ليبيا: حفتر يوسع دائرة حربه

ليبيا: حفتر يوسع دائرة حربه

30 يونيو 2019
سيطرة قوات الوفاق على غريان ضربة لحفتر(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

اتجه اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، لتوسيع دائرة حربه، عبر التهديد باستهداف المصالح التركية في ليبيا، وذلك بعد تلقيه ضربة قاسية في إطار هجومه على العاصمة طرابلس، بخسارته مدينة غريان الاستراتيجية يوم الأربعاء الماضي، واستمرار تقدّم قوات حكومة الوفاق الوطني في محاور أخرى قرب العاصمة. غير أن تهديدات حفتر قوبلت بتحذير من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن بلاده "ستتخذ التدابير اللازمة" في حال صدرت أي خطوات عدائية ضدها من مليشيات حفتر، مما يزيد من خطر انزلاق الأزمة الليبية إلى مزيد من التعقيد، خصوصاً أن داعمي حفتر وتحديداً مصر والإمارات، لا تزالان تصران على توفير كل الدعم المالي والعسكري والسياسي له لتحقيق هدفه بالسيطرة على طرابلس، وآخر هذا الدعم محاولة إغراء شخصيات وزعماء قبائل من غرب ليبيا للانضمام إلى حفتر بهدف شق صفوف حكومة الوفاق، وفق ما كشفت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد".

وفي تطور لافت، توعّد حفتر باستهداف المصالح التركية في ليبيا، وأمر مليشياته بضرب السفن والمصالح التركية ومنع الرحلات من وإلى تركيا والقبض على الرعايا الأتراك في ليبيا، وفق ما أعلن المتحدث باسم مليشيات حفتر، اللواء أحمد المسماري. وقال المسماري في بيان مساء الجمعة، إنّ الأوامر صدرت "للقوات الجوية باستهداف السفن والقوارب داخل المياه الإقليمية، وللقوات البرية باستهداف الأهداف الاستراتيجية التركية". وأضاف "تُعتبر الشركات والمقار التركية وكافة المشاريع التي تؤول للدولة التركية (في ليبيا) أهدافاً مشروعة للقوات المسلحة". وأشار إلى أنه سيتم "إيقاف كل الرحلات من وإلى تركيا والقبض على أي تركي داخل الأراضي الليبية". وتسيّر شركات ليبية رحلات جوية منتظمة إلى تركيا انطلاقاً من مطارَي معيتيقة في طرابلس ومصراتة (غرباً). ولم يوضح المسماري كيف ستتمكن مليشياته من فرض حظر طيران في منطقة غير خاضعة لسيطرتها. واتّهم المسماري أنقرة بالتدخّل "في المعركة مباشرةً: بجنودها وطائراتها وسفنها". ووفقاً له، فإنّ إمدادات من الأسلحة والذخيرة تصل مباشرة إلى قوات حكومة الوفاق عبر البحر المتوسط.

ورداً على ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن تركيا "ستتخذ التدابير اللازمة" في حال صدرت أي خطوات عدائية ضدها من مليشيات حفتر. وفي مؤتمر صحافي من مدينة أوساكا اليابانية، على هامش قمة العشرين، وتعليقاً على تصريحات مليشيات حفتر، أوضح أردوغان إنه لا يزال غير متأكد من الجهة التي أصدرت تلك التعليمات. وأضاف: "في حال كانت التعليمات صادرة عن اللواء حفتر فإننا سنتخذ التدابير اللازمة". وتأتي تهديدات حفتر لتركيا غداة استعادة قوات حكومة الوفاق السيطرة على مدينة غريان، التي تُعتبر قاعدة عمليات حفتر التي أطلق منها في الرابع من إبريل/نيسان الماضي الهجوم على طرابلس. وكان حفتر سيطر على غريان في 2 إبريل قبل إطلاق بعد يومين هجومه على طرابلس. وتسبّبت المعارك في طرابلس ومحيطها منذ اندلاعها بسقوط 739 قتيلاً على الأقل وإصابة أكثر من أربعة آلاف بجروح، فيما أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجريك، الجمعة، ارتفاع أعداد الفارين من منازلهم جراء القتال في طرابلس وضواحيها، منذ إبريل الماضي، إلى 105 آلاف شخص. ومنذ خسارتها غريان، شنّت مليشيات حفتر غارات جوية عدة على هذه المدينة. وأكد شهود عيان داخل غريان لـ"العربي الجديد" أن طيران حفتر قصف فجر أمس السبت، ولليوم الثاني على التوالي، معسكر الثامنة ومواقع أخرى بعضها قريب من مساكن مدنيين، مؤكدين أن الأضرار مادية فقط في مساكن المدنيين.

أما قوات حكومة الوفاق التي تسعى إلى قطع خطوط الإمدادات عن القوات الموالية لحفتر، فقد شنّت الجمعة هجوماً على السبيعة، على بعد أربعين كيلومتراً جنوب طرابلس، وتحدّثت عن السيطرة عليها. إلا أن المسماري أشار إلى أنه تمّ صدّ الهجوم متحدثاً عن "معركة عنيفة جداً". بينما بدأت القوات الموالية لحكومة الوفاق بالتقدّم أمس، في محوري اليرموك ووادي الربيع جنوب شرق طرابلس. وقال القائد الميداني مصعب الشيباني إن "تقدمنا يأتي وفق الأوامر والخطط العسكرية لإنهاء وجود مليشيات حفتر بشكل كلي جنوب طرابلس بل وكامل محيطها". وكان مكتب الإعلام الحربي لقوات الحكومة قد أكد الجمعة وصول قوات الوفاق إلى منطقة سوق السبت، أولى مناطق ترهونة بعد سيطرتها على منطقة السبيعة.


في غضون ذلك، كشفت مصادر رسمية مصرية، لـ"العربي الجديد"، عن فصل جديد من التحركات المصرية الإماراتية، لدعم ميلشيات اللواء الليبي خليفة حفتر، التي تخوض حرباً ضد القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً، لدخول العاصمة طرابلس عسكرياً، بدعم مالي وعسكري من القاهرة والرياض وأبوظبي. وقالت المصادر إن لقاءً ضمّ شخصيات رفيعة المستوى من مصر والإمارات، استقبلته القاهرة الأسبوع الماضي، بحضور شخصيات وزعماء قبائل من المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق في غرب ليبيا. وأوضحت المصادر أن الاجتماع كان يهدف لإحداث انشقاقات داخلية كبيرة داخل معسكر الغرب الليبي، الواقع تحت سيطرة حكومة الوفاق، لمساعدة المليشيات التابعة لحفتر على اقتحام العاصمة بسرعة، في ظل التفوق الذي حققته قوات حكومة الوفاق أخيراً.

وأضافت المصادر أن اللقاء حضره إلى جانب 6 من القيادات القبلية، شخصية عسكرية من مدينة مصراتة، التي تعد المعقل الأقوى في قوات غرب ليبيا، وبحضور شخصية أمنية مصرية بارزة، وممثل عن مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، المسؤول الأول في الإمارات عن متابعة ملف ليبيا، بتكليف من شقيقه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. وبحسب المصادر، فإن اللقاء تناول إمكانية قيام الشخصيات الليبية، المدعوّة إلى اللقاء، بتحركات داعمة لحفتر من داخل معسكر الغرب، بشكل يربك قوات حكومة الوفاق، وذلك مقابل دور مستقبلي لهم في حال تغير الأوضاع لصالح حفتر، وسيطرته على العاصمة، إضافة إلى رصد مبالغ مالية ضخمة لتمويل تلك التحركات.



وكانت قوات حكومة الوفاق الوطني أعلنت، الأربعاء الماضي، أنها بسطت نفوذها على مدينة غريان، التي كانت تسيطر عليها مليشيات حفتر منذ بداية عمليته العسكرية لاقتحام طرابلس قبل أكثر من شهرين ونصف الشهر، بعدما تمكن من شراء ولاءات عدد من القيادات القبلية. وتعد سيطرة قوات الوفاق على غريان بمثابة ضربة قاصمة لحفتر، إذ تتحكم تلك المدينة في خطوط الإمداد الخاصة بمليشياته التي تهاجم العاصمة. ونشرت القيادة العسكرية لعملية "بركان الغضب"، التي تقودها الحكومة، صوراً لأسلحة نوعية وآليات عسكرية زودت بها الإمارات مسلحي حفتر، عثرت عليها بعد سيطرتها على مدينة غريان، فيما قالت قيادة مليشيات حفتر إنها تستعد لشنّ عملية عسكرية موسعة من أجل استعادة السيطرة على مدينة غريان الواقعة جنوبي غرب طرابلس من جديد. وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة لحفتر، إن كل مليشياتها أصبحت جاهزة لتتحرك من جديد نحو غريان، بعد ترتيب صفوفها، تزامناً مع توجه تعزيزات عسكرية جديدة تابعة إلى "قوات الصاعقة" إلى المدينة لمساندة قوات المليشيات، تمهيداً لاستعادتها.

يأتي هذا في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر من داخل معسكر حفتر عن شحنات من المساعدات العسكرية الجديدة التي بدأت تتدفق مجدداً من خلال الحدود مع مصر، كاشفة عن مطالبات قدمها حفتر للمسؤولين في مصر والإمارات لمساعدته بضربات جوية من سلاحي الجو المصري والإماراتي لدعم مليشياته، في ظل تراجع قدرات سلاح الجو التابع له. وكانت مصادر مصرية وليبية كشفت، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، عن إمداد الإمارات لحفتر بشحنات كبيرة من الأسلحة لمواجهة التفوق الأخير لقوات حكومة الوفاق، قائلة إن "تلك الآليات، مصحوبة بعسكريين مصريين وخبراء إماراتيين، تم الدفع بها إلى محاور القتال حول العاصمة طرابلس، في المعركة الدائرة هناك". وقالت المصادر إن تلك الشحنات تضمنت صواريخ محمولة على الكتف مضادة للطائرات، وذخائر مدفعية، وأنظمة رؤية ليلية، لافتة إلى أن أهم ما تضمنته تلك الشحنات هي منظومة "بانتسير أس1" الصاروخية.

المساهمون