إيران: الانسحاب من الاتفاق النووي على جدول أعمالنا

إيران: الانسحاب من الاتفاق النووي على جدول أعمالنا

16 يونيو 2019
إيران قد تصبح في عزلة دولية (Getty)
+ الخط -

أكدت الخارجية الإيرانية السبت أن "الانسحاب من الاتفاق النووي ضمن جدول أعمال إيران"، مهددة في الوقت نفسه، أن مهلة الستين يوماً التي منحتها طهران لأطراف الاتفاق النووي، لتمكينها من تحصيل منافعها الاقتصادية من الاتفاق، والتي ستنتهي في السابع من الشهر المقبل، "لن تُمدَّد".


يأتي هذا الموقف الإيراني في وقت تصاعد فيه مجدداً التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، على خلفية استهداف ناقلتي نفط في خليج عمان، الخميس الماضي، وهو الحادث الذي تتهم الولايات المتّحدة إيران بالمسؤولية عنه، لكن الأخيرة نفت ذلك، واصفة الاتهامات بأنها "باطلة".
وقال مساعد الخارجية الإيرانية، للشؤون السياسية، عباس عراقجي، لنادي "المراسلين الشباب" بعد لقائه السبت في طهران مع مساعدة رئيسة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، هلغا اشميد، إنه في حال لم تحصل إيران على منافعها بموجب الاتفاق النووي "سنقلص تعهداتنا خطوة خطوة وفي الحقيقة فإن الانسحاب من الاتفاق النووي ضمن جدول أعمالنا".
وأضاف أن "ذلك سيكون بشكل هادف وذكي ومخطط وحينما تنفذ بقية الأطراف تعهداتها أو جزءاً من مطالب إيران، ستتوقف عملية الانسحاب وحتى يمكن أن تعود إلى الموقع الأول"، أي العودة إلى الالتزام بشكل كامل بجميع التزاماتها النووية.
ووصلت اشميد السبت إلى إيران في إطار جولة إقليمية لها، زارت خلالها الإمارات وعمان ودولة قطر.
وعن نتائج مباحثاته مع المسؤولة الأوروبية، قال عراقجي، إن "زيارتها جاءت استكمالاً لاتصالات ومباحثات واسعة ثنائية أو متعددة الأطراف بين الدول المتبقية في الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا) وإيران في عواصم أوروبية وموسكو وبكين"، مشيراً إلى أنه "خلال الـ 35 يوماً من تعليق إيران تنفيذ تعهدات لها، نشهد زيارات دبلوماسية مكثفة من جميع الجهات".
ووصف المسؤول الإيراني لقاءه باشميد بأنه "كان جيداً وأن الجانبين اطلعا على مواقف البعض"، لكنه أكد أن طهران "لم تلمس خطوة ملموسة من قبل الأوروبيين" للحفاظ على الاتفاق النووي وتمكين إيران من تحصيل منافعها فيه.


وهدّد عراقجي بأن إيران "لن تمدد مهلة الستين يوماً". وحول موعد عقد جلسة اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، المكونة من جميع شركائه، قال "إننا على قناعة بأن هذه اللجنة يجب أن تنعقد عندما يكون لجلستها إنجاز ملحوظ ولا يتم الاكتفاء بإصدار بيانات مكررة غير كافية".
وكان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد أعلن، في الثامن من مايو/ أيار الماضي، عن قرارات "مرحلية"، بموجبها تعلّق إيران تنفيذ تعهدات في الاتفاق النووي رداً على الضغوط الأميركية، وما تصفه طهران بمماطلات الشركاء الخمسة المتبقين في الاتفاق، أي الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والصين وروسيا، في تنفيذ تعهداتهم، بعد أن صفّرت العقوبات الأميركية منافعها الاقتصادية من الاتفاق النووي.
وأعلنت طهران أنها ستعلق بعض تعهداتها على مرحلتين؛ بدأت المرحلة الأولى خلال الشهر الماضي، وشملت رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة، على أن تبدأ المرحلة الثانية في حال لم يلبّ الشركاء المطالب الإيرانية في القطاعين النفطي والمصرفي خلال ستين يوماً، لتخفيف آثار العقوبات الأميركية. وتشمل المرحلة الثانية، رفع مستوى تخصيب اليورانيوم وتفعيل مفاعل "آراك" النووي.
وتنتهي المهلة الإيرانية في السابع من يوليو/ تموز المقبل، وسط حديث إيراني عن أن طهران لم تلمس بعد خطوات عملية أوروبية تلبّي مطالبها. كما أن أوروبا من جهتها تحذّر إيران من الاستمرار في تقليص تعهداتها، داعية إياها إلى مواصلة الالتزام بهذه التعهدات.
وكان وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، قد حذّر، الثلاثاء الماضي، خلال لقائه مع نظيره السويدي مارغو والستروم في استوكهولم، من انهيار الاتفاق النووي، داعياً إيران إلى الالتزام بتعهداتها من جانب واحد.
وهدد ماس، الذي زار إيران الإثنين الماضي، بأن خروج إيران من الاتفاق النووي، "سيؤدي إلى عزلتها في العالم وعودة الأوضاع إلى قبل التوقيع على هذا الاتفاق (عام 2015) وعودة العقوبات". وقال ماس إن هذا الوضع "لن يكون في مصلحة إيران".
وانتقدت الخارجية الإيرانية، دعوة ماس مؤكدة أن الاتفاق "متعدد الأطراف وأن الجميع عليهم تنفيذ الالتزامات بالتساوي".



"إينستكس" حبر على الورق
وعلى صعيد متصل، انتقد رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، اليوم السبت، خلال لقائه مع رئيسة لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الفرنسي، ماريل دوسارنز، في طهران، سياسات أوروبا وفرنسا تجاه الاتفاق النووي، قائلاً إن "الوعد الذي قدّمه الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) للرئيس الإيراني (حسن روحاني) لم يتحقق".
ولفت رئيس البرلمان الإيراني خلال لقائه بالمسؤولة الفرنسية إلى أنه "في ظل عدم إمكانية المعاملات المالية بين البنوك، كيف يمكن أن يكون هناك عمل اقتصادي بين الشركات الإيرانية والفرنسية؟"، موضحاً أن "التوتال الفرنسية كانت أول شركة خرجت من إيران إثر انسحاب (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب من الاتفاق النووي".
وأضاف لاريجاني أن "آلية إينستكس الأوروبية ظلت حبراً على الورق"، وهي آلية مالية أسستها الترويكا الأوروبية خلال يناير/ كانون الثاني الماضي، بغية مواصلة التجارة مع إيران، لتشجيعها بالبقاء في الاتفاق النوي. لكن طهران تقول إنها لا تولي أهمية لهذه الآلية لكونها لم تفعّل بعد مضي أكثر من عام على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، ومن ثم أنها لا تغطي السلع التي تشملها العقوبات الأميركية.
وفي هذا السياق، أكد عراقجي، في حديثه لنادي "المراسلين الشباب" أن بلاده "لا تنتظر تفعيل إينستكس فحسب، وإنما تريد أن تشمل السلع المشمولة بالعقوبات"، مشيراً إلى أنه تباحث بشأن ذلك مع مساعدة مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية.
وتهدد الولايات المتحدة الأميركية بأنها ستحظر هذه الآلية الأوروبية في حال التفت على عقوباتها المفروضة على إيران.



رفض الالتزام بالاتفاق النووي منفرداً
ومن جهته، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، السبت، خلال كلمة له في قمة "التعاون وبناء الثقة في آسيا" المنعقدة في العاصمة الطاجيكستانية دوشنبه، أن بلاده ترفض الاستمرار في التزامها بالاتفاق النووي بشكل منفرد، من دون أن يقوم شركاؤها الآخرون بتنفيذ تعهداتهم.
وقال روحاني، بحسب ما أورده الموقع الإلكتروني للرئاسة الإيرانية، إن طهران "نفّذت جميع تعهداتها بإقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالرغم من الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي والدعم الضعيف له من قبل بقية الشركاء"، مضيفاً "لا يمكن لإيران أن تبقى ملتزمة بمفردها بالاتفاق النووي، وعلى بقية الأطراف أيضاً أن تقوم بمسؤوليتها للحفاظ على هذا الاتفاق الهام".
واعتبر روحاني أن "تنفيذ جميع شركاء الاتفاق النووي كافة تعهداتهم يلعب دوراً مهماً في زيادة الاستقرار الإقليمي والعالمي"، متهماً واشنطن بتحويل الشرق الأوسط إلى "إحدى أكثر المناطق التي تشهد أزمات وعدم استقرار في العالم بسياساتها، بما فيها الانسحاب من الاتفاق النووي".
وأشار إلى القرارات "المرحلية" الأخيرة لبلاده لتعليق تنفيذ تعهدات نووية، قائلاً إنها "جاءت وفقا للبندين 26 و36 من الاتفاق"، مهدداً بأنه "في حال لم نتلق رداً مناسباً سنضطر إلى تنفيذ إجراءات إضافية"، في إشارة إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من تقليص التعهدات النووية.



"دبلوماسية نشطة"
وعلى صعيد منفصل، أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، مساء السبت، أن "الدبلوماسية الإيرانية النشطة مستمرة"، في إشارة إلى لقاءات عقدها روحاني، خلال مشاركته في قمة "التعاون وبناء الثقة في آسيا".
وعلّق ظريف على صور لهذه اللقاءات، نشرها على حسابه عبر "تويتر"، بالقول إن "الرئيس روحاني عقد لقاءات ممتازة مع رؤساء طاجيكستان وتركيا وأمير قطر في دوشنبه".


وأضاف ظريف أن روحاني "أجرى أيضاً مباحثات بنّاءة مع الرئيس الأفغاني، أشرف غني، والرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية، عبدالله عبدالله"، مشيراً إلى أنه كذلك عقد "لقاءً مفيداً" مع نظيره الهندي الجديد جي شنكر.

المساهمون