القصف على إدلب وحماة يسقط ادعاءات الهدنة

القصف على إدلب وحماة يسقط ادعاءات الهدنة

15 يونيو 2019
واصل الطيران الروسي والتابع للنظام استهداف المدنيين (الأناضول)
+ الخط -


على الرغم من أن موسكو تحدثت عن هدنة في شمال غربي سورية، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمسك بتدمير إدلب، وهو ما دلت عليه التطورات الميدانية في شمال غربي سورية، أمس الجمعة، إذ واصل الطيران الحربي الروسي والطيران التابع للنظام السوري قصف أرياف حماة وإدلب وحلب لليوم الثاني على التوالي، ليسفر القصف عن وقوع جرحى مدنيين وأضرار مادية، ولترتفع في المقابل التحذيرات التركية لروسيا من مغبة الاستمرار بالسماح للنظام بتصعيد القصف على تلك المنطقة الخاضعة لاتفاق سوتشي. وتأتي هذه التطورات بعدما فشلت قوات النظام في تحقيق تقدّم على العديد من الجبهات في منطقة خفض التوتر في أرياف حماة وإدلب واللاذقية، وتكبّدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وقال بوتين، خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون، في عاصمة قيرغيزستان بيشكيك، أمس الجمعة: "لقد تم تحقيق نتائج حقيقية في الحرب ضد الإرهاب الدولي في سورية. وقد تمت هزيمة الإرهابيين بفضل المساعدة الروسية الشاملة للحكومة السورية الشرعية". وأضاف أن "عملية التسوية السياسية في تقدم، والعمل جارٍ لتشكيل اللجنة الدستورية. المهمة ذات الأولوية الآن هي ضمان القضاء التام على المراكز الإرهابية التي لا تزال موجودة في سورية، وفي المقام الأول في إدلب، وبالتوازي زيادة حجم المساعدات الإنسانية ودعم المجتمع الدولي لإعادة الإعمار الاقتصادي في سورية".

وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن الطيران الحربي التابع للنظام السوري قصف خيماً للنازحين في محيط بلدة تلحديا بالقرب من الطريق الدولي في ريف حلب الجنوبي، ما أدى إلى وقوع إصابات بين النازحين، بينهم امرأتان، وأضرار في الخيام. وذكرت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن الطيران الروسي شن، صباح أمس الجمعة، ثلاث غارات بصواريخ شديدة الانفجار، على أطراف بلدة المسطومة، جنوب مدينة إدلب، ما أدى إلى أضرار مادية جسيمة. وتزامن القصف على المسطومة مع غارات من الطيران الحربي على مناطق في بلدات ومدن الهبيط وترملا وبعربو وسطوح الدير وجبل شحشبو واحسم وركايا سجنة وأريحا في ريف إدلب الجنوبي، ومنطقة مرديخ في ريف إدلب الشرقي، وعلى اللطامنة وكفرزيتا في ريف حماة الشمالي. وأسفر القصف، بحسب مصادر من الدفاع المدني، عن وقوع جرحى في مدينة اللطامنة، وحرائق في المحاصيل الزراعية وأضرار مادية في منازل المدنيين والبنى التحتية. وأضافت مصادر الدفاع المدني أن فرق المنظمة تعاني في عملية الوصول إلى كافة المناطق التي تعرضت للقصف، بسبب اتساع رقعتها واستهداف الطيران الروسي للطرقات والسيارات بالرشاشات الثقيلة والقنابل العنقودية. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الجمعة، مقتل 28 شخصاً في قصف سوري وروسي استهدف مناطق عدة في شمال غرب سورية، الخميس.



وكانت روسيا قد أعلنت عن هدنة كان من المفترض سريانها منذ ليل الأربعاء الخميس الماضي، إلا أن القصف الجوي لم يتوقف، فيما أعلنت المعارضة السورية المسلحة عدم علمها بالهدنة. وبحسب مصادر من المعارضة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن جبهات القتال بين النظام وقوات المعارضة تعيش هدوءاً حذراً منذ ثلاثة أيام، فيما يتخلل ذلك قصف مدفعي متبادل من الطرفين. وكانت قوات النظام قد سيطرت الشهر الماضي على مواقع عديدة في ريف حماة الشمالي الغربي، فيما شنّت المعارضة هجوماً معاكساً تمكنت خلاله من السيطرة على مواقع واسترداد مواقع أخرى.

أمام هذا الواقع، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو أن روسيا "لا عذر" لها بعدم الضغط على النظام السوري من أجل وقف ضرباته في شمال غرب سورية. وتساءل جاووش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أمس الجمعة: "من هم ضامنو النظام في إدلب وسورية بشكل عام؟ روسيا وإيران. لا نقبل العذر القائل: لا يمكننا أن نجعل النظام يصغي إلينا". وأضاف "منذ البداية قلنا إننا ضامنو المعارضة. لم تحدث أي مشكلة مع المعارضة المعتدلة". وأعلن جاووش أوغلو، في مقابلة مع وكالة "الأناضول"، أن "نظام (بشار) الأسد هو الذي أرسل المجموعات المتطرفة بأسلحتها إلى إدلب من حلب والغوطة الشرقية وحمص وحماة". وأوضح أن "النظام يتذرع بالهجوم على مناطق خفض التوتر، بحجة انتشار هذه المجموعات في إدلب".

وبيّن أن قوات النظام استهدفت نقطة مراقبة تركية في إدلب، أول من أمس الخميس، مشدداً على "ضرورة إيفاء روسيا بالتزاماتها في تثبيت الهدنة بالمنطقة". وأضاف "حتى وإن لم يستهدف النظام نقطة المراقبة العاشرة، إلا أننا نعتقد أن النظام تعمّد قصف محيط النقطة، وقد بعثنا بالرسائل اللازمة إلى روسيا والدول الأخرى". وأعرب جاووش أوغلو عن رفض بلاده زعم روسيا بالعجز عن التأثير على النظام السوري بشأن اعتداءاته على مناطق خفض التوتر، مؤكداً أن "مواصلة الهدنة والالتزام بتفاهم خفض التوتر في إدلب، يحملان أهمية من أجل مستقبل سورية والحل السياسي". وكان جاووش أوغلو قد تطرق في تصريحات، أول من أمس الخميس، إلى استهداف قوات النظام نقطة مراقبة تركية في إدلب، معرباً عن اعتقاد أنقرة بأن تلك الهجمات متعمدة. وأكد أن تركيا ستقوم بما يلزم في حال استمرت الهجمات ضد نقاط المراقبة في مناطق خفض التصعيد بإدلب. وكانت إحدى نقاط المراقبة التركية في محيط إدلب قد تعرضت للقصف بقذائف مدفعية، ما أدى إلى إصابة ثلاثة جنود أتراك، وحمّلت تركيا النظام السوري مسؤولية القصف. وأعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 300 ألف مدني فروا من ريفي إدلب وحماة باتجاه المناطق الحدودية مع تركيا، عقب حملة القصف التي يشنها النظام بدعم روسي. وأشار المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إلى مقتل ما لا يقل عن 231 مدنياً، بينهم 69 امرأة و81 طفلاً، وذلك منذ إبريل/ نيسان الماضي، بسبب التصعيد العسكري للنظام وروسيا على منطقة خفض التصعيد.

المساهمون