تمثيل مصري ثانوي بورشة المنامة: 8 محاور لإغراء القاهرة

تمثيل مصري ثانوي بورشة المنامة: 8 محاور لإغراء القاهرة

24 يونيو 2019
سيتم تخصيص ملياري دولار للنهوض بسيناء (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
يغادر غداً الثلاثاء نائب وزير المالية المصري القاهرة لحضور ورشة المنامة، تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار"، في 25 و26 يونيو/حزيران الحالي، التي يرأسها صهر الرئيس الأميركي ومستشاره جاريد كوشنر. وتعمد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عدم اختيار مسؤول سياسي لحضور هذه الورشة، وانتدب مسؤولاً مالياً ليس الأرفع مستوىً في حكومته، على غرار ما فعل الأردن، وذلك في ظل مطالبات ومناشدات من مختلف التيارات الفلسطينية بضرورة مقاطعة الورشة وإفشالها، ومحاولات رسمية مصرية للتعتيم الإعلامي على المشاركة، حيث وُجهت تعليمات لوسائل الإعلام المحلية بعدم التعاطي مع القصة إلا عبر نشر البيانات الرسمية.

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، إن من سيمثل مصر هو الدكتور أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية والذي تولى هذا المنصب منذ مارس/آذار 2016 ويضطلع بدور كبير في التفاوض والتنسيق مع صندوق النقد الدولي بشأن القرض المقدم لمصر والبالغ 12 مليار دولار (على مدى أربع سنوات)، وقبلها عمل خبيراً اقتصادياً لدى البنك الدولي بالقاهرة. وأضافت المصادر أن السيسي تعمد عدم اختيار فريق موسع لتمثيل مصر، وعدم إرسال أي مسؤول دبلوماسي من وزارة الخارجية، لإبداء عدم رضاه عن المسار الزمني المحدد لتنفيذ "صفقة القرن"، وكذلك غلق الباب أمام المسؤولين الأميركيين لفتح نقاشات تفصيلية حول المواضيع محل الخلاف بين واشنطن والقاهرة في هذا الملف، لا سيما وأن إقامة ورشة العمل هذه لم تكن من الأمور المحبذة للسيسي في المرحلة الحالية، وكان يرى أنه يجب التوصل إلى اتفاقات واضحة بشأن التنسيق الأمني والمساعدات الاستخباراتية والعسكرية التي ستحصل عليها مصر قبل التطرق إلى ملف المساعدات الاقتصادية وإلقاء مزيد من المسؤوليات المستقبلية على عاتق نظامه فيما يتعلق بإدارة ملف الأمن في قطاع غزة.

وذكرت المصادر أن وزير الخارجية سامح شكري، المتواجد حالياً في موسكو لحضور اجتماعات 2+2 بصحبة وزير الدفاع محمد زكي، سيتواصل مع كوشنر خلال ساعات لإبلاغه بطبيعة المشاركة المصرية في ورشة المنامة، والتعرف على أحدث الأفكار الأميركية التي ستُطرح خلال الورشة، بما لا يُخلّ بحق الدول الأطراف في برنامج توزيع المساعدات والدعم المالي، وعلى رأسها مصر والأردن ولبنان، في المراجعة السياسية والمالية لما ستعرضه واشنطن في الورشة. وأوضحت المصادر أنه إزاء انخفاض مستوى تمثيل الدول المهمة لتنفيذ صفقة تشغيل الفلسطينيين وإنعاش اقتصاد الدول المحيطة بالضفة وقطاع غزة، وبالأخص مصر والأردن، فإن كوشنر أرسل عرضاً متكاملاً بالأفكار الأميركية إلى الحكومات المعنية، تضمن تفصيلات دقيقة للرؤية الأميركية الخاصة بتوزيع الأموال على الدول المستفيدة من الاستثمارات التي ستقدر بـ50 مليار دولار في الأراضي الفلسطينية ومصر والأردن ولبنان.

وكشفت المصادر لـ"العربي الجديد" عدداً من المحاور الخاصة بالدور المصري في خطة كوشنر، المدعومة من الرئيس دونالد ترامب، تتمثل في النقاط الآتية:

ــ ستحصل مصر على 9.167 مليارات دولار من قيمة المبالغ المالية، محتلة المركز الثاني بعد الأراضي الفلسطينية التي ستحصل على 27.8 مليار دولار، وقبل الأردن الذي سيحصل على 7.365 مليارات دولار، ولبنان الذي سيحصل على 6.325 مليارات دولار.

ــ تخصيص نصف مليار دولار لتطوير منشآت ومرافق الطاقة في سيناء وجعل مدنها قابلة للحياة وجاذبة للاستثمار، وتخصيص نصف مليار دولار لتطوير منشآت ومرافق المياه في سيناء لجذب مزيد من الاستثمار والأيدي العاملة المستدامة، وتخصيص نصف مليار دولار لإنشاء شبكة طرق متكاملة بين مدن سيناء لتدعيم البنية التحتية الجاذبة للاستثمار. وأخيراً تخصيص نصف مليار دولار لدعم المشاريع السياحية في جنوب سيناء على ساحل البحر الأحمر، وذلك بإجمالي 2 مليار دولار تُخصص بالكامل للنهوض بالأوضاع المعيشية في سيناء، وإنهاء حالة الفوضى والفقر والمعاناة التي تعاني منها المدن الكبرى والقرى، وتفاقمت بسبب المواجهة المسلحة منذ 2012 بين الجيش والمجموعات الإرهابية في شمال شرق شبه الجزيرة المصرية، على أن تستفيد الحكومة المصرية من هذه المخصصات خلال 8 سنوات.

ــ تخصيص مليار و500 مليون دولار لدعم الجهود المصرية المشتركة مع الإسرائيليين لإنشاء مركز إقليمي كبير للغاز الطبيعي في مصر، وتوظيف الإنتاج الكبير من الحقول المصرية وتحسين جودة شبكات نقل الغاز والغاز المسال، وذلك على مدار 5 سنوات.

ــ تخصيص 125 مليون دولار تُوجه لفتح مجالات العمل أمام المشاريع الصغيرة والمتوسطة برعاية المؤسسة الأميركية للاستثمار الخاص عبر البحار بنظام القروض، على أن يتم توجيه النسبة الأكبر من هذه القروض إلى المشاريع الفلسطينية بمصر، وذلك على مدار عامين من الخطة.

ــ تخصيص 42 مليون دولار لتطوير وإصلاح خطوط النقل والمواصلات ونقل الطاقة بين مصر وقطاع غزة، على مدار 5 سنوات و3 مراحل، وتمكين الفلسطينيين من شراء الطاقة، بمختلف أنواعها، من مصر بأسعار منافسة، ودعم قدرة مصر على إنتاج الطاقة الكهربائية وتحسين جودة المنتج المورد إلى غزة والعمل على ديمومته.

ــ تخصيص نصف مليار دولار لدعم الجهود المصرية لإنشاء وتطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وزيادة المشاريع والمصانع والمناطق اللوجيستية فيها، وتخصيص نسبة من العمالة فيها للفلسطينيين.

ــ دعم استفادة الفلسطينيين من المناطق الصناعية المؤهلة في مصر بنظام "الكويز" (في إشارة إلى تشريع أميركي يعفي صادرات عربية معينة من ضرائب أميركية شرط أن تدخل في تصنيعها مواد أولية إسرائيلية في مناطق صناعية محددة) وتوثيق التعاون الصناعي بين مصر والفلسطينيين وإسرائيل، والمشاركة في تأهيل مناطق صناعية بالأراضي الفلسطينية وسيناء توفر فرص عمل للفلسطينيين. وسيتم تخصيص 5 مليارات دولار لدعم البنية التحتية للدولة المصرية بصفة عامة، نصفها في صورة قروض، وسيتم إنفاقها على مدار سنوات الخطة، مع الأخذ في الاعتبار أن أكثر من 50 في المائة من هذه المبالغ سيكون على هيئة قروض، ستمول على الأرجح من دول الخليج العربي، خصوصاً السعودية والإمارات والكويت. ويبلغ حجم المنح نحو 10 في المائة، بينما النسبة الباقية من إسهامات القطاع الخاص، الخليجي والأميركي والمحلي والإسرائيلي.

وفي إبريل/نيسان الماضي، قالت مصادر مصرية، لـ"العربي الجديد"، إن السيسي ناقش مع ترامب ومستشاريه في واشنطن مسألتين تحتلان صدارة الاهتمام الأميركي حالياً فيما يخص التجهيز لـ"صفقة القرن": الأولى هي تنسيق الملف الأمني في غزة والسيطرة على حركة حماس وتحجيم قوتها العسكرية، وهي المهمة التي كان ترامب قد أوكلها إلى السيسي لتُقدم في إطار ما وُصف بـ"الجهود المصرية لإتمام المصالحة الفلسطينية" والتي شهدت انتكاسة كبرى في الشهور الأخيرة. أما المسألة الثانية، فهي مستقبل العلاقات العربية الإسرائيلية، إذ تربط إدارة ترامب إمكانية حدوث انفراجة فيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية في غزة وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولة قابلة للحياة بضرورة انخراط أكبر عدد ممكن من الدول العربية في علاقات حية ومستدامة مع إسرائيل، الأمر الذي لا يرفضه السيسي بالطبع، لكنه يختلف مع ترامب في ترتيب الأولويات، ويرى أن الأوضاع قد تنفجر بما يستحيل السيطرة عليها في غزة تحديداً.

وقبل ذلك، كان السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد أعلنا تبرؤهما من "صفقة القرن" بسبب خلافات مع ترامب وإسرائيل حول بعض النقاط العالقة، من بينها، بحسب المصادر، حجم المساعدات المخصصة لمواجهة الإرهاب في سيناء. وتحدث السيسي، نهاية يوليو/تموز 2018، في المؤتمر السادس للشباب بجامعة القاهرة، واصفاً "صفقة القرن" بأنها "تعبير إعلامي أكثر من كونها اتفاقاً سياسياً"، مشيراً بعبارات قريبة من التنصل من الصفقة إلى أن مصر "تمارس بهدوء دوراً تحاول أن يكون إيجابياً لإيجاد مخرج مقنع لحل القضية الفلسطينية"، وذلك بعد عام ونصف العام تقريباً من إعلان تأييده المطلق للصفقة خلال زيارته لترامب في البيت الأبيض في إبريل/نيسان 2017. وصدر هذا الإعلان مباشرة بعد نشر وكالة "رويترز" معلومات، تبدو من مصادر سعودية نافذة، تفيد بأن الرياض طمأنت حلفاءها العرب إلى أنها لن توافق على أي خطة للسلام في الشرق الأوسط لا تعالج وضع القدس المحتلة أو حق العودة للاجئين، أي أنها عادت لتتمسك بمبادرة السلام العربية التي أطلقت منذ 16 عاماً، فضلاً عن أن العاهل السعودي الملك سلمان استحوذ على ملف القضية وأبعد عنها ولي العهد محمد المعروف بتأييده المطلق للصفقة وتمويلها.