عودة سعودية خجولة إلى لبنان... بإيعاز أميركي؟

عودة سعودية خجولة إلى لبنان... بإيعاز أميركي؟

19 يونيو 2019
بري مستقبلا الوفد السعودي بعين التينة​ (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
بعد انقطاع طويل وحالة من المد والجزر في العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية، منذ الأزمة السورية، وتدخل "حزب الله" فيها، ثم حرب اليمن وما تخللها من مواقف تصعيدية للحزب، تحاول السعودية العودة إلى لبنان، من بوابة المؤسسات، بعد انهيار الفريق السياسي (14 آذار)، الذي كانت ترعاه، وبعد تخليها في المرحلة السابقة عن دعم الدولة اللبنانية، بحجة أنها مرتهنة القرار لـ"حزب الله"، وتالياً إيران. 

ويثير توقيت العودة السعودية تساؤلات حول سببها، وسط أحاديث لبنانية عن تنسيق أميركي سعودي.

وبدأ وفد لجنة الصداقة البرلمانية السعودية - اللبنانية في مجلس الشورى السعودي، برئاسة عضو المجلس صالح بن منيع الخليوي، أمس الثلاثاء، زيارة رسمية إلى لبنان. 

واستهل الوفد اليوم لقاءاته الرسمية مع رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، قبل أن ينتقل إلى عين التينة، حيث اجتمع برئيس مجلس النواب نبيه بري.

واستبق الخليوي الزيارة بتصريحات عمومية أشارت إلى تعزيز العلاقات والتعاون المشترك بين البلدين، لا سيما في المجالات البرلمانية، مذكراً بـ"العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين". 

ويستكمل الوفد اليوم الأربعاء وغداً الخميس زيارته بلقاءات مع عدد من كبار المسؤولين في الحكومة اللبنانية وفي البرلمان اللبناني، لـ"بحث العديد من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك".

وأسهبت وسائل الإعلام المحلية اللبنانية في الحديث عن الزيارة، واصفة إياها بـ"التاريخية"، متحدثة عن قرار سعودي حاسم بالعودة إلى لبنان، وعن مد للجسور، وعن تجاوز للمواقف التي يطلقها "حزب الله" بين فترة وأخرى، وعن زيارات لاحقة لاستكمال المباحثات.

وعلى الرغم من الغموض الذي يكتنف العودة السعودية إلى لبنان، إلا أن مصادر حكومية لبنانية تؤكد أن لا إشارات حاسمة تصب في خانة تأكيد الانفتاح السعودي الجديد على لبنان، خصوصاً أن طريقة تعاطي المملكة مع لبنان في الفترة الأخيرة شابها كثير من التناقض والتضارب وغياب الرؤية، وهو ما ترجح المصادر أن يستمر، خصوصاً أن شيئاً لم يتغيّر في الواقع اللبناني، الذي ترى المملكة أنه بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وقبله انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، أفرز موازين قوى واضحة لجهة "محور الممانعة"، بالتزامن مع الضعف الذي أصاب حلفاء السعودية في لبنان.

وتؤكد المصادر أن الزيارة يبدو أنها محاولة جس نبض سياسي، خصوصاً أنها تتزامن مع ضرورات تفرض احتضاناً عربياً للبنان، بالتزامن مع المساعي التي أطلقتها الإدارة الأميركية لإدخال خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن" حيز التنفيذ، مشيرة إلى أن التعاون بين البلدين في هذه المرحلة لن يتجاوز سقف بعض الوعود المتعلّقة بالسياحة أو الاستثمار.

وما عزّز الكلام عن عودة سعودية إلى لبنان الزيارة التي بدأها قائد الجيش ​العماد جوزيف عون،​ أمس، إلى ​المملكة​ تلبية لدعوة نظيره السعودي رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش السعودي الفريق الأول الركن فياض بن حامد الرويلي، لـ"البحث في سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل الخبرات العسكرية".

وتؤكد المصادر النيابية أن لبنان لم يتبلغ رسمياً أو عبر قنوات أخرى أي دعم عسكري جديد، أو إعادة هبة الملياري دولار التي كان لبنان موعوداً بها، والتي سحبت في السنوات الأخيرة بسبب عدم التزام لبنان بسياسة "النأي بالنفس"، وتدخل "حزب الله" في سورية، وخوفاً من سيطرة الحزب على الدولة في لبنان.

وتأتي زيارة قائد الجيش اللبناني بعد أيام من زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي أكدت استمرار دعمها للجيش اللبناني، واستمرار سياستها الفاصلة بين لبنان الدولة وبين "حزب الله"، وبالتزامن أيضاً مع مساعي مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، لإطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل.

وتوقعت المصادر أن تكون العودة السعودية بإيعاز أميركي، خصوصاً أنها تأتي تحت سقف الموقف الأميركي الداعي دوماً إلى تحييد لبنان – الدولة، ودعم الجيش اللبناني ومؤسسات الدولة، بوصفها طريقة فعالة لمواجهة "حزب الله"، وعدم سقوط لبنان في القبضة الإيرانية، وهي المقاربة التي ترفضها إسرائيل، والتي حاولت السعودية في الأعوام الأخيرة، وتحديداً منذ تدخل "حزب الله" في سورية، عدم الالتزام بها، بعد أن عملت بعض الأطراف في السعودية على الترويج لمقولة إن لبنان ساقط حكماً في يد "حزب الله"، وتالياً أي دعم للدولة اللبنانية هو دعم غير مباشر لـ"حزب الله".

المساهمون