عمدة باريس "تُهدي" للاحتلال الإسرائيلي "ساحة القدس"

عمدة باريس "تُهدي" للاحتلال الإسرائيلي "ساحة القدس".. وتظاهرات مندّدة الأحد

29 يونيو 2019
عمدة باريس مقربة من إسرائيل(Getty)
+ الخط -
قُرْبُ عمدة باريس آن هيدالغو، السياسي والأيديولوجي من إسرائيل، ليس سرّاً على أحد، وقد عبرت عنه خلال مواقف وقرارات سابقة، ظهر فيها حجم الخدمات التي قدمتها إسرائيل لتلميع صورتها، فرنسياً، وفي كل مرة تتعرض فيها العمدة للانتقاد تبادر للإعلان عن رغبتها في رؤية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهكذا تعيد الكرّة، قبل أشهر على الانتخابات البلدية (2020)، التي تكشف فيها العديد من استطلاعات للرأي صعوبة، وأحياناً استحالة نجاحها في الفوز بولاية ثانية. وحيث الأصوات اليهودية مُرحَّبٌ بها، علماً أن الجالية اليهودية تصوت بشكل كبير ومنسق.

وهذه المرة قررت العمدة آن هيدالغو، وهي من أصول إسبانية، كما هو حال أصول زميلها الاشتراكي السابق مانويل فالس، تقديم هدية إضافية للحكومة الإسرائيلية، وهي افتتاح الساحة السابعة عشرة في باريس، يوم غد الأحد، تحمل اسم "ساحة القدس"، في حضور عمدة القدس، موشي ليون، وهو من المتشددين في المواقف التي تنظر إلى القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل ومن أنصار الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، في تناقض صارخ مع الموقف الرسمي الفرنسي ومع الإجماع الدولي الذي يرفض القرار الإسرائيلي حول القدس.

وقد تعالت أصوات فرنسية رافضة لهذا القرار الذي اتخذته آن هيدالغو. فمن جهة تطالب المعارضة السياسية اليمينية لعمدة باريس، التخلي عن هذا الإجراء، فيما يتعالى صوت دانييل سيموني العضو في المجلس البلدي، أيضاً، عن "فرنسا غير الخاضعة"، مندداً بالقرار. وقد اعتبرت هذه السياسية الأمر، في تعليق نشرته على صفحتها في "فيسبوك"، بمثابة "خطأ سياسي من قبل الأغلبية البلدية، في احتقار للقانون الدولي وللسلام وللأخوة بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي".

وكشفت سيموني، المنتَخَبة في بلدية باريس، عن حركة "فرنسا غير الخاضعة"، أنّ آن هيدالغو ومساعدتها الشيوعية، كاترين فيو-شاريير، رفضتا التعديل الذي تقدمت به، الذي يقترح: "أن يشير اسم الساحة إلى الأمل في أن تكون القدس عاصمة لدولتين، فلسطين وإسرائيل".

وفضحت هذه القيادية المقربة من زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، صمت، إن لم يكن تواطؤَ حلفاء آن هيدالغو، من اليسار المتعدد، أي الحزب الشيوعي والخضر الإيكولوجيين وحركة "أجيال" التي يقودها بونوا هامون، برفضهم التصويت على التعديل الذي اقترحته.

وتساءلت سيموني كيف يمكن لهذا الإجراء، الذي أقره المجلس البلدي يوم 12 يونيو/ حزيران، أن يكون محايداً، وخاصة مع مرور سنة على نقل الولايات المتحدة الأميركية لسفارتها إلى القدس.

ومن جهة أخرى، أكد الأكاديمي توفيق التهاني، الرئيس الشرفي لجمعية "فرنسا - فلسطين للتضامن"، وهو من أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية في فرنسا، سواء من خلال الجمعية أو من خلال مشاركته في ندوات ونقاشات حول حقوق الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل استقلاله، أو عبر تغريداته على "تويتر"، أن عمدة باريس آن هيدالغو المعروفة بنزوعها الصهيوني، "وصلت بها الوقاحة إلى دعوة سفير دولة فلسطين، لحضور افتتاح "ساحة القدس" في باريس".

وقال التهاني في حديث مع "العربي الجديد"، إن "القدس، وعلى عكس كرامة آن هيدالغو، ليست للبيع".

وعلى الرغم من أن الأمر يبدو وكأنه تمّ في أجواء شفافة في المجلس البلدي لباريس، إلا أن كثيراً من التفاصيل تكشف أن كل شيء أُعدّ له بعناية، من طرف يهود صهاينة.

ويتحدث بيان صادر عن بلدية باريس أن "ساحة القدس"، التي تأتي بعد إزالة "شارع القدس" في باريس سنة 1883، بسبب توسعة قصر العدالة، ستكون قريبة من قصر العدالة الجديد في العاصمة، وهو تأكيد على "الوشائج القوية جداً الموجودة بين باريس والقدس".

إلا أن جُويل ميرغي رئيس المجمع الكنيسي المركزي، كشف في تغريدة على "تويتر"، أنه كان وراء هذا القرار، الذي أخرجته آن هيدالغو للوجود، مبيّناً أن الفكرة نضجت أثناء زيارة رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل، رؤوفين ريفلين، لبلدية باريس. وإذاً فليس محض صدفةٍ أنّ الساحة غير بعيدة عن "المركز الأوروبي لليهودية"، الذي سيرى النور قريباً.

في المقابل، أعلنت عشرات المنظمات والجمعيات والأحزاب السياسية تنظيم تظاهرة في ساحة "الماريشال جوان"، على الساعة الثالثة بعض الظهر، "ميترو تيرير" الخط رقم 3، من أجل التعبير عن رفض هذا القرار الذي يعتبر انتهاكاً للشرعية الدولية والقوانين الدولية، وأيضاً إهانة للموقف الرسمي الفرنسي المتوازن، الذي سيؤزم الوضع أكثر في الشرق الأوسط.

دلالات

المساهمون