توجه كتل عراقية للمعارضة: تحميل عبدالمهدي منفرداً مسؤولية الفشل

توجه كتل عراقية للمعارضة: تحميل عبد المهدي منفرداً مسؤولية الفشل

18 يونيو 2019
أمام عبد المهدي أسبوعان لتشكيل الحكومة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
بعد ساعات من إعلان زعيم تيار "الحكمة"، عمار الحكيم، عن تبنيه خيار المعارضة رسمياً، في بيان وزع في ساعة متأخرة من مساء الأحد، رجّح سياسيون عراقيون إمكانية إعلان كتل أخرى للخطوة نفسها في الأيام القليلة المقبلة، وسط اعتقاد مراقبين بأن ما يجري هو "عبارة عن خطوات استباقية من قبل بعض الكتل للقفز من مركب على وشك الغرق، وعدم تحمّل أي مسؤولية عن الفشل الحكومي، خصوصاً في ملف الخدمات، الذي ينذر بتفجّر الاحتجاجات في الجنوب العراقي بشكل أوسع من صيف العام الماضي". وعلى الرغم من أن قرار تيار الحكمة لن يكون ذا تأثير على التشكيلة الوزارية الحالية، إذ لا يمتلك أي وزير في الحكومة، إلا أن ما يجري يزيد الضغوط على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، مع تعذر إكمال حكومته أو حسم ملف ما يعرف بالمناصب والدرجات الخاصة، على الرغم من مرور أكثر من ثماني أشهر على تشكيل حكومته. وما يفاقم الضغوط أكثر، هو انهيار شبه كامل بمنظومة الطاقة الكهربائية وخدمات المياه والصحة في مدن جنوبي البلاد، مع ارتفاع درجات الحرارة لمعدلات قياسية".


خطوة الحكيم في تبنيه خيار المعارضة عبر "تيار الحكمة"، الذي يملك 19 مقعداً في البرلمان من أصل 329 مقعداً، اعتبرها مراقبون وسياسيون خطوة استباقية منه، ستلجأ إليها كتل أخرى، بعد استشعارها بفشل حكومة عبد المهدي واستحالة تنفيذ وعودها في توفير الكهرباء والماء والتخفيف من حدة البطالة والفقر، التي بلغت مستويات قياسية غير مسبوقة في البلاد تتجاوز في بعض المدن الـ35 في المائة، مع بدء حراك لجان التنسيق في الجنوب لتنظيم تظاهرات جديدة. ولم تجد الحكومات المحلية حلاً لوقف الحراك سوى تعزيز الانتشار الأمني والتوجه نحو زعامات عشائرية ودينية، تطلب منهم تجنب فوضى صيف 2018 الماضي الذي شهدته مدن عدة، أبرزها البصرة والنجف وميسان والمثنى وذي قار.

من جهته، اعتبر عضو التيار المدني في بغداد، محمد الحبوبي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "كتلاً أخرى أبرزها النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي، هما الأقرب إلى اتخاذ قرار تيار الحكمة نفسه". ولفت إلى أن "خيار التوجه للمعارضة لن يترك تبعات على هيكل الحكومة الحالية، وإن وجدت كتل ستختار معسكر المعارضة ولديها وزراء في الحكومة، فلن ينتج عن ذلك سحب وزرائها، فالقرار نحو المعارضة هو للتخلص من الفشل وتجنب نقمة الشارع على تلك القوى والإعلان أنها بريئة من ذلك الفشل، تخوفاً من انهيار ما تبقّى من أرصدتها الشعبية".

وكشف الحبوبي "المعارضة بمفهومها العراقي ستكون إعلامية أكثر من كونها واقعية على الأرض، فإسقاط الحكومة يكلف البلاد الكثير في هذا التوقيت، كما أنها مدعومة من مراجع دينية في النجف"، مشيراً إلى أن "المعارضة ستتولى إثارة ملفات الفساد والمناداة بتحسين الخدمات ولا يتوقع منها أكثر من ذلك".

وفي محاولة لاحتواء الموقف، قال مسؤول مقرّب من عبد المهدي، أمس الاثنين، إن "الأخير منح الكتل السياسية حتى نهاية الأسبوع الحالي للاتفاق على أسماء الوزراء الأربعة المراد تقديمهم له للدفاع والداخلية والعدل والتربية، أو أنه سيتوجه إلى تقديم أسماء منه لرئاسة البرلمان للتصويت عليها بالرفض أو القبول".

ووفقاً للمسؤول نفسه، فإن "عبد المهدي أبلغ القوى السياسية المختلفة بأن هذه هي الطريقة الوحيدة المتبقية لديه لإكمال حكومته والمضي بتنفيذ البرلمان الانتخابي الذي تبناه ووافق عليه البرلمان، وأن ذلك سيضع العراقيين أمام حقيقة من المتسبب الحقيقي بعرقلة عمل الحكومة وتقديم الخدمات"، مشيراً إلى أن "ذلك سيمنح رئيس الوزراء فرصة لتبرير إخفاقه في تنفيذ وعده، وهو إنجاز ملف استكمال الحكومة والدرجات الخاصة قبل نهاية يونيو/ حزيران الحالي".



ولفت المسؤول المقرب من رئيس الوزراء إلى أن "عبد المهدي يقترب من تكليف رئيس أركان الجيش، عثمان الغانمي، لشغل منصب وزير الدفاع بالوكالة، والفريق موفق الجنابي الوكيل الإداري لوزارة الداخلية لشغل منصب وزير الداخلية بالوكالة أيضاً، فضلاً عن إرسال أسماء الوكلاء والمدراء العامين حالياً بالوكالة إلى البرلمان للتصويت عليهم".

وألزم رئيس الوزراء نفسه، خلال كلمة له عقب جلسة منحه الثقة في البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، بإنهاء "ظاهرة المناصب بالوكالة والدرجات الخاصة وإكمال تشكيلة حكومته، والبدء ببرنامج واضح وضمن رقابة البرلمان"، قبل أن يعود مطلع العام الحالي خلال جلسة التصويت على الموازنة العامة للبلاد، ليعلن أنه "سيحسم ملف الحكومة وملف الدرجات الخاصة في يونيو كأقصى حد". وهو ما يعني أن المتبقي على المهلة التي منحها لنفسه أقل من أسبوعين، من دون أي بوادر بوجود اتفاق سياسي بين القوى المختلفة على حسم ملف الوزارات الأربع المتبقية، أو المناصب الخاصة البالغ عددها نحو 5 آلاف منصب، بين وكيل وزير ومدير عام ورئيس هيئة ومستشار وسفير ومسؤولي وحدات وهيئات مستقلة، كهيئة الإعلام وهيئة النزاهة وهيئة السياحة وشبكة الإعلام وديوان الرقابة المالية ومفوضية حقوق الإنسان ومفوضية الانتخابات.

في السياق، قال النائب حنين القدو إن "ملف استكمال الحكومة لا يمكن أن يحسم قبل 30 يونيو الحالي"، متوقعاً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "يتم تمديد مهلة عبد المهدي لثلاثة أشهر أخرى". وأشار إلى "وجود رأي مطروح من قبل تحالف الفتح يدعو لتقييم المسؤولين الموجودين في مناصبهم بالوكالة، والإبقاء على من تثبت جدارته وقدرته على الأداء"، مؤكداً أن "رئيس الوزراء وجّه رسائل للكتل السياسية، طالباً منها حسم الترشيحات في غضون أسبوع".

وأضاف القدو أنه "إذا لم تتمكن الكتل البرلمانية من الاتفاق على مجموعة من الأسماء لإكمال التشكيلة الوزارية، سيقوم عبد المهدي وبشكل منفرد بتقديم الأسماء إلى مجلس النواب من أجل تمريرها، وقد يكون التمرير بشكل كامل لكل التشكيلة، وقد يكون جزئياً". وتابع أنه "في حال لم يتم تمرير بعض الأسماء أو كل الأسماء، سوف يعاود الكرّة للمرة الثانية والثالثة، ويبقى مصراً على إنهاء التشكيلة الوزارية قبل نهاية الفصل التشريعي".
إلى ذلك، أكد النائب عدنان الأسدي أن "قضية الدرجات الخاصة التي وضعت في الموازنة، كان من المفروض أن تعالج بشكل هادئ وبطيء جداً، كي لا ندخل في أزمة هذا اللغم الذي سينفجر في 30 من الشهر الحالي، إذا لم يتم تقديم الأسماء للبرلمان". وأشار إلى "وجود احتمالات عدة للتعامل مع هذه القضية، الأول يتمثل بالتصويت على المسؤولين الحاليين، وإبقاء الحال على ما هو عليه لإنقاذ الوضع، والخيار الآخر هو اضطرار البرلمان إلى اتخاذ قرار يعطي للحكومة فسحة تمكنها من التمديد لهم لفترة تراوح بين شهرين وستة أشهر". وأضاف "أما الاحتمال الثالث فهو أن تكون لدى الحكومة أسماء ترسلها للتصويت عليها، وفي هذه الحالة يجب معالجة اللغم الذي سينفجر"، لافتاً إلى "وجود أنباء تتحدث عن احتمال اختيار عبد المهدي مرشحين للوزارات الشاغرة بعيداً عن الكتل السياسية".

وأكد الأسدي أنه يؤيد "رئيس الوزراء في حال قرر المضي بهذه الخطوة بالفعل، لأن وزارتي الدفاع والداخلية يجب أن تكونا بعيدتين عن المحاصصة والتدخلات السياسية التي أضرّت بالوزارتين في الماضي". أما عضو مجلس النواب السابق، أستاذ العلوم السياسية نديم الجابري، فقد أشار إلى "وجود حوارات متسارعة بين الأحزاب السياسية بشأن توزيع الدرجات الخاصة، التي تشمل وكيل وزارة فما دون"، موضحاً أن "ذلك يؤكد وجود عملية استحواذ غير دستورية على حقوق الشعب والدولة، لأن هذه المناصب ليست من استحقاقات السياسة والانتخابات، بل من استحقاق الشعب والدولة، ويجب أن يتم توليها حسب السياقات الإدارية لا السياسية. أما استحقاقات الانتخابات فتكمن في أربع محاور فقط هي استبدال أعضاء مجلس النواب، واستبدال رئيس الجمهورية ونوابه، واستبدال رئيس وأعضاء مجلس الوزراء، واستبدال السفراء".



المساهمون