هل أفلتت بيروت المطلوب الأول للقضاء العراقي بقضية كركوك؟

هل أفلتت بيروت المطلوب الأول للقضاء العراقي بقضية كركوك؟

16 يونيو 2019
عاد كريم أمس إلى أربيل (Getty)
+ الخط -

بعد نحو ثلاثة أسابيع على اعتقاله في بيروت بتهمٍ خطيرة، يتعلّق بعضها بأمن الدولة، وتتضمن التحريض على ضرب الجيش العراقي في العام 2017 واختلاس نحو 60 مليون دولار، عاد المطلوب الأول للقضاء العراقي بقضية كركوك، محافظها السابق نجم الدين كريم، إلى أربيل ليمارس حياته بشكل طبيعي. هذا الملف وعودة كريم أثارا تساؤلات عدة حول كيفية إفلاته من بيروت، بعد الإعلان رسميا عن اعتقاله في العاصمة اللبنانية، وحول هوية الجهات التي دفعت باتجاه هذا الإفلات، في حين التزمت حكومة بغداد الصمت.

ومساء أمس السبت، عاد كريم إلى أربيل، بحسب ما أعلنت وكالات أنباء كردية محلية تناقلت الخبر، وكان في استقباله رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني.

وأثارت عودة كريم إلى أربيل لغطاً سياسياً، خاصة أنّ الحكومة العراقية كانت قد أعلنت رسميا عقب اعتقاله، أنّها تتابع الموضوع مع السلطات اللبنانية، وتعمل على استعادة كريم والمطلوبين كافة خارج العراق.

وبحسب مسؤول حكومي رفيع تحدّث لـ"العربي الجديد"، فإنّ "قضية كريم غامضة، ولا يعلم أحد التفاصيل الدقيقة لإطلاق سراحه. بيد أنّ الموضوع كان قد تدخل به رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، وأجرى اتصالات مع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي لتسويته"، مؤكداً أنّ "الحكومة راجعت الملف، وأجرت اتصالاتها مع الجهات اللبنانية لإعلامها بتفاصيله".

وأكد المصدر أن الحكومة "لم تتخذ حينها قراراً بإطلاق سراحه، لكن الأكيد أن الموضوع تمّت تسويته سياسياً"، لافتاً إلى عدم اطلاعه على التفاصيل الكاملة لأي تسوية". واعتبر أن السلطات اللبنانية لم تكن لتطلق سراح كريم من دون موافقة بغداد.

من جهتها، عدّت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، إطلاق سراح كريم "أمراً مخزياً" للحكومة العراقية. وقال عضو اللجنة عبد الأمير الميّاحي، إن "عودة كريم إلى أربيل وإطلاق سراحه بهذه الطريقة مخزٍ للحكومة، ويعطي انطباعاً سيئاً يشجع الفاسدين على سرقة المال العام"، مبيناً في تصريح صحافي أنّ "إطلاق سراح كريم يفتح المجال للمحافظين ومن تسوّل له نفسه هدر المال العام، ليطمئن على سلامة موقفه".

ودعا النائب العراقي بغداد إلى "اتخاذ القرارات المناسبة لمثل هذه الحالات، وتطبيق القانون العراقي"، مشدداً على أنه "إذا كانت هناك وساطات أخرجته من الإنتربول، فإنّ الحكومة ملزمة بمحاسبته".

وحذّر الميّاحي من أنه "سيكون لنا موقف في البرلمان إزاء ذلك، في حال لم تتخذ الحكومة إجراءات صارمة وتطبق القانون على كريم"، مشدداً على ضرورة أن "يطبق القانون على كل متهم بالفساد".

بدوره، طالب عضو البرلمان العراقي عن كركوك محمد البياتي، الحكومة بالكشف عن ملابسات إطلاق سراح نجم الدين كريم من لبنان وعودته الى أربيل. 

وقال البياتي في تصريح صحافي إن "الحكومة الاتحادية مطالبة بالكشف عن ملابسات إطلاق الإنتربول سراح كريم من أربيل، لاسيما بعد النظر بالأدلة الموجهة ضده"، مبيناً أن الأخير "يواجه أربع تهم في نزاهة كركوك ضمنها سرقة عجلات وتهريب النفط ومشاريع وهمية، وذلك خلال فترة حكمه، ولم يتم حسمها لغاية الآن".

ورأى البياتي أن "عودة كريم مستحيلة كونه مرفوض شعبياً، وكذلك لا يوجد أي توافق سياسي بين القوى الكردية أو الفئات الأخرى لعودته الى منصبه وإنهاء الخلافات معه".


إلى ذلك، أكد مكتب كريم أنّ توقيفه في بيروت "كان للاشتباه بقضية كيدية رفعت ضده بكركوك بتهمة استيلائه على عجلات تخص المحافظة، في وقت تمّت تسوية هذا الملف في وقت سابق، وسلّمنا الوثائق والأدلة للسلطات اللبنانية التي أفرجت عن كريم، ولا توجد أي تبعات قانونية ضدّه، بينما أصل الدعوى بكركوك لا تزال قائمة، رغم انتفاء الحاجة إليها قانونياً، وهناك فريق قانوني يتابعها".

أما الحكومة العراقية فلم تعلق على عودة كريم، كما أنّ الجهات القضائية، لم تصدر أي توضيح، رغم الملفات الخطيرة التي يتهم بها الأخير.

وكريم، محافظ كركوك لأكثر من 10 سنوات، هو قيادي سابق في "الاتحاد الوطني الكردستاني"، قبل أن يستقيل من هذا المنصب قبل أشهر عدة، وينتمي لـ"الحزب الديمقراطي الكردستاني". وهو صدرت بحقه مذكرات اعتقال عدة من قبل القضاء العراقي على أثر دخول القوات العراقية لمدينة كركوك واستعادتها من البشمركة عقب تنظيم أربيل استفتاء شعبياً للانفصال عن العراق في سبتمبر/أيلول 2017.

وكانت السلطات اللبنانية قد اعتقلت كريم في مطار رفيق الحريري الدولي، في الـ21 من شهر مايو/ أيار الماضي، بناءً على إشارة الإنتربول الدولي، لوجود مذكرات من القضاء العراقي ضدّه، بينما أطلق سراحه في اليوم التالي، إلّا أنّه بقي رهن التحقيق بانتظار موقف رسمي من الحكومة العراقية، فيما بادر "الديموقراطي الكردستاني" للعمل على تسوية ملفه مع بغداد.  

المساهمون