إلى شلل شركات الاتصالات، ومنها "زين" و"MTN"، وبشكل محدود في شركة "سوداني".

في المقابل، أفاد شهود عيان "العربي الجديد"، بأنّ قوات الأمن اقتادت موظفين في شركة الكهرباء الأساسية في الخرطوم إلى مكان عملهم، تحت تهديد قوة السلاح، لمنعهم من المشاركة في العصيان المدني.

وفي القطاع المصرفي، شهد بنك "الخرطوم" مشاركة فاعلة في الإضراب، وهو أحد أكبر البنوك السودانية.

في الأثناء، حذر "تجمع المهنيين السودانيين" من "وضع كارثي" يهدد حياة الجرحى والمصابين والمرضى، جراء إغلاق قوات الأمن التابع للمجلس العسكري لعدد من المستشفيات الحكومية والخاصة.

وقال التجمع، في بيان نشره على صفحته في "فسبوك"، إنّ المجلس العسكري القاتل... لم يكتف باغتيال المعتصمين بدم بارد، بل تمادى في غيه، متخذاً قراراً أرعن بإغلاق العديد من المشافي الحكومية والخاصة، واقتحام الصندوق القومي للإمدادات الطبية، وإحكام السيطرة على مباني إدارته ومخازنه لعدة ساعات ثم انسحب للخارج".

وحذر التجمع من "وضع كارثي يمثل تهديداً مباشراً لحياة الجرحى والمصابين والمرضى بصورة عامة بتقليل الرقعة الجغرافية للخدمة الصحية وتجفيف الإمداد الطبي الضروري لعلاج وإنقاذ المرضى".

وحمّل التجمع المجلس العسكري "وزر كل روح تزهق"، وأكد أنّ الأطباء سيعملون على "علاج الحالات الطارئة في أي مكان وزمان فيما تبقى من مستشفيات عامة كانت أو خاصة".



وتحدّث محمد الشريف وهو طبيب في مستشفى "رويال كير" في الخرطوم، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، عن 3 أسباب ساعدت في الاستجابة للعصيان المدني.

وقال إنّ "حالات الاعتداء من قبل القوات الأمنية على المستشفى، خلال الأيام الماضية، ومحاولة منع الأطباء من مزاولة عملهم، أدت إلى عدم شعور الأطباء بالأمان خلال العمل".

وأوضح أنّ "بعض الأطباء مُنعوا بواسطة الأجهزة الأمنية من الوصول إلى أقسام الطوارئ، ما أثر على العمل فيها".

وذكّر الشريف أنّ الأطباء "هم روافد للثورة السودانية، وكانوا من أوائل المشاركين في تنفيذ الإضرابات لإسقاط نظام الرئيس عمر البشير"، خلال الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وشدد الشريف على أنّ "الأطباء سيواصلون الآن العصيان حتى تحقق الثورة أهدافها بقيام حكومة مدنية".

من جهته، قال زهير الدالي، وهو مواطن من منطقة الحاج يوسف شرقي الخرطوم، لـ"العربي الجديد"، "لم أشهد الخرطوم بمثل هذا الشلل التام منذ نعومة أظافري"، مشيراً إلى أنّ كافة المحلات التجارية والمؤسسات مغلقة تماماً.

وأضاف أنّ "ما دفعني للمشاركة في العصيان المدني هي الطريقة البشعة التي تم بها فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش في الخرطوم".

وأوضح الدالي أنّه نجا من مجزرة فض الاعتصام، لكنّه أُصيب إصابة بالغة في رأسه، جراء تعرّضه للضرب من قبل قوات الدعم السريع التابعة للمجلس العسكري، مشيراً إلى أنّ هذه القوات أحرقت حقيبة أمتعة له وعمدت إلى تكسير سيارته.

وسخر الدالي من "دعاية المجلس العسكري بوجود عمليات نهب وسرقة في شوارع الخرطوم"، مشيراً إلى أنّه "على العكس من ذلك، أدى ذلك للاستجابة لدعوات العصيان، إذ حرص كثير من الناس على البقاء في منازلهم لحماية أسرهم".

وأشار الدالي إلى أنّ "المتظاهرين في منطقة الحاج يوسف تداولوا رسائل تحث الآباء على عدم الخوف على أبنائهم"، لافتاً إلى أنّ هؤلاء "قالوا في الرسائل إنّنا من حملة الشهادات العليا من دون فرص عمل، وأمام طريق الهجرة غير الشرعية، لكننا اخترنا طريقاً لن نتراجع عنه، عنوانه المقاومة والنضال في بلدنا، ونحن جاهزون لدفع أي ثمن".


وفي السياق، قال شهدي عبد الله، وهو سائق أجرة من مدينة أم درمان، لـ"العربي الجديد"، إنّه حرص على المشاركة في العصيان المدني "لأنّ المجلس العسكري يستحق مغادرة السلطة فوراً".

وضمّ عبد الله صوته إلى المطالبين بتسليم المجلس السلطة لحكومة مدنية، معرباً عن عدم ثقته المطلقة بحكم العسكر، "ولا في قدرتهم على تنظيم انتخابات حرة ونزيهة"، كما قال.

ونفّذت قوات الدعم السريع التابعة للمجلس العسكري السوداني، الإثنين، مجزرة بحق المتظاهرين في الاعتصام المستمرّ منذ أسابيع أمام مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة في وسط الخرطوم، أسفرت عن مقتل أكثر من مائة شخص، ألقيت جثث نحو 40 منهم تقريباً في مياه النيل، في حين قللت السلطات السودانية من أعداد الضحايا، واعترفت فقط بسقوط 60 شخصاً.

والاعتصام أمام قيادة الجيش في الخرطوم بدأ في 6 إبريل/ نيسان الماضي، وكان سبباً لإطاحة الجيش، في 11 إبريل/ نيسان، نظام الرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، وذلك بعد احتجاجات شعبية طالبت برحيله منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ذات صلة

الصورة

سياسة

كوارث هائلة لا تزال حرب السودان تتسبب بها بعد مرور عام على اندلاعها. مقدار المآسي وغياب آفاق الحل والحسم يفاقمان هشاشة أحوال هذا البلد.
الصورة
تحقيق تهريب السوريين

تحقيقات

للمرة الثانية يضطر السوريون إلى ترك كل ما يملكون وراء ظهورهم للنجاة بحياتهم، فراراً من حرب السودان، إذ يسلكون دروباً صحراوية شديدة الخطورة للانتقال إلى مصر
الصورة
أطفال سودانيون في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور في السودان (الأناضول)

مجتمع

أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأنّ طفلاً واحداً على الأقلّ يقضي كلّ ساعتَين في مخيّم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان بسبب سوء التغذية.
الصورة

سياسة

قالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 300 ألف شخص فروا من القتال على جبهة جديدة في حرب السودان مع دخول مقاتلين من قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش مدينة ود مدني.