حرب بالوكالة

حرب بالوكالة

18 يونيو 2019
الحكومة والتحالف لم يكونا على إلمام بقدرات الحوثيين(محمد حمود/Getty)
+ الخط -
يذكر الكاتب والصحافي المصري الراحل محمد حسنين هيكل أنه طوال فترة الحرب الأهلية في اليمن بين الجمهوريين المدعومين من مصر وبين الإماميين المدعومين من دول أخرى خلال الفترة من 1962 وحتى 1970، دأبت إسرائيل على قياس قدرات الجيش المصري في تلك الحرب (انسحبت القوات المصرية عام 1967)، وبناءً على ما توصّلت إليه، شنّت عدوان يونيو/ حزيران 1967.

بالقياس على هذه التجربة التاريخية المرتبطة باليمن، وبالنظر إلى تصعيد الأشهر الأخيرة، من غير المستبعد أنّ الإيرانيين عكفوا منذ 2015، (تاريخ انطلاق عمليات التحالف العربي)، وإلى اليوم، على قياس قدرات الجيش السعودي في مواجهة الحوثيين للبناء عليها. وبالتالي، فإنّ التصعيد اللافت في مشهد الحرب في الشهرين الأخيرين، لا سيما منذ استهداف أنابيب شركة "أرامكو" في الرياض الشهر الماضي بهجمات طائرات الحوثيين المسيّرة، وليس انتهاء باستهداف مطاري أبها وجازان، كلها مؤشرات تنبئ بأنّ الحرب دخلت طوراً جديداً. جزء من هذه الحرب يمكن إدراجه ضمن حقل تجارب لأسلحة جديدة، والجزء الآخر يمكن وصفه بأنه رسائل استعراض قوة لمنع السعودية من التحمّس لأي مواجهة أميركية إيرانية في المنطقة.

وبالتزامن مع التصعيد الأميركي الإيراني، أعلن الحوثيون عن قائمة بـ300 هدف داخل الأراضي السعودية، وقد اتّضح هذه المرة أكثر من سابقاتها، أنّ الجماعة تخوض حرباً بالوكالة لصالح إيران، على الأقل من حيث توقيت التصعيد، الذي جاء بالترافق مع العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران.

وأياً كانت حسابات التصعيد الحوثي الأخير، فإنه عزّز من فرضية أنّ الحكومة اليمنية ومثلها التحالف بقيادة السعودية، لم يكونا على إلمام كاف بقدرات الحوثيين العسكرية، كما لم يحدّا طيلة أربع سنوات ونصف السنة، من قدرة "أنصار الله" على تطوير إمكانياتهم وانتقالهم من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم. والمهم في هذا كله، أنّ هذا التصعيد لا يخدم بأي حال من الأحوال جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة بإشراف المبعوث الأممي مارتن غريفيث، بل إنّ المزيد من التصعيد يجعل مصير هذه الجهود على كف عفريت، والشعب اليمني في واقع الأمر، هو الذي يدفع الفواتير. وقد بات واضحاً في الأسابيع الأخيرة على الأقل، أنّ الحديث عن فرص الحلّ يتراجع إلى حدّ كبير، سواء على ضوء الانسداد الحاصل في تنفيذ اتفاق استوكهولم (المبرم في ديسمبر/ كانون الأول الماضي) أو على ضوء التطورات الإقليمية وتصعيد الحوثيين باتجاه السعودية.