محاذير إسرائيلية من التصعيد الإيراني الأميركي

محاذير إسرائيلية من التصعيد الإيراني الأميركي

17 يونيو 2019
قلق إسرائيلي من تعاظم حدة التصعيد بين إيران وأميركا(Getty)
+ الخط -
يلتزم موقف الاحتلال الإسرائيلي الرسمي الصمت إزاء التوتر المحتدم بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية الاتهامات التي توجهها لطهران بالمسؤولية عن التفجيرات التي استهدفت ناقلات النفط في الخليج أخيراً، باستثناء تقديرات حذرة منسوبة لأوساط استخبارية في تل أبيب ترجح صدقية الاتهامات الأميركية.

وعدم تعليق المسؤولين الإسرائيليين على التطورات في الخليج يعكس توجهاً واضحاً يهدف إلى عدم إبراز أي دور لتل أبيب في الأحداث، لا سيما أن طهران تحاجج بأن التحول في الموقف الأميركي من الاتفاق النووي بعد صعود دونالد ترامب للحكم يرجع بشكل خاص إلى الدور النشط الذي قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي تباهى به فعلاً عشية الانتخابات الأخيرة.

لكن على الرغم من الصمت الرسمي، إلا أن قلقاً يسود الأوساط الرسمية في إسرائيل إزاء تداعيات الحرب الكلامية الحالية والتوتر بين الولايات المتحدة وإيران، لا سيما في ظل مخاوف من أن يتحول هذا التصعيد إلى مواجهة عسكرية.


التقييم الذي ظل سائداً لدى أوساط التقدير الاستراتيجي في تل أبيب حتى التفجيرات التي استهدفت ناقلات النفط، كما أشارت إلى ذلك سلسلة من أوراق تقدير الموقف التي صدرت عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أخيرا، كانت تشير إلى أن تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني كبير جداً وأن تداعياته تحرج نظام الحكم في طهران أمام الرأي العام الإيراني، وأن طهران، رغم تهديداتها، لن تقدم على تجاوز الاتفاق النووي، بل ستسعى إلى شراء الوقت حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، على أمل أن يصعد للحكم رئيس ديمقراطي يعيد واشنطن إلى الاتفاق النووي.

لكن في أعقاب التصعيد الذي تلا التفجيرات الأخيرة، فإن تل أبيب باتت تخشى من أن يفضي هذا التوتر إلى تداعيات بالغة الخطورة على المصالح الاستراتيجية لإسرائيل.

وأكثر ما يثير قلق إسرائيل من تعاظم حدة التصعيد في المواجهة الإيرانية الأميركية حقيقة شكوكها في مدى صلابة موقف ترامب من الملف النووي الإيراني. وحسب ما ذكره المعلق بن كاسبيت في تحليل نشرته النسخة العبرية لموقع "المونتور"، فإن بعض الدوائر الإسرائيلية تنطلق من افتراض مفاده أن إدراك إيران عدم رغبة الرئيس الأميركي الواضحة في المواجهة العسكرية يمكن أن يدفعها إلى التصعيد والإقدام على خطوات أكثر جرأة، وضمنها مواصلة التأثير على إمدادات النفط وحتى الإقدام على تجاوز الاتفاق النووي عبر العودة لتخصيب اليورانيوم وإعادة تفعيل بعض المنشآت النووية التي توقف فيها العمل بعد توقيعها على الاتفاق.

وقد أشار المعلق الإسرائيلي عاموس، في تحليل نشرته اليوم الإثنين صحيفة "هآرتس"، إلى مظاهر خيبة الأمل الإسرائيلية، حيث نقل عن محافل رسمية في تل أبيب إحباطها من الرئيس الأميركي دونالد ترامب "لا يقوم ببث موقف حاسم ومتواصل بشأن إيران، رغم خطة الـ12 نقطة للضغط على إيران، والتي عرضها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قبل سنة تقريبا".

وفي الوقت ذاته، فإنه حتى لو أقدمت الولايات المتحدة على توجيه ضربة عسكرية لإيران، رغم أن هذا الاحتمال ضعيف في تقدير المحافل الرسمية الإسرائيلية، فإنه ستترتب على هذا التطور تداعيات بالغة الخطورة بالنسبة لتل أبيب.

فكما قال المعلق الإسرائيلي باراك رفيد، فإن الكثير من دول العالم وتحديداً في أوروبا، ستحمل إسرائيل المسؤولية عن تبعات هذه المواجهة التي ستترك آثاراً كبيرة على استقرار المنطقة والاقتصاد العالمي، بسبب دورها في إقناع ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي.

إلى جانب ذلك، فقد لفت روني دانئيل، معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة "12"، إلى أن هناك قناعة سائدة لدى أوساط التقدير الاستراتيجي بأن الارتفاع الكبير الذي سيطرأ على أسعار النفط والطاقة في أعقاب مواجهة مع إيران، وما ينجم عنه من أعباء على المواطن الأميركي، سيفضي إلى المس بمكانة إسرائيل في الولايات المتحدة، حيث سينظر إليها كمسؤولة رئيسة عن دفع ترامب إلى هذه الخطوة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المواجهة وتبعاتها يمكن أن تمس بفرص ترامب بالفوز، ما يعني العودة عن كل الخطوات التي أقدمت عليها ضد إيران بعد قرار الانسحاب من الاتفاق النووي.

وكما أشار المعلق بن كاسبيت في تقرير نشرته أخيرا النسخة العبرية لموقع "المونتور"، فإن هناك مخاوف في إسرائيل من أنه في حال أسفرت المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران عن وقوع خسائر بشرية في صفوف القوات الأميركية، فإن هذا يمكن أن يدفع ترامب نفسه إلى إحداث تحول في موقفه من الملف النووي ويمكن أن يجعله يتجه إلى تبني سياسات تتناقض مع المصالح الإسرائيلية.

لكن سيناريو الرعب الذي تخشاه إسرائيل، يتمثل في أن تفضي مواجهة عسكرية أميركية إيرانية إلى انفجار الجبهتين الشمالية والجنوبية، مع كل ما ينطوي عليه الأمر من تهديد غير مسبوق للعمق الإسرائيلي.


وهناك اعتقاد راسخ في إسرائيل بأن إيران هي التي تطلب من "حزب الله" تحمل تبعات العمليات التي تنفذها تل أبيب وتستهدفه داخل سورية حتى يتم توظيف قوة الحزب في ضرب إسرائيل في حال اندلعت مواجهة شاملة بين طهران وواشنطن أو رداً على ضربة عسكرية توجهها تل أبيب لإيران.

في الوقت ذاته، فقد نقلت قناة التلفزة الإسرائيلية "13" الأسبوع الماضي عن مصدر في المخابرات الإسرائيلية أنها حذرت أخيراً من أن عمليات إطلاق الصواريخ التي تتم انطلاقاً من قطاع غزة تهدف إلى تحذير إسرائيل من أن الجبهة الجنوبية ستنفجر في حال اندلعت مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.

المساهمون