سورية: مجازر ضد المدنيين انتقاماً لخسائر النظام العسكرية

سورية: مجازر ضد المدنيين انتقاماً لخسائر النظام العسكرية

12 يونيو 2019
أدّى القصف لأضرار بالممتلكات والمحاصيل الزراعية(دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -
بينما هدأت وتيرة المعارك، أمس الثلاثاء، من دون أن تتوقّف في شمال غربي سورية، فإنّ القصف اشتدّ خلال اليومين الأخيرين، إذ نفّذ طيران النظام وروسيا عشرات الغارات الجديدة، فضلاً عن القصف المدفعي، ما أدى مجدداً لسقوط عشرات الضحايا من المدنيين. وقد بلغت حصيلة ضحايا القصف الجوي والصاروخي من قبل قوات النظام السوري والطيران الروسي على أرياف حماة وإدلب وحلب شمال غرب البلاد أكثر من سبعين بين قتيل وجريح، منذ صباح أوّل من أمس الاثنين وحتى منتصف ليل اليوم نفسه، فيما استأنفت قوات النظام القصف على ريف إدلب منذ صباح أمس. وبدا واضحاً أن تصعيد القصف جاء ضمن سياسة النظام الممنهجة والقائمة على استهداف المدنيين للانتقام لخسائره العسكرية التي تكبدها في الأيام الماضية.
وذكرت مصادر من الدفاع المدني السوري لـ"العربي الجديد" أنّ قوات النظام السوري قصفت مدينة خان شيخون في ريف إدلب صباح أمس براجمات الصواريخ والمدفعية، موقعة أضراراً مادية. وقالت المصادر نفسها إنّ حصيلة الضحايا جراء القصف على مناطق مختلفة في ريف إدلب، منذ صباح الاثنين وحتى منتصف الليل من اليوم نفسه، بلغت 27 قتيلاً من المدنيين بينهم ثمانية أطفال وست نساء، مضيفةً أنّ عدد الجرحى تجاوز الأربعين، بينهم اثنا عشر طفلاً وست نساء، بالإضافة إلى ثلاثة متطوعين من الدفاع المدني، أصيبوا جراء تجدد القصف خلال عمليات الإسعاف والإنقاذ.

وأوضحت المصادر أنّ الضحايا توزعوا على مدن وبلدات جبالا وخان شيخون، ومعرشورين، وكفر بطيخ، ومعرة حرمة، وأريحا، مشيرة إلى أنّ الطيران الحربي استخدم قنابل عنقودية وفراغية بقصف منازل المدنيين. وأدى القصف إلى دمار واسع وأضرار مادية في الممتلكات والمحاصيل الزراعية.
وفي ريف حلب الجنوبي، تسبب القصف، بحسب المصادر، في مقتل ثلاثة مدنيين هم امرأة وطفلاها، جراء استهداف قرية الزربة بالمدفعية الثقيلة، فيما أصيب ثلاثة مدنيين جراء القصف على مدن كفرزيتا واللطامنة ومورك، وفي ريف حماة الشمالي.
وتبقى هذه الأرقام مرشحةً للتصاعد، وفق ما قالت مصادر "الدفاع المدني السوري" لـ"العربي الجديد"، أمس، موضحةً أنّ "الغارات مُستمرة وفي كل ساعة نتلقى بلاغات جديدة عن شنّ الطيران لهجماتٍ إضافية".
وعلاوة على سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، فإن هجمات قوات النظام وروسيا، أدّت إلى نزوح المزيد من المدنيين، والذين يتجه معظمهم نحو البلدات والقرى الأقل خطراً، بالقرب من الحدود التركية، حيث تنتشر عشرات المخيمات المكتظة بساكنيها. وتقول إحصائيات فريق "منسقو الاستجابة" وغيرها، إنّ المخيمات استقبلت، خلال الأسابيع الماضية، أضعاف الأعداد القادرة على استيعابها.


وكانت الأمم المتحدة قد حذّرت من موجات نزوح ضخمة باتجاه تركيا، إذا ما استمرت حملة التصعيد العسكري والمعارك في جنوبي إدلب وشمالي حماة. وقال منسق المنظمة الدولية الإقليمي للشؤون الإنسانية، بانوس مومسيس، الاثنين، "نخشى إذا استمر ذلك (التصعيد) واستمر ارتفاع أعداد النازحين واحتدم الصراع، أن نرى فعلاً مئات الآلاف... مليون شخص أو مليونين يتدفقون على الحدود مع تركيا".
وأضاف المسؤول الأممي، في حديث لوكالة "رويترز"، من جنيف، إنّ الوضع في تدهور، وإن "اتفاقاً بين روسيا وتركيا على خفض التصعيد في القتال هناك لم يعد مطبقاً فعلياً". وتابع "نشاهد هجوماً يستهدف فعلاً أو يؤثر على المستشفيات والمدارس في مناطق مدنية، مناطق فيها سكان وأماكن حضرية، وهو ما لا ينبغي أن يحدث بموجب القانون الدولي الإنساني".
وكان فريق "منسقو استجابة سورية" قد أكّد في آخر إحصائية له نشرها الأحد الماضي، حول أعداد الضحايا والنازحين، في شمال غرب سورية، أنّ أعداد النازحين تجاوزت النصف مليون شخص. وقال الفريق، إنّ عدد القتلى نتيجة قصف قوات النظام وروسيا منذ الثاني من فبراير/ شباط الماضي، إلى غاية التاسع من يونيو/ حزيران الحالي على الشمال السوري بلغ 697 شخصاً، بينهم 203 أطفال.
وأكد أنّ أعداد النازحين بلغت في الفترة ذاتها أكثر من 503509 أشخاص، فيما ذكر أنّ عدد المنشآت الحيوية والبنى التحتية المستهدفة بلغ 183 نقطة، بينها 57 مركزاً طبياً ومستشفى، وستة مراكز للدفاع المدني و71 منشأة وبناءً تعليمياً وستة مخيمات للنازحين و31 من المساجد، إضافة إلى 11 مخبزاً.

إلى ذلك، ومع أنّ وتيرة المعارك العنيفة انخفضت خلال ساعات أمس الثلاثاء، إلا أنها تواصلت في جبهتين أساسيتين؛ الأولى شمال غرب حماة، بالقرب من قرية الشيخ حديد شمال قرى الجبين وتل ملح، وفي نقاطٍ أخرى قرب بلدة الحويز، والثانية شمال شرق محافظة اللاذقية، عند محيط تلة كبانة، التي تسعى قوات النظام بدعم جوي روسي لاقتحامها، كونها تُشكل لها بوابة لجسر الشغور في غربي إدلب، وسهل الغاب، شمال غرب حماة.
وحول سير المعارك أمس الثلاثاء، قال قيادي عسكري في المعارضة السورية المسلحة في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "المعارك مستمرة، وتدور مواجهات عنيفة على محور الحويز، وقصفنا مواقع للمليشيات التابعة للنظام في قرية القصابية"، الواقعة إلى الشمال من كفرنبودة وغرب الهبيط، شمال غرب حماة، متحدثاً عن "معارك أخرى تدور في محور كبانة". وقال إنّ الفصائل تتصدى هناك لهجوم عنيف، والطائرات تقصف بكثافة نارية كبيرة جداً.
وفيما تقود مليشيات "النمر" التابعة لسهيل الحسن معظم معارك ريف حماة الشمالي الغربي، فإنّ مصادر موالية للنظام كانت قد أكدت في اليومين الماضيين دفع الأخير بمزيد من التعزيزات من محيط دمشق نحو هذه الجبهات، بعدما تبيّن أنّ التوغّل فيها برياً يحتاج إلى قوات أكبر مما كان متوقعاً، إذ إنّ الفصائل المُدافعة هناك تشنّ منذ أيام هجمات خاطفة، متبعة تكتيك الاستنزاف، كما قال لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق أول من أمس، ناجي مصطفى، المتحدث باسم "الجبهة الوطنية للتحرير".
وتقود ما تُعرف بـ"قوات الغيث" هجوم قوات النظام، في تل كبانة، شمالي اللاذقية، وهي قوات يقودها العميد بقوات الأسد غياث دلة، وتتبع لـ"الفرقة الرابعة"، التي يقودها فعلياً شقيق رئيس النظام السوري، ماهر الأسد. وتسعى هذه القوات لكسر دفاعاتٍ بنتها الفصائل المتمركزة في كبانة، خلال السنوات الماضية، وهي تحصينات تزيد من صعوبة مهمة القوات المهاجمة، التي تحاول التوغل في مناطق جبلية مكشوفة نارياً، من التلال المحيطة، وأعلاها كبانة.



المساهمون