ضغوط متجددة لوقف تسلل الأسلحة الأميركية إلى الحشد الشعبي

ضغوط متجددة لوقف تسلل الأسلحة الأميركية إلى الحشد الشعبي

06 مايو 2019
فصائل مرتبطة بإيران ما زالت تستخدم أسلحة أميركية(فرانس برس)
+ الخط -
يعود الحديث مجدداً في العراق عن الأسلحة الأميركية الموجودة لدى فصائل "الحشد الشعبي"، والتي حصلت عليها الأخيرة بين عامي 2015 و2017 خلال ذروة المعارك ضدّ تنظيم "داعش"، وذلك بالتزامن مع التصعيد الأميركي ضدّ إيران وجهات مقربة منها في المنطقة. ويؤكد مسؤولون عراقيون، لـ"العربي الجديد"، أنّ مسؤولين أميركيين طالبوا العراق في الأسابيع الماضية بالالتزام ببنود اتفاقيات التسليح الموقعة بين البلدين، والتي تشمل ضمان عدم استخدام الأسلحة في غير محاربة الإرهاب وحفظ الأمن والسلم الأهلي، وأن تبقى محصورةً بيد القوات العراقية. وهو ما يبقى شرطاً مطاطاً، خصوصاً أنّ بغداد يمكنها الاستناد إلى قانون هيئة الحشد الشعبي الذي اعتبر الأخيرة جزءاً من القوات العراقية الرسمية في البلاد.
وكانت واشنطن قد أرسلت شحنات كبيرة من الأسلحة والذخيرة المتوسطة والخفيفة للعراق، خصوصاً قبيل معركتي الفلوجة والموصل ضد "داعش" عام 2016، وهو ما فعلته دول أخرى مثل بريطانيا وكندا وأستراليا وألمانيا وفرنسا.

وقال مسؤول عراقي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الجانب الأميركي شدّد من جديد على رغبته في عدم وصول أسلحته إلى يد فصائل محددة في الحشد، وأكّد أنّ هذا الأمر في حال تمّ خرقه مجدداً قد يهدد برنامج التسليح، خصوصاً للوحدات العراقية الخاصة التي يعتبر تجهيزها أميركياً مائة بالمائة، مثل قوات جهاز مكافحة الإرهاب ووحدات التدخّل السريع، وفرق كوماندوس الخاصة التي ترتبط بجهاز الاستخبارات العراقي".

وأشار المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أنّه في الوقت الحالي، لا توجد دفعات سلاح أميركية للعراق بما يتعلق بالسلاح الخفيف والمتوسّط، لكن الأميركيين منزعجون من أن فصائل تعتبر مرتبطة بإيران ما زالت تستخدم أسلحة أميركية كانت في الأصل مقدمة للجيش العراقي، مثل بنادق "أم 4" و"أم 16" وقاذفات "أي تي 4" المضادة للدروع.

في المقابل، يؤكد نواب عراقيون أنّ بغداد لم تخرق الاتفاق أو تخلّ بالشروط الخاصة بالتسليح الأميركي للعراق، كون "الحشد الشعبي" بات جزءاً من القوات العراقية التي تتولّى الحرب على الإرهاب. وهو ما أكّده عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، عبد الأمير المياحي، في حديث مع "العربي الجديد"، قائلاً إنّ "الاعتراض الأميركي غير مبرر، فالحشد أصبح جزءاً من المنظومة الأمنية الرسمية في العراق".

وأوضح المياحي أنّ "البرلمان سبق أن منح للحشد الشعبي الغطاء القانوني الرسمي، وبالتالي، من حق الدولة أن توزع الأسلحة التي تستوردها من الولايات المتحدة، أو من أي دولة أخرى، على المؤسسات الأمنية والعسكرية". واعتبر أنّ حكومة بلاده "لا تحتاج إلى أن توضح لأي طرف هذا الأمر، لأن السياق الحالي هو تعزيز ترسانة الدفاع والأمن العراقية، والتي فصائل الحشد جزء منها، ومن حقها امتلاك السلاح الذي تتعاقد عليه الحكومة مع أي دولة كانت".

من جهته، قال أحمد الكناني، عضو البرلمان عن كتلة "صادقون"، الجناح السياسي لمليشيا "العصائب"، أحد أبرز الفصائل العراقية المسلحة ارتباطاً بإيران، في حديث مع "العربي الجديد" إنّ "الحشد الشعبي جزء من المنظومة الأمنية التابعة للقائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وساهمت إلى جانب القوات العراقية في دحر عصابات تنظيم داعش". ولفت إلى أنّ "الحديث عن القلق الأميركي من حصول الحشد على أسلحة أميركية، تدخل سافر بالشأن العراقي ويجب على الحكومة التصدي له".

في هذه الأثناء، رأى عضو جمعية المحاربين القدامى في العراق، حسين عبد النبي، أن "الحديث عن السلاح الأميركي الذي يملكه الحشد، يتجدّد مع كل دفعة سلاح أميركية إلى العراق"، موضحاً أنّ "جزءاً من هذه الضغوط يثيرها نواب في الكونغرس يعارضون التسليح للعراق، ويعتبرون أن إيران مستفيدة منه".

وأضاف عبد النبي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "أميركا وضعت نفسها بموقف أصعب عندما أدرجت أحد أبرز فصائل الحشد (النجباء)، وقيادات أخرى في هذه الفصائل، على لائحة الإرهاب، في وقت يصل السلاح الأميركي إليها أو يكون بمتناولها على أقل تقدير".

من جهته، رأى المحلل السياسي العراقي محمد سليم، أنّ وصول أسلحة أميركية الصنع إلى فصائل "الحشد"، "قد يضرّ بجهود حكومة بغداد الرامية إلى تجهيز القوات العراقية بأسلحة متطورة". وأشار، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "الحكومة قد تكون تعرضت إلى ضغوط من قبل قيادات الحشد، للحصول على أسلحة معينة".

وشدّد سليم على ضرورة سحب الأسلحة الثقيلة من "الحشد"، موضحاً أن السلطات العراقية "مطالبة أيضاً بالتصدي للانتشار المنفلت للسلاح، وكذلك بموازنة علاقاتها". وأكّد أن العراق "ليس من مصلحته المناورة أو العبث بملف التسليح مع الأميركيين كون الجيش العراقي ما زال بحاجة إلى ما يسدّ نقص مخازنه من السلاح الحديث على الأقل، ليكون القوة الأولى في البلاد، ويكون قادراً على ضبط الأمن".

المساهمون