إيران: لن نمدد مهلة الـ60 يوماً لشركاء الاتفاق النووي

إيران: لن نمدد مهلة الـ60 يوماً لشركاء الاتفاق النووي... ومساعٍ أوروبية لإنقاذه

19 يونيو 2019
كمالوندي: نوازن بين تعهداتنا وممارسة حقوقنا (فاطمة بهرامي/الأناضول)
+ الخط -

لم يبق من مهلة الستين يوماً، التي منحتها طهران في الثامن من مايو/أيار لأطراف الاتفاق النووي لتنفيذ تعهداتها، إلا ثلاثة أسابيع، بينما لم تقم هذه الأطراف، وتحديداً الأوروبيين، بحسب السلطات الإيرانية، بـ"أدنى خطوة عملية" تلبي مطالب إيران، المتمثلة في تمكينها من بيع نفطها وتسهيل معاملاتها المالية.

وأمام هذا الواقع، رفعت إيران نبرة التحدي بالتهديد أن المهلة "لن تمدد"، وأنها ذاهبة باتجاه تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، للضغط على شركاء الاتفاق النووي، بغية تمكينها من تحصيل منافعها الاقتصادية بموجب الاتفاق، بعدما صفّرتها العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها عليها، بعد الانسحاب منه في الثامن من مايو/ أيار 2018.

وفي هذا السياق، أعلن المتحدث باسم الهيئة الإيرانية للطاقة الذرية، بهروز كمالوندي، اليوم الأربعاء، في حديث مع وكالة "خانه ملت" التابعة للبرلمان الإيراني، أن بلاده "لن تمدد" مهلة الـ60 يوما للأطراف المتبقية في الاتفاق النووي، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا.

وأضاف أنه، بحسب قانون الجمهورية الإسلامية الإيرانية حول التنفيذ المتبادل للاتفاق النووي، فإن التزام بلاده بالاتفاق يتوقف على تنفيذ بقية الأطراف التزاماتها، و"ليس ممكنا أن ننفذ نحن تعهداتنا بينما هذه الأطراف لا تفعل شيئا".

وأكد كمالوندي أن رسالة طهران من خلال تقليص تعهداتها النووية "واضحة"، مشيرا إلى أن شركاء الاتفاق النووي "إما لا يريدون الالتزام بتعهداتهم، أو غير قادرين على ذلك، وفي الحالتين سنطبق تعليمات المرشد (علي خامنئي) وقانون مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)".

ولفت إلى أنه "لا تُمكن العودة إلى الوراء في الظروف الراهنة"، قائلا إن "إنهاء تعليق تعهداتنا يتوقف على أن ينفذ باقي شركاء الاتفاق النووي تعهداتهم".

وفي السياق، استطرد قائلا إنه "في حال اعترف هؤلاء الشركاء بحقوقنا المتمثلة في رفع العقوبات الذي ينص عليه الاتفاق النووي، فنحن أيضا ننفذ التزاماتنا"، لافتا إلى أن طهران "توازن بين تعهداتها وممارسة حقوقها، ومن هذا المنطلق تواصل تقليص تعهداتها، إذا استمرت أطراف الاتفاق في عدم تنفيذ تعهداتها".

وكانت الهيئة الإيرانية للطاقة الذرية قد أعلنت، الإثنين الماضي، أن مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب سيُرفع إلى أكثر من 300 كيلوغرام، اعتبارا من 27 يونيو/ حزيران الحالي، ليتجاوز بذلك السقف الذي حدده الاتفاق النووي.

وأعلنت الهيئة أنها جاهزة لتنفيذ المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، في حال لم تنفذ أوروبا مطالب إيران حتى السابع من الشهر المقبل.

وأوضح المتحدث باسم الهيئة بهروز كمالوندي، أن "هناك سيناريوهات عدة بعد انتهاء المهلة حول رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 3.67 في المائة"، وهي النسبة التي يجيزها الاتفاق النووي.

وأضاف أن النسبة التي ترفعها إيران في حال لم تقدم أوروبا على خطوات عملية خلال المدة المتبقية من المهلة "تبدأ من 3.68 إلى أكثر من ذلك"، من دون أن يحدد نسبة معينة.

كما أكد أن سقف إنتاج المياه الثقيلة قد يرتفع إلى أكثر من 130 طناً خلال الشهرين المقبلين، مضيفا أن بلاده قد تصدر بعد ذلك المياه الثقيلة من دون انتهاك الاتفاق النووي.

وكان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد أعلن، في الثامن من مايو/أيار الماضي، عن قرارات "مرحلية"، تعلّق إيران بموجبها تنفيذ تعهدات في الاتفاق النووي ردا على الضغوط الأميركية، وما تصفه طهران بمماطلات الشركاء الخمسة المتبقين في الاتفاق، أي الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والصين وروسيا، في تنفيذ تعهداتهم، بعدما صفّرت العقوبات الأميركية منافعها الاقتصادية من الاتفاق النووي.

وأعلنت طهران أنها ستعلق بعض تعهداتها على مرحلتين؛ بدأت المرحلة الأولى خلال الشهر الماضي، وشملت رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة، على أن تبدأ المرحلة الثانية في حال لم يلبّ الشركاء المطالب الإيرانية في القطاعين النفطي والمصرفي خلال ستين يوماً، لتخفيف آثار العقوبات الأميركية. وتشمل المرحلة الثانية رفع مستوى تخصيب اليورانيوم وتفعيل مفاعل آراك النووي.

وتنتهي المهلة الإيرانية في السابع من يوليو/تموز المقبل، وسط حديث إيراني عن أن طهران لم تلمس بعد خطوات عملية أوروبية تلبّي مطالبها. كما أن أوروبا، من جهتها، تحذّر إيران من الاستمرار في تقليص تعهداتها، داعية إياها إلى مواصلة الالتزام بهذه التعهدات.

"لا خطوة أوروبية جادة"

ومن جهته، انتقد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، اليوم الأربعاء، الموقف الأوروبي من الاتفاق النووي، مؤكدا أن بلاده "لم تلمس خطوة عملية إيجابية من أوروبا للحفاظ على الاتفاق النووي".

وأعرب فلاحت بيشه، في لقائه مع رئيس لجنة نزع السلاح وعدم إشاعة الأسلحة النووية في البرلمان الألماني، ماتياس هون، في طهران، عن أمله في أن تقوم الأطراف الأوروبية بخطوات "مثمرة" للحفاظ على الاتفاق النووي قبل انتهاء مهلة الستين يوما.

وأكد النائب الإيراني أنّ "على الدول الأوروبية أن تأخذ المهلة الإيرانية بجدية"، مشيرا إلى أن إيران "تدافع عن مصالحها الوطنية وإنجازات الثورة الإسلامية بقوة واستعداد كامل".

إلى ذلك، كان الرئيس الإيراني حسن روحاني، أكد، أول أمس الإثنين، أن الوقت بدأ ينفد أمام شركاء الاتفاق النووي للحفاظ عليه، مؤكدا أن "انهيار هذا الاتفاق ليس في مصلحة إيران وفرنسا والمنطقة والعالم".

زيارة محتملة لوزراء خارجية الترويكا

وعلى صعيد متصل، وفيما تحذر أوروبا طهران من مغبة مواصلة تقليص تعهداتها النووية، مهددة بفرض عقوبات عليها، كشفت "رويترز"، اليوم الأربعاء، عن أن وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا قد يزورون طهران لعقد محادثات بشأن الاتفاق النووي.

وأشارت الوكالة إلى اعتزام بريطانيا وفرنسا وألمانيا القيام بمسعى جديد للحفاظ على الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 رغم تهديد طهران بانتهاك أحد بنوده الأساسية، لكنهم ربما يقتربون من نهاية الطريق الدبلوماسي الذي بدأوه قبل أكثر من 15 عاما.

وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قد حذّر، الأسبوع الماضي، خلال لقائه مع نظيره السويدي مارغو والستروم في استوكهولم، من انهيار الاتفاق النووي، داعيا إيران إلى الالتزام بتعهداتها من جانب واحد.

وهدد ماس، بعد عودته من زيارة إيران، بأن خروج إيران من الاتفاق النووي "سيؤدي إلى عزلتها في العالم، وعودة الأوضاع إلى ما قبل التوقيع على هذا الاتفاق (عام 2015) وعودة العقوبات". وقال ماس إن هذا الوضع "لن يكون في مصلحة إيران".

وانتقدت الخارجية الإيرانية دعوة ماس بعد زيارته إيران، مؤكدة أن الاتفاق "متعدد الأطراف، وأن الجميع عليهم تنفيذ الالتزامات بالتساوي".