تضييق أمني في تظاهرات الجمعة الـ19 بالجزائر

الجزائر: انتشار أمني غير مسبوق في تظاهرات الجمعة الـ19

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
28 يونيو 2019
+ الخط -
انطلقت تظاهرات حاشدة في شوارع العاصمة الجزائرية وسط انتشار كثيف للشرطة التي اعتقلت عدداً من الأشخاص قبل بدء الاحتجاجات الأسبوعية ليوم الجمعة التاسع عشر ضد النظام، وغداة رفض جديد من النقابات للحوار مع الحكومة.

وطوق الأمن مدخل نفق "ساحة موريتانيا" في شارع الشهيدة حسيبة بن بوعلي، واستعملت الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين المطالبين بتغيير النظام واستقالة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي.

كما استعملت الشرطة الغاز المسيل للدموع وصهاريج المياه من أجل تفريق مجموعات من المتظاهرين في محيط ساحة أودان.

ورفع المتظاهرون شعارات" سلمية.. سلمية" و"دولة مدنية لا عسكرية" و"الجيش الشعب خاوة خاوة". في رسالة للنظام بأن الشعب يريد الاستقرار ويطالب بالمحاسبة وبـ"مرحلة انتقالية" لتحقيق القطيعة عن النظام السابق. كما واصل الجزائريون دعوتهم إلى محاسبة جميع من أفسد البلد من رجال الأعمال والمسؤولين في مختلف دوائر المسؤولية في البلاد.

ورغم غلق بعض المنافذ والطرقات في قلب العاصمة الجزائرية بانتشار أمني غير مسبوق إلا أن المتظاهرين تدفقوا على العاصمة، عقب صلاة الجمعة، من كل المناطق مشياً على الأقدام، ورفعوا الراية الوطنية، ما دفع الشرطة إلى التراجع والانسحاب قليلاً لتفادي المواجهة مع المتظاهرين.

واستبقت قوات الشرطة تظاهرات اليوم بحملة أمنية واسعة، وقامت بعمليات تفتيش للمتظاهرين، كما اعتقلت بعض النشطاء قبل أن تطلق سراحهم في ظرف ثلاث ساعات.

وشهدت مختلف مداخل العاصمة الجزائرية، اليوم، رقابة مشددة على السيارات، فيما تدخلت لنزع الرايات الأخرى التي دعا رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح إلى سحبها من المتظاهرين، ممن سماهم بـ"تجار الفتنة"، معلناً خلال زيارته الأخيرة للأكاديمية العسكرية بشرشال غرب العاصمة أنه "لا يملك طموحاً سياسياً".

ويتمسك المتظاهرون بورقة "الشارع" من أجل الضغط أكثر على النظام، إلى غاية تحقيق مطالب الشعب الجزائري وأهمها رحيل الحكومة، ومواصلة محاسبة ما يطلق عليهم بـ"العصابة".

وتأتي الجمعة الـ19 في وقت تواصل فيه أجهزة القضاء والعدالة في توقيف رموز النظام ورجالات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وللجمعة الثانية على التوالي، تنشر السلطات الجزائرية أعداداً أكبر من قوات الأمن والشرطة وسط العاصمة، في إشارة اعتبرها مراقبون محاولة تدريجية من قبل السلطات للسيطرة مجدداً على الشارع والحدّ من التظاهرات الأسبوعية.

في المقابل، ندد ناشطون في الحراك الشعبي بعودة الشرطة والأمن إلى استخدام الأساليب البوليسية لقمع التظاهرات. وقال الناشط الميداني سفيان حجاج إنّ الشرطة تشنّ حملة "اعتقالات بالجملة منذ صباح اليوم"، واصفة الأمر "بالديكتاتورية الجديدة، إذ تريد الشرطة قمع الحراك وتخويف الناس من الخروج للشارع"، داعياً الجزائريين إلى الخروج للشارع بالقوة.

من جهته، قال الناشط الحقوقي عبد الغني بادي إن "السلطات تقوم بتوقيفات بالجملة وتفتيش أمني دقيق لكل شخص، حتى من يحمل العلم الوطني ممنوع من التوجه إلى البريد المركزي"، مبيناً أن "عدداً كبيراً من المواطنين تم وضعهم داخل عربات الشرطة في درجة حرارة عالية"، تمهيداً لنقلهم إلى مراكز أمنية، "دون أي مبررات تدعو إلى ذلك".

وتواصل السلطات الجزائرية إغلاق النفق الجامعي، وسط العاصمة، لمنع المتظاهرين من تنظيم مسيرات بين ساحتي البريد المركزي وأودان عبر شارع باستور. كما تواصل إغلاق ساحة البريد المركزي بسبب مشكلة أسفل السلالم.

وتواصل السلطات منذ بداية الحراك نشر تعزيزات أمنية عند مداخل العاصمة الجزائرية، لمنع وصول أكبر عدد ممكن من المتظاهرين إلى وسط العاصمة للمشاركة في تظاهرات الجمعة.

وتنشر قوات الشرطة حواجز أمنية عند المدخل الغربي للعاصمة، لتعطيل دخول المتظاهرين القادمين من ولايات تيبازة والشلف، كما تغلق المدخل الجنوبي الذي يربط العاصمة بولايات البليدة والمدية والغرب الجزائري. لكن أكبر التعزيزات هي على مستوى المدخل الشرقي للعاصمة لمنع وصول المتظاهرين القادمين من ولايات منطقة القبائل (الأمازيغ)، كالبويرة وتيزي وزو وبجاية.

وتحت ضغط تزايد تدفق المتظاهرين، تراجع عدد قوات الأمن قليلاً تفادياً لحدوث انزلاقات في الشارع.



النقابات ترفض الحوار مع بدوي

وعلى المقلب الموازي للحراك الشعبي، تتمسك النقابات العمالية والمهنية برفض التعامل والحوار مع حكومة نور الدين بدوي، دعماً لمطالب الحراك، داعيةً إلى رحيل الحكومة المحسوبة على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وعدم الاعتراف بها.

وأعلنت كونفدرالية النقابات الجزائرية التي تضم مجموعة كبيرة من النقابات العمالية، في بيان، رفضها دعوة وجهتها إليها وزارة العمل في حكومة بدوي للحوار والتشاور في قضايا مهنية، مشددة على أنها "لن تجري أي حوار مع الحكومة، لكون النقابات جزءاً من الحراك الشعبي الذي يطالب برحيلها الفوري".

وجاء في بيان النقابات المستقلة إن "النقابات المستقلة لمختلف القطاعات المنضوية تحت لواء كونفدرالية النقابات الجزائرية، والمنخرطة كلية في الحراك الشعبي السلمي مشاركة ودعماً له بحركات احتجاجية ميدانية، والمؤجلة لمطالبها المهنية والاجتماعية، الرافضة للقرارات الصادرة عن الرئيس المقال، تؤكد تمسكها بالمطالب الشعبية المتمثلة في رحيل الباءات مع مقاطعتها للحكومة اللاشرعية والمرفوضة شعبياً".

وأضاف البيان أنه "وفي هذه الأجواء الحساسة تتلقى نقابات كونفدرالية النقابات الجزائرية مراسلة من وزارة العمل بتاريخ 20 يونيو/ حزيران، وتتضمن دعوة لحضور لقاء للحوار والتشاور بتاريخ 27 يونيو/ حزيران، وبناءً على ما سبق ذكره فإننا نؤكد مرة أخرى مقاطعتنا لكل جلسات الحوار مع الحكومة الحالية غير الشرعية وكل الدوائر الوزارية، ومن ثم وزارة العمل لكونها تفتقر إلى الشرعية ولا تمثل طموحات الشعب الجزائري".

في هذا الصدد، قال النقابي في تنظيم مجلس أساتذة التعليم مسعود بوذيبة لـ"العربي الجديد"، إن "الموقف الذي انتهت إليه النقابات المستقلة هو تجسيد للموقف الشعبي وانسجام كامل مع مطالب الحراك الشعبي، باعتبار النقابات والنقابيين جزءاً أصيلاً من هذا الحراك"، مؤكداً: "نحن نرفض تماماً الاستجابة لأي دعوة من حكومة مرفوضة سياسياً وشعبياً ويفترض أن تعلن رحيلها".

وكانت النقابات المستقلة العضوة في كتلة التغيير المعارضة قد رفضت في وقت سابق دعوات مماثلة من الحكومة والرئاسة للمشاركة في الحوار السياسي، المتعلق بإيجاد حل للأزمة التي تعيشها البلاد، وتعاني حكومة نور الدين بدوي من مقاطعة شعبية ومدنية سياسية واسعة، حيث يلاحق المتظاهرون الوزراء خلال زياراتهم في الولايات.

ذات صلة

الصورة

سياسة

تستمر قوات الاحتلال في اقتحام البلدات والمدن الفلسطينية في مناطق الضفة الغربية، في وقت يخوض فيه مقاومون فلسطينيون اشتباكات مع تلك القوات المقتحمة.
الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.