جدل في تونس بشأن مقترح تعديل قانون الانتخابات

جدل في تونس بشأن منع رؤساء المؤسسات الإعلامية والجمعيات من خوض الانتخابات

31 مايو 2019
تترقّب تونس انتخابات تشريعية ورئاسية بالخريف (شادلي بن إبراهيم/Getty)
+ الخط -
أثار مقترح تعديل قانون الانتخابات في تونس، الهادف لإبعاد رؤساء المؤسسات الإعلامية والجمعيات من السباق الانتخابي، جدلاً واسعاً، بين من اعتبره يسعى لتنقية المناخ السياسي وفرض المساواة بين المرشحين، ومن رأى فيه سعياً لإقصاء الخصوم السياسيين.

واحتدم الجدل في تونس بشأن هذه القضية منذ إعلان نبيل القروي، صاحب قناة "نسمة"، وجمعية "خليل الخيرية"، نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، عبر قناته التلفزيونية، الأمر الذي عارضه كثيرون نظراً لما وصفوه استغلال القروي لمنبر إعلامي، وتوظيفه العمل الخيري لخدمة مآرب سياسية وطموحات انتخابية.

وأكدت عضو المجلس الوطني لحزب "تحيا تونس" هالة عمران، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، أنّ كتلة الائتلاف الوطني في البرلمان، المساندة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، "تؤيد مبادرة تعديل القانون الانتخابي، لإضافة بند يمنع ترشّح كل من يملك جمعية أو مؤسسة إعلامية من الترشّح للانتخابات التشريعية أو الرئاسية، وهي مبادرة تقدمت بها الحكومة وساندتها في ذلك كتلة الائتلاف الوطني".

ورأت أنّ "هذا الأمر يتعلّق بضمان نزاهة المسار الانتخابي، وتنقية مناخات المنافسة وتكريس المساواة بين جميع المترشحين"، مشددة على أنّ "القانون سيطبّق على أصحاب المؤسسات الإعلامية بمنعهم من الترشح للانتخابات والدعاية لأنفسهم طوال الوقت على حساب بقية المترشحين".

واعتبرت عمران أنّ "من يترأس جمعية خيرية ويعمد إلى تقديم المساعدات المادية أو الإعانات العينية للمواطنين في خلط بين العمل الاجتماعي الجمعياتي والنشاط السياسي، لا يمكنه أن يقدم نفسه في المجال السياسي، نظراً إلى أنّه استمال الناخبين بطرق ملتوية وغير نزيهة، وتحايل على الشعب واستهان بذكاء المواطن".

وأضافت أنّ "هذه المبادرة التشريعية ستساهم في تحقيق نزاهة الحياة السياسية ودمقرطة العملية الانتخابية، وستتيح لجميع المترشحين لسباق الانتخابات أن يكونوا على قدم المساواة من حيث حظوظهم في الترشح".

ونشرت النائبة صبرين قوبنطيني، عن كتلة "الائتلاف الوطني"، على صفحتها على "فيسبوك"، مقترح تعديل قانون الانتخابات.

وبحسب المنشور، فإنّ التعديل ينصّ على أن "لا يقبل الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب لكل شخص أو قائمة تبين للهيئة قيامه أو استفادته خلال السنة الانتخابية بأعمال يمنعها التشريع المتعلق بالأحزاب السياسية على الأحزاب ومسيريها، والتي تخص سقف جمع التبرعات والهبات والوصايا - التمويل الأجنبي - التمويل من قبل الذوات المعنوية - الإشهار السياسي - توزيع الامتيازات المالية".

كما تضمن "إلزامية تقديم المرشحين ما يفيد القيام بالتصريح بالمكاسب والمصالح، في الآجال المنصوص عليها بالقانون، بالنسبة للأشخاص الخاضعين لواجب التصريح بالمكاسب والمصالح، وما يفيد القيام بالتصريح السنوي بالضريبة على الدخل للسنة المنقضية في الآجال القانونية، وإلى جانب بطاقة تفيد خلو المرشحين من السوابق العدلية".

وتضمن أيضاً بنداً ينص على أنّه "لا يقبل الترشح للانتخابات الرئاسية لكل شخص تبين لهيئة الانتخابات قيامه أو استفادته خلال السنة الانتخابية بأعمال يمنعها التشريع المتعلق بالأحزاب السياسية على الأحزاب ومسيريها، والتي تخص سقف جمع التبرعات والهبات والوصايا - التمويل الأجنبي - التمويل من قبل الذوات المعنوية - الإشهار السياسي - توزيع الامتيازات المالية والعينية، كما تقرر الهيئة إلغاء نتائج الفائزين في الانتخابات إذا ثبت لها عدم احترامهم لأحكام هذا الفصل".



من جانبه، أطلق نبيل القروي، صاحب قناة "نسمة"، عريضة إلكترونية في خطوة استباقية بعد اعتزام الحكومة تقديم مشروع قانون يمنع أصحاب القنوات الإعلامية والجمعيات الخيرية من الترشح للانتخابات.

ورأى مؤيدون للقروي أنّ هذا التعديل صيغ على مقاسه، لإقصائه من السباق الرئاسي، معتبرين أنّ حظوظه وافرة في الفوز، وهو ما يقلق الأحزاب الكبرى الأخرى، متهمين حزب "تحيا تونس" بأنّه يبحث عن إبعاده بكل السبل القانونية والأمنية والقضائية.

واتهم هؤلاء الحكومة بإرجاء تعديل قانون الانتخابات لهذا الغرض، بعدما تأجل عرض التعديل على المصادقة، بطلب من الوزير المكلف بالعلاقة مع الحكومة والمتحدث الرسمي باسمها إياد الدهماني.


ورأى زهير المغزاوي، أمين عام "حركة الشعب"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، أنّ مقترح تعديل قانون الانتخابات "حق أُريد به باطل، فليس الهدف منه تنقية المناخات السياسية بقدر ما هو محاولات ملتوية لتصفية حسابات مع خصوم سياسيين، وهو ما نبهنا منه مراراً"، متهماً رئيس الحكومة يوسف الشاهد بـ"استغلال إمكانيات الدولة والسلطات لتصفية خصومه أو تركيعهم أو استمالتهم".

وتابع المغزاوي أنّ "المناضلين والمعارضين اكتووا من استغلال المؤسسات الإعلامية ومن نبيل القروي الذي سخّر مؤسسته في حملة الباجي قايد السبسي الرئاسية، وهو اليوم يسخّرها للدعاية لنفسه"، مضيفاً أنّ "الشاهد ليس أفضل منه".

ودعا المغزاوي الشاهد إلى "الاستقالة إذا كان ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية، والتوقّف عن استغلال مؤسسات وإمكانيات الدولة لفائدة حزبه وحملته الانتخابية السابقة لأوانها".


وتترقّب تونس إجراء الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، والرئاسية في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وأظهرت نتائج استطلاع للرأي للشأن السياسي، في مارس/ آذار الماضي، أجرته مؤسسة "سيغما كونساي"، بالتعاون مع جريدة "المغرب"، تصدر حركة "النهضة" في نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية بـ24.7%، تليها حركة "نداء تونس" التي احتلت المرتبة الثانية بـ20%، ثم "تحيا تونس" بـ11.9%.

أما في ما يتعلّق بنوايا التصويت للانتخابات الرئاسية، فقد حافظ رئيس الحكومة يوسف الشاهد على المرتبة الأولى في نوايا التصويت بـ19.3%، يليه أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد بـ12.1%، فالرئيس السابق المنصف المرزوقي ثالثاً بـ11.7%.