المبعوث الإثيوبي في السودان لاستئناف الوساطة

المبعوث الإثيوبي في السودان لاستئناف الوساطة بين العسكر والمعارضة... وحميدتي في تشاد

27 يونيو 2019
شهدت مدن سودانية تظاهرات منذ أيام قبيل مليونية الأحد(Getty)
+ الخط -

وصل محمود درير مبعوث رئيس الوزراء الإثيوبي، اليوم الخميس، إلى العاصمة السودانية الخرطوم، لاستئناف الوساطة بين المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير".

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، حضر بنفسه إلى الخرطوم لأجل عرض وساطة بلاده، في 7 يونيو/ حزيران الحالي.

وحازت مبادرة أحمد على ترحيب واسع، جاء على ألسنة أعضاء المجلس العسكري ورئيسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قبل أن يعلنوا عن رفضهم لمقترحاتها أخيراً.

وأقرّت ورقة الوساطة الإثيوبية بالشراكة بين المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، وأيّدت بدء التفاوض بينهما، من حيث انتهت آخر جلسة تفاوض، ما يعني اعتماد الاتفاقات الخاصة بأحقية "الحرية والتغيير" في تشكيل الحكومة والحصول على ثلثي البرلمان الانتقالي.

ثمّ قفزت مقترحات أديس أبابا إلى تقديم تصوّر جديد لنقطة الخلاف الأساسية المتعلقة بتشكيل مجلس السيادة، بطرح يقضي بمناصفة عضوية المجلس بواقع 7 أعضاء من العسكريين، و7 من المدنيين، مع اتفاق الطرفين على عضو آخر من المدنيين، ما يعطي الصفة المدنية للمجلس من خلال الأغلبية.

غير أنّ نائب رئيس المجلس العسكري، قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أعلن، في آخر تصريحات له خلال خطاب شعبي، الإثنين، رفض المجلس لمقترحات الوساطة الإثيوبية.

وأضاف أنّ المجلس العسكري "يرفض الإملاءات"، متهماً أبي أحمد، حينما اجتمع بأعضاء المجلس، بأنّه "لم يوضح أنّ لديه مقترحات"، إنما تحدث عن "مساع لإعادة التفاوض"، لافتاً إلى أنّ أعضاء المجلس "لن يرضوا إلا بمناصفة في المجلس السيادي ومناصفة أخرى في المجلس التشريعي".

ونجحت وساطة أديس أبابا في الحصول على دعم كبير من الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، ومن الاتحاد الأفريقي ومنظمة "التنمية الحكومية" (إيغاد) التابعة له، والتي تمتلك خبرة في حلحلة النزاعات.

حميدتي في تشاد

واليوم الخميس، ذكرت صحيفة "الصيحة" السودانية المقربة من حميدتي، أنّ الأخير، توجّه، إلى العاصمة التشادية إنجامينا، للقاء الأمين العام لتحالف "نداء السودان"؛ أحد مكونات قوى "إعلان الحرية والتغيير" ميني أركو مناوي.

وأعلن حميدتي، أنّه سيتم خلال يومين إطلاق سراح أسرى، عقب اتفاق مرتقب مع مناوي الذي يرأس حركة متمردة في دارفور، كانت تقاتل نظام الرئيس المعزول عمر البشير، قبل أن توقع معه اتفاق سلام في أبوجا بنيجيريا.

وعاد مناوي للتمرد ضد نظام البشير قبل عزله.

وذكرت الصحيفة السودانية، بحسب ما نقلته "الأناضول"، أنّ مناوي وصل بالفعل لإنجامينا للقاء حميدتي.

وأعلن حميدتي، الإثنين، عن قرار المجلس العسكري بإطلاق سراح جميع أسرى الحركات المسلحة، في موقف اعتبره "بادرة حسن نوايا لتحقيق السلام في السودان".

وتعهد بالتواصل مع كل الحركات المسلحة في البلاد للتوافق معها من أجل تحقيق السلام، مشيراً إلى اتصالات مبدئية مع مناوي، والحركة الشعبية قطاع الشمال فصيل عبد العزيز الحلو.



وأصدر رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان، في وقت سابق، قراراً بتسمية لجنة لملف السلام برئاسة حميدتي، مفضلاً الغياب فعلياً عن المشهد السياسي وترك المسرح لحميدتي الذي بات المتحكّم الأوّل في صنع القرار داخل المجلس العسكري، والمحرّك الذي يجتهد في تقديم نفسه على أنه "المخلّص" للشعب السوداني.

وتتهم "قوى إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي، قوات "الدعم السريع" بقيادة حميدتي بمجزرة فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم، في 3 يونيو/ حزيران الجاري، ما أسقط 128 قتيلاً، فيما اعترفت السلطات بعدد قتلى بلغ 61 شخصاً.

واشنطن ترفض تشكيل حكومة من جانب واحد

في غضون ذلك، أكد المبعوث الخاص للسودان دونالد بوث، أنّ الولايات المتحدة "تدعم نقل  السلطة لحكومة مدنية في السودان"، متعهداً "العمل مع شعب السودان جنباً إلى جنب ومع الشركاء الدوليين، لتحقيق هذه الغاية".

ووفق بيان صادر عن السفارة الأميركية في الخرطوم، اليوم الخميس، فإنّ بوث "كرر ذلك الدعم في الاجتماعات العديدة التي أجراها في الخرطوم، والتي زارها  في الفترة من 22 إلى 26 من الشهر الجاري".

وأثنى بوث، بحسب البيان، "على شعب السودان، وعلى سلمية الحراك"، داعياً إلى "مواصلة الجهود لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية عبر مساعي الاتحاد الأفريقي والوسطاء الإثيوبيين".


وأوضح البيان أنّ بوث "حث المجلس العسكري الانتقالي على وقف الهجمات على المدنيين، والسماح بالتجمع السلمي والاحتجاج، وإعادة خدمة الإنترنت".

ونصح بوث بـ"عدم تشكيل حكومة أو تنظيم انتخابات من جانب واحد"، وأعرب عن دعمه "إجراء تحقيق مستقل في الهجوم المروع الذي وقع على اعتصام محيط قيادة الجيش في 3 يونيو /حزيران"، بحسب البيان.

المعارضة تحشد لـ"الموجة الثالثة"

وبعد موافقتها غير المشروطة على المقترحات الإثيوبية بوجه الموقف غير المقنع للمجلس العسكري تجاه الوساطة الإثيوبية، تصعد القوى المعارضة لتحركاتها ضمن ما بات يعرف بـ"الموجة الثالثة"، تمهيداً لوضع حدّ لممارسات المجلس.

ويتوقع أن تبلغ التحركات ذروتها يوم 30 يونيو/ حزيران، من خلال المليونية التي دعت إليها قوى "إعلان الحرية والتغيير"، والتي تتزامن مع انتهاء المهلة الممنوحة من الاتحاد الأفريقي للعسكر لتسليم السلطة لحكومة مدنية.

وبينما تشهد مدن السودان، منذ أيام، تظاهرات داعمة لقوى "إعلان الحرية والتغيير"، حددت هذه القوى، الأحد موعداً لتنظيم المليونية، وهي الأولى من نوعها منذ فض اعتصام محيط قيادة الجيش السوداني بالعاصمة الخرطوم، بهدف الضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة لحكومة مدنية، والموافقة على التحقيق المستقل في حادثة فض الاعتصام.


وأكّد "تجمّع المهنيين السودانيين"، الإثنين، تمسكه بالقبول بمقترحات الوساطة الإثيوبية لحلّ الأزمة السياسية في البلاد، مندداً في الوقت نفسه برفض المجلس العسكري للمقترحات وبلغة غير دبلوماسية تعامل بها الأخير مع أديس أبابا.

وقال القيادي بالتجمع إسماعيل تاج، في مؤتمر صحافي، الإثنين، إنّ "رفض المجلس العسكري للوساطة الإثيوبية يدفع للمضي إلى الأمام في التصعيد الثوري والإعداد لموكب مليوني حدد قي يوم 30 يونيو/ حزيران الحالي".

وأضاف أنّ "الثورة ستستمر بصورتها السلمية التي بدأت بها وانتصرت بها وسيسمع المجلس صوت الشعب السوداني في الشوارع"، محذراً المجلس العسكري من مغبة الاستمرار في التعدي على وسائل التعبير السلمي وإطلاق الرصاص على المتظاهرين.

ويزيد التعاطف الشعبي مع "الحرية والتغيير" من فرضية نجاح حملاتها التصعيدية التي باتت تعرف بـ"الموجة الثالثة"، باعتبار أنّ الموجة الأولى أسقطت الرئيس عمر البشير، في 11 إبريل/ نيسان الماضي، والموجة الثانية أسقطت وزير الدفاع السابق عوض بن عوف، بينما تسعى الموجة الثالثة لإسقاط المجلس العسكري.