ثراء قادة المليشيات يتسبب بأزمة سياسية في العراق

ثراء قادة المليشيات يتسبب بأزمة سياسية في العراق

26 مايو 2019
المطالبة بتتبع مصادر أملاك قادة المليشيات (فرانس برس)
+ الخط -

عاد رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي إلى فتح ملف "الإثراء غير المشروع" لقادة المليشيات، ما جلب عليه انتقادات واسعة من الفصائل المسلحة، خاصة المقربة من إيران، التي أدرجت تصريحاته ضمن خانة "تصفيات الحسابات بعد حرمانه من ولاية جديدة على رأس الحكومة".

وهذه ليست المرة الأولى التي يُملح فيها العبادي إلى انتهاكات ومخالفات بالجملة لقادة المليشيات العراقية، كالإثراء السريع والاستيلاء على ممتلكات مواطنين، وانتهاكات بحقوق الإنسان، فقد عُرف خلال الأشهر التسعة الأخيرة من ولايته للحكومة بقرارات اعتبرت تحجيماً أو استهدافاً لفصائل مسلحة مقربة من طهران، عبر تقليص صلاحياتها المالية والسياسية، وحتى التسليحية والقتالية. 

وقد فجّرت التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي السابق، في برنامج حواري بثته محطة تلفزيون فضائية عراقية يوم الجمعة، أزمة جديدة بينه وبين زعماء المليشيات وأحزاب مقربة من إيران، تهدد مساعي إعادة توحيد جناحي حزب الدعوة الإسلامية، أو حتى فرص تحقيق مصالحة بين الكتل الشيعية المتنافسة.

وتساءل العبادي، في الحوار ذاته، عن مصدر الأملاك والعقارات التي يمتلكها قادة ومسؤولو "الحشد الشعبي"، مع العلم أنهم "لم يكونوا يمتلكون كل هذه الثروات قبل تأسيس "الحشد" وقبل الحرب على تنظيم "داعش""، قائلاً إن "قادة قوات فصائل "الحشد الشعبي" باتوا يمتلكون قصوراً في مناطق عديدة من العراق، منها حي الجادرية ببغداد، ويمكن التأكد من ذلك بالرجوع إلى دائرة العقارات الحكومية"، مطالباً في الوقت ذاته بملاحقة قادة "الحشد الشعبي" ومتابعة "أرصدتهم المالية". 

وتسبب هذا التعليق بغضب قادة من "الحشد الشعبي"، الذين عبّروا عن استيائهم من توجيه مثل هذه الاتهامات، بحجة أنها "لا تليق بحجم التضحيات التي قدمتها فصائل الحشد". 

وفي السياق، قال عضو منظمة "بدر" أحمد الدراجي، لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات السياسية بين تحالفي الفتح الذي يتزعمه هادي العامري، والنصر الذي يقوده حيدر العبادي، هي السبب وراء الاتهامات المستمرة التي يطلقها العبادي". 

وبيَّن الدراجي أن "العبادي صادر النصر الذي حققه "الحشد الشعبي"، وحوّله إلى قائمة انتخابية ليحصل على ولاية ثانية لحكم العراق، ولكن الفتح وقف في وجهه، ما دفعه إلى معاداة الفتح والحشد وتحجيم دوره في المعارك وأهمية قادته".

من جهته، أرجع القيادي في "الحشد الشعبي" معين الكاظمي تصريح العبادي إلى "كون تحالف الفتح أسهم بعدم وصوله إلى رئاسة الوزراء لولاية ثانية، على اعتبار أن واشنطن كانت ترغب في حصول العبادي على ولاية جديدة"، موضحاً، في تصريح صحافي، أن "هذا السبب جعل العبادي يشعر بأنه قد طعن من قبل الفتح، ولهذا هو يحاول أن يطعن بـ"الحشد"، لكن ادعاءاته ليست من مصلحة العراق، لا سيما في هذه المرحلة الحساسة".

وكان العبادي قد أقال مستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة "الحشد الشعبي"، فالح الفياض، في أغسطس/ آب 2018 من منصبه بسبب نشاطه السياسي، عقب انسحاب الأخير من ائتلاف "النصر" التابع للعبادي.

وعلّل رئيس الوزراء آنذاك قرار الإقالة بأسباب تتعلق بـ"انخراط الفياض في العمل السياسي والحزبي، ورغبته في التصدي للشؤون السياسية، وهذا يتعارض مع المهام الأمنية الحساسة التي يتولاها"، علماً أن الفياض دخل ضمن قائمة العبادي الانتخابية، ولكنه عاد إلى منصبيه بعد قبول قرار الطعن المُقدم إلى المحكمة الاتحادية. 

عضو في ائتلاف "الوطنية" الذي تزعمه أياد علاوي، أشار إلى أن "العبادي كان صادقاً في حديثه عن ممتلكات قادة الحشد، والجميع يعرف أن قادة الفصائل وما دونهم، عدا المقاتل البسيط، صاروا من أكبر تجار البلاد، وهناك من استغل "الحشد الشعبي" لدرجة تمويل مشاريع ومصارف وشركات"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "مسؤولية رئيس الحكومة الحالي تقصي الحقيقة ومتابعة أموال القادة، والاستفسار عن مصدرها، وهذا أمر طبيعي، وجزء من واجبات الدولة".