حزب "البنزين"

حزب "البنزين"

06 مايو 2019
وقف التونسيون أخيراً بطوابير طويلة أمام محطات البنزين(فرانس برس)
+ الخط -
دعا حزب "آفاق تونس" الأحزاب التونسية التي أعلنت أنها لن تتحالف مع حركة "النهضة" إلى توقيع اتفاق سياسي يكون بمثابة التزام أخلاقي أمام التونسيين، وذلك في إطار ما سماه "إعادة بناء الثقة بالعملية الديمقراطية". واعتبر الحزب، في بيان له أخيراً، أنّ هذا الاتفاق سيشكّل اللبنة الأولى لتحالف سياسي لفترة ما بعد 2019، تكون أرضيته وثيقة عمل حكومي مشترك، تتضمّن تفصيلاً دقيقاً للبرامج والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المقرر إنجازها قبل تشكيل أي حكومة.

هذا الكلام لا يختص به "آفاق تونس" فقط، فأغلب الأحزاب التونسية تركز استراتيجيتها السياسية الانتخابية على منافسة "النهضة" حتى لا يُقال معاداتها، وكثير من هذه الأحزاب تتصور أنّ لديها القدرة على قيادة تحالف ضدّ الحركة، وتدعو يومياً إلى تجميع العائلة الوسطية والديمقراطية والحداثية وما إلى هنالك من صفات ضدّ "النهضة". والغريب ألا أحد من هذه الأحزاب تجمّع، حتى إنّ ائتلافات مدنية مستقلة ولدت لمحاولة التجميع، فيما المشهد حقيقةً لا يزداد إلا تفرقاً وتشتتاً. ولا بدّ أن تثبت قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية هذا التضخّم المفرط للأنا السياسية في المشهد التونسي.

وبغضّ النظر عن سقوط هذه الاستراتيجية وفشلها في إسقاط "النهضة" في الاستحقاقات الانتخابية كافة التي عرفتها تونس سابقاً، لا بل واستفادة الحركة منها إلى حدّ كبير، فإنّ بعض الأحزاب وقياداتها لم تستوعب إلى حدّ الآن أنّ التونسيين ملّوا هذا الخطاب ولم يعد يستهويهم، كما أنه لن يكون مرجع الاهتمام في الفصل والاختيار في العملية الانتخابية. فما يعني التونسيين حقاً هو حياتهم اليومية، ومرشحهم المفضل هو ذاك الذي سيقدّم أفكاراً واقعية قابلة للتصديق بشأن دراسة أبنائهم، وعودة أسعار السلع إلى طبيعتها، وتنظيف الشوارع من الأوساخ وردم الحفر فيها، وطمأنتهم إزاء معاشاتهم بعد التقاعد، وتوفير الدواء الأساسي لمرضاهم.

وبينما يقف المواطنون في طوابير طويلة أمام محطات البنزين بعد إضراب دام أياماً، اضطرت الحكومة على إثره لتسخير قوات الجيش لنقل هذه المادة، يتساءل التونسيون وهم يستمعون إلى خصومات السياسيين في الإذاعة، وينتبهون إلى ضحالة ما يحدث في الحزب الحاكم الذي انتخبوه في السابق، أليس هناك في قائمة الـ217 حزباً "حزب البنزين"؟

المساهمون