السودان: لا مفاوضات مباشرة بين المعارضة والمجلس العسكري

السودان: قتيل إثر اشتباكات ولا مفاوضات مباشرة بين المعارضة والمجلس العسكري

30 مايو 2019
قتيل آخر سقط اليوم قرب ساحة الاعتصام (Getty)
+ الخط -

تبدو الأوضاع في السودان متجهة إلى مزيد من التعقيد، مع حديث قوى "إعلان الحرية والتغيير"، عن أن التفاوض بينها وبين المجلس العسكري الانتقالي لا يزال متوقفاً، ما يقلل الآمال بإكمال الاتفاق على هياكل الحكم خلال الفترة الانتقالية المقترحة، بعد سقوط نظام عمر البشير.

وأوضح القيادي في قوى "إعلان الحرية والتغيير" أحمد الربيع، لـ"العربي الجديد"، أن المفاوضات المباشرة متوقفة تماماً، وأنه حتى اللجان الفنية الرباعية لم تنجح طوال الأيام الماضية في تقريب الخلاف بين الطرفين وخصوصاً في موضوع تشكيل مجلس السيادة.

وكان المجلس العسكري و"قوى الحرية والتغيير"، قد اتفقا الأسبوع ما قبل الماضي على فترة انتقالية مدتها 3 سنوات، تدير فيها البلاد سلطة مكونة من مجلس سيادة ومجلس وزراء تشكله "قوى الحرية والتغيير"، وبرلمان انتقالي تُمنح فيه هذه القوى 67 في المائة من عضويته، على أن تترك بقية النسبة للقوى غير المشاركة في النظام السابق. لكن كل طرف أصرّ على حصوله على الأغلبية داخل مجلس السيادة وعلى منصب رئيس المجلس، ما عمّق الخلافات بينهما، ودفع المجلس العسكري للتلويح على لسان نائب رئيسه، الفريق أول محمد حمدان دقلو، بالدعوة لانتخابات مبكرة أو اللجوء لخيار تشكيل حكومة مستقلة من الكفاءات، بعيداً عن "الحرية والتغيير".

في المقابل، ردت "قوى الحرية والتغيير" على التهديدات والتلويحات بالدعوة لإضراب عام يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وجد استجابة واسعة في قطاعات العمل الحكومي والخاص. وعن ذلك قال أحمد الربيع في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن الإضراب وجّه رسالة قوية للمجلس العسكري، وأظهر حجم الدعم الشعبي للمطالب الثورية الخاصة بمدنية السلطة الانتقالية ومدنية حتى مجلس السيادة، مشيراً إلى أن محاولات للتوسط بين المجلس العسكري و"قوى الحرية والتغيير" برزت في الأيام الماضية، من كثير من الجهات، لكن أغلبها لم يقدّم رؤية واضحة وتفصيلية واكتفى بالنقاش حول موقف "الحرية والتغيير" في ما يتعلق بمواضيع الخلاف.

وأكد الربيع أنه لم يعد من خيار أمام "قوى الحرية والتغيير" سوى القيام بمزيد من خطوات التصعيد الجماهيري، ومواصلة الاعتصام في الخرطوم وبقية الأقاليم وتسيير المواكب والإضرابات المهنية، مستبعداً في الوقت نفسه إعلان العصيان المدني الشامل، الذي أكد أنه سيكون آخر خياراتهم.

ولم يستبعد الربيع، لجوء المجلس العسكري إلى حكومة خاصة به بعيداً عن "الحرية والتغيير" أو إلى خيار الانتخابات المبكرة، موضحاً أن الخيارين سيرفضان من جماهير الشعب السوداني ومن قوى المعارضة على وجه أخص، وستواجه بمثل ما ووجهت به حكومات النظام البائد.

إلى ذلك، قال المحلل السياسي ياسر عبد الله لـ"العربي الجديد"، إن الحديث عن انسداد الأفق بين المجلس العسكري و"قوى الحرية والتغيير" غير دقيق، مؤكداً أن الطرفين يحاولان الاحتفاظ ولو بشعرة معاوية، لافتاً إلى اجتماعات غير رسمية رعتها شخصيات وطنية أُجرِيت في الأيام الماضية وقربت المسافات بينهما.

وتوقع أن يتم التوافق على رئاسة دورية لمجلس السيادة، على أن تمنح الفترة الأولى للعسكريين للإشراف على الترتيبات الأمنية خلال المرحلة الانتقالية، والإشراف كذلك على مفاوضات السلام مع الحركات المتمردة، على أن تكون الفترة الثانية لـ"قوى الحرية والتغيير" للإشراف على ترتيبات الانتقال الديمقراطي، وتهيئة البلاد للانتخابات المتوقعة نهاية السنة الثالثة، لافتاً إلى أن كل الرؤية ستتضح تماماً ما بعد إجازة عيد الفطر.

في الأثناء، طالب وفد من الحركة الشعبية (قطاع الشمال) المجلس العسكري الانتقالي، بفتح مسارات الإغاثة الإنسانية للمتضررين من الحرب، وتهيئة المناخ لأجل التوصل لاتفاق سلام شامل مع قوى الكفاح المسلح، فيما قالت لجنة الأطباء إن شخصاً قتل قرب ساحة الاعتصام، في وقت ساد الجمود بين قوى الحرية والتغيير والمجلس.

وجاءت مطالبات الوفد الذي ترأسه ياسر عرمان، خلال اجتماع له مع اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي، اليوم الإثنين، بالخرطوم.

وطبقاً للمتحدث باسم الحركة، مبارك أردول، فإن اللقاء تميز بالشفافية والصراحة والوضوح، وتناول الوضع السياسي الراهن وقضايا السلام العادل وإنهاء الحروب إلى الأبد، مشيراً إلى أن وفد الحركة طرح أهم قضايا الثورة السودانية، وهي قضية الحرية والسلام والعدالة، وطالب بمخاطبة جذور أسباب الصراع الذي أدى إلى الحرب وتأسيس نظام جديد قائم على الديمقراطية والمواطنة بلا تمييز. كما دعا الوفد، بحسب أردول، إلى حل قضايا ملايين النازحين واللاجئين، مع التشديد على ضرورة استكمال الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في أسرع وقت ممكن، وقيام حكومة مدنية وذات صلاحيات فعلية.

إلى ذلك، أعلنت لجنة الأطباء المركزية في السودان، اليوم الخميس أن شاباً في العشرينيات من عمره قتل إثر إصابته بطلق ناري في منطقة الصدر، نتيجة "تبادل لإطلاق نار" بشارع النيل بالخرطوم قرب ساحة الاعتصام.


وذكرت اللجنة في بيان لها، أن "قتل المتظاهرين السلميين والمواطنين العزل، لن يزيد هذه الثورة المنتصرة إلا ثباتاً وتقدماً، حتى تتحقق أهدافها المنشودة بالوصول إلى حكومة مدنية كاملة"، بحسب ما جاء في البيان، الذي شدد على محاسبة كل من تورط في إزهاق الأرواح.

وأشارت اللجنة إلى وجود بعض الإصابات في الحادث، تم إسعافها بالعيادات الميدانية وسيتم الإعلان عن تفاصيلها لاحقاً.

وأمس، وفي المنطقة ذاتها، لقيت سيدة مصرعها على يد أحد جنود الجيش السوداني، إثر مشاجرة وقعت هناك، بينما أصيب آخرون في الحادث، بحسب بيان لمكتب المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة.

وأعلن تجمع المهنيين بقطاع الكهرباء استمرار إضراب العاملين في القطاع عن الاستجابة لكل البلاغات الفردية في كل البلاد، حتى حلّ قسم التأمين بالشركة المحسوب على نظام الرئيس عمر البشير، وإبعاد كل منسوبيه من القطاع.

كما أعلن التجمع، في بيان له اليوم، نشر في صفحة تجمع المهنيين على "فيسبوك"، الإضراب الشامل في جميع الإدارات العامة والمساعدة والورش والمصانع التابعة للتوزيع، إلى حين تحقق الشرط نفسه.

من جهة أخرى، نظم العاملون بجامعة بخت الرضا وقفة احتجاج أمام مقر إدارة الجامعة، تعبيراً عن رفضهم التام للمجلس العسكري والمطالبة بحكومة مدنية، كما طالبوا أيضاً بإقالة إدارة الجامعة الحالية والمطالبة بحل النقابة الحالية.

وكانت قوى الحرية والتغيير قد أعلنت استمرار مواكب السلطة المدنية والبناء، اليوم الخميس، بالتحرك من أحياء أم درمان ومحلياتها، والانضمام لساحة الاعتصام.

ومن جانبها، دعت مبادرة "لا لقهر النساء"، للمشاركة في الموكب النسوي اليوم بحدائق الشهداء، والتوجه لساحة الاعتصام لمواصلة النضال من أجل تحقيق مطالب الثورة السودانية، ومن أجل تحقيق مطالب المرأة السودانية دون تسويف ومهادنة.

بدوره، حذر الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، من مغبة التصعيد بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، رغم التقدم المحرز في المفاوضات بينهما.

وسرد المهدي خلال مخاطبته أنصار حزبه في إفطار رمضاني اليوم الخميس، مواقف حزبه منذ بدء الحراك الثوري في البلاد، وذلك رداً على انتقادات وجهت للحزب بعد رفضه المشاركة في إضراب عام نفذته قوى الحرية والتغيير يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، مشيراً إلى أن "الإضراب كان خطأً وتصعيداً غير مبرر، وربما أتاح الفرصة لنشاط الثورة المضادة لتنفيذ أجندتها التي قد تصل لتنفيذ انقلاب عسكري لإعادة النظام القديم".