العيد في اليمن: التاريخ لن يرحم

العيد في اليمن: التاريخ لن يرحم

04 يونيو 2019
تدهور في القدرات الشرائية لليمنيين (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -
لا يكاد يوجد في أوساط اليمنيين، كما أغلب الشعوب العربية والمجتمعات الإسلامية، مَن لم يتحول عيد الفطر إلى شغله الشاغل، في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، لكن بأية حالٍ يستقبل اليمنيون هذا العيد في ظل الأزمة الإنسانية والمعاناة متعددة الأوجه؟ وفي حضرة العيد، تحضر أزمة مرتبات الموظفين الحكوميين في اليمن، كأحد أبرز أوجه المعاناة وأشدها قسوة، إذ اعتاد الموظفون في سنوات سابقة، أن يبدأ الحديث مع كل نهاية رمضان، مرتبطاً بالشائعات التي كانت تسري، عن أن الحكومة تستعد لصرف مرتب "إكرامية" إضافي في شهر رمضان، وبسبب تضاعف المتطلبات، تسلم موظفو القطاع العام في سنوات ما قبل الحرب، مرتب شهرين (أحدهما يخص الشهر الذي يليه).

المقارنة المؤلمة، أن مئات الآلاف من اليمنيين من موظفي القطاع الحكومي، فقدوا مستحقاتهم الشهرية منذ ما يزيد عن عامين، ويستقبلون العيد في أوضاع شديدة القسوة، إذ يعجز الكثيرون منهم عن توفير أيٍ من المتطلبات العيدية لأطفالهم أو تكاليف الزيارات المعتادة للأقارب. وفي الواقع، فإن التاريخ لن يرحم أحداً من الأطراف المسؤولة عن نهب هذه الحقوق وتحويل جزء هائل من موظفي وإداريي البلاد ومؤسساتها الرسمية، إلى شريحة فقراء. فالحكومة الشرعية يجب أن تعلم أنها مسؤولة مباشرة عن تسليم حقوق الموظفين في كافة أنحاء البلاد، مهما كانت تعتقد بوجاهة المبررات التي تقدمها، ومهما كان حجم الإدانة التي يستحقها الحوثيون، الذين يتحكمون بموارد وعائدات المحافظات الخاضعة لسيطرتهم ولكنهم لا يزالون يرفضون دفع حقوق الموظفين، ويتعذرون بنقل المصرف المركزي من صنعاء إلى عدن.

في الأثناء، يطرح العيد سؤالاً ملحاً وهو: هل يفكر الساسة وكافة المسؤولين اليمنيين، سواء كانوا في الداخل أو الخارج، في شعور أب لا يقدر أن يوفر كسوة العيد لصغاره؟ شريحة الموظفين اليمنيين ليست سوى جزءٍ من معاناة يمنية شاملة، فهناك مئات الآلاف أيضاً، فقدوا مصادر دخلهم من موظفي القطاعَين الخاص والمختلط، علاوة على الغلاء بارتفاع الأسعار، الذي يطحن عموم سكان البلاد، في حين يواجه آخرون، مرارة انقسام العوائل بين مدينة وأخرى أو بين الداخل والخارج، نتيجة للظروف السياسية والأمنية. وهناك مسافرون عالقون في منفذ بري وآخر جوي (هما الوحيدان العاملان في البلاد)... وعدد غير محدود من أوجه المعاناة التي تجعل من العيد مناسبة لتجدد الحزن وليس موسماً للبهجة والفرح.

المساهمون