عيد الفطر ليس سعيداً في سورية

عيد الفطر ليس سعيداً في سورية

02 يونيو 2019
سيقضي الآلاف بشمال سورية العيد في العراء(نذير الخطيب/فرانس برس)
+ الخط -
يستقبل السوريون في شمال البلاد عيد الفطر وهم يترقبون الطريقة التي من الممكن أن يقتلهم بها الطيران الروسي وطيران النظام، خلال الحملة العسكرية المستمرّة التي بدا واضحاً بالنسبة لهم أنهم المستهدف الأول فيها. وخلال شهر رمضان، قتل بعضهم أثناء تناولهم وجبة الإفطار أو تحضيرهم لها، فيما أدركت صواريخ النظام بعضهم الآخر خلال فترة السحور لتقتل عائلات بأكملها، ليصل عدد الضحايا خلال شهر الصوم إلى أكثر من 250 قتيلاً مدنياً، إلى جانب آلاف الجرحى، ويتحول بذلك العيد إلى مأتم جماعي للآلاف منهم. كذلك، سيستقبل آخرون العيد إمّا نازحين في مخيمات وإما في العراء، إذ شردت هذه الحملة خلال شهر رمضان لوحده أكثر من 300 ألف مدني لم تتمكّن مخيمات النزوح التي تعمل بأربعة أضعاف طاقتها، من استيعابهم، ليبقى نحو 200 ألف منهم في العراء بين أشجار الزيتون.

أمّا المواطن المحظوظ الذي نجت بلدته من دمار القصف، فسيستقبل العيد بتقاسم الألم مع إخوانه النازحين الجدد لبلدته المكتظة أساساً بالفارين من الموت، وسط وضع مأسلوي، في ظلّ غياب أنواع الخدمات كافة. فالمراكز الصحية التي لا تغطي أساساً أكثر من 25 في المائة من احتياجات المدنيين في شمال غرب سورية، تم توقّف 80 منشأة طبية منها عن الخدمة خلال هذه الحملة العسكرية، فيما معظم المدارس شبه معطَّلة بسبب إيقاف الدعم عنها، وبسبب الأعداد الهائلة من الطلاب التي تفوق استيعابها. هذا طبعاً عدا عن الارتفاع الكبير في الأسعار وفي إيجارات البيوت التي وصلت إلى مبالغ قياسية بسبب الكثافة السكانية الكبيرة.

في مقابل ذلك، سافر آلاف السوريين اللاجئين في تركيا لقضاء إجازة العيد مع أهلهم في الشمال السوري. فرغم الأخطار التي تحيط بزيارتهم، إلا أنهم آثروا مشاركة أهليهم كل المخاطر التي يتعرضون لها.

أمّا في ما يتعلّق بالجهود الإنسانية والدولية التي من الممكن أن تخفّف عن المدنيين، فمنطقة خفض التصعيد الرابعة تتلقّى أقلّ نسبة استجابة إنسانية، مع حدّ أدنى من الجهود الدبلوماسية، في ظلّ أكبر موجة نزوح تشهدها البلاد منذ بداية الثورة السورية في عام 2011. علماً أنّ الوضع الإنساني مرشح لأن يكون أكثر تدهوراً مع حلول فصل الصيف وما يرافقه من انتشار العديد من الأمراض، في الوقت الذي تقف فيه المنظمات التابعة للأمم المتحدة موقف المتفرّج، بحجّة أنها لا تملك تقييم احتياجات واضحاً في إدلب، ولا تعلم ماذا يحتاج 350 ألف نازح في الشمال السوري.

لكل ما ذكر من أسباب، فإنّ العيد في سورية لن يكون سعيداً، وعلى مجلس الأمن الدولي التحرّك سريعاً من أجل وقف هذه المأساة، وعلى وكالات الأمم المتحدة والدول المانحة أن تكون أكثر استجابةً لهذه الكارثة.

المساهمون