طهران تنفي التفاوض مع واشنطن...ومساعد ظريف يلتقي بن علوي

طهران تنفي التفاوض مع واشنطن... ومساعد ظريف يلتقي بن علوي في مسقط

26 مايو 2019
تستبعد طهران اندلاع الحرب مع الولايات المتحدة (Getty)
+ الخط -
في أول تعليق إيراني على أنباء عن بدء المفاوضات بين طهران وواشنطن، نفت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الأحد، وجود "أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة" مع الإدارة الأميركية، في وقت التقى مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، عباس عراقجي، وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، في العاصمة العمانية مسقط، للتباحث في التطورات الأخيرة في المنطقة.  

ونقلت وكالة "إيسنا" الإيرانية عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، تأكيده "عدم وجود أي نوع من المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة بين إيران وأميركا".

وكان نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، قد قال يوم الجمعة الماضي، إنه "يبدو أن المفاوضات بين الطرفين (واشنطن وطهران) قد بدأت"، وذلك في تصريح إعلامي له.

وأكد الجار الله أن "الوضع في المنطقة حساس وبالغ الدقة والخطورة"، معرباً عن أمله في الوقت ذاته في أن "تسود الحكمة والعقل، وأن يكون الهدوء سيد الموقف، وألا يكون هناك صدام في المنطقة".

وفيما تؤكد إيران أنها لا ترغب في الحرب مع الولايات المتحدة، وتستبعدها بـ"شكل كامل"، مع التقليل من أهمية التحركات العسكرية الأميركية الأخيرة، إلا أنها ترفض الدخول في أي تفاوض مع إدارة دونالد ترامب تحت "الضغط" والمعطيات الراهنة.

ومع الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في الثامن من أيار/ مايو الحالي، تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة بشكل ملحوظ، ليتخذ طابعاً عسكرياً بعد إرسال الإدارة الأميركية حاملات طائرات وسفناً وقطعات بحرية حربية، فضلاً عن قوات إضافية إلى منطقة الخليج، ومبيعات أسلحة بقيمة 8.1 مليارات دولار لكل من السعودية والإمارات والأردن، لـ"ردع إيران".

في موازاة ذلك، أعلنت طهران في الثامن من الشهر الحالي تعليق تنفيذ بعض تعهداتها بموجب الاتفاق النووي، رداً على الضغوط الأميركية ومماطلات الشركاء المتبقين الخمسة في الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا)، والتي فاقمت الوضع الاقتصادي في إيران، وتسببت في تراجع حاد في قيمة الريال الإيراني خلال العام الأخير بنسبة 150 في المائة، مما أدى إلى غلاء فاحش في الأسعار.


تحركات دبلوماسية واسعة

وسط هذا التوتر المتصاعد، بدأت تحركات دبلوماسية واسعة من قبل أطراف عدة، خصوصاً سلطنة عمان والعراق وقطر وسويسرا وألمانيا، بغية تخفيف حدة الاحتقان بين إيران والولايات المتحدة، الأمر الذي طرح بقوة مسألة الوساطة بين الجانبين، ومعه موضوع التفاوض بينهما أيضاً، لكن رئيس مكتب الرئيس الإيراني، محمود واعظي، قال الأربعاء الماضي، في تعليق على هذه التحركات، إن "دولاً وشخصيات مختلفة بدأت بتحركات منذ الثامن من الشهر الحالي، تهدف إلى الحفاظ على الاتفاق النووي والحؤول دون وقوع مواجهة في المنطقة"، لافتاً إلى أن هذه الأطراف "تحاول إرضاء طهران بسبب الأهمية التي يكتسيها الاتفاق".

وأكد واعظي أن هذه التحركات "لا تعني وجود تفاوض بين إيران وأميركا، وفي ظلّ السياسات الراهنة لأميركا، فلا معنى لأي تفاوض".

كذلك كشف المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، يوم الخميس الماضي، عن وفود أجنبية قامت بزيارات سرّية لإيران خلال الآونة الاخيرة لتخفيف حدة التوتر، لكنه أكد أن "سياسة إيران هي عدم الدخول في أي تفاوض مع الإدارة الأميركية في ضوء سياساتها الراهنة".

ولفت إلى أن "زيارات المسؤولين من دول مختلفة إلى إيران قد ازدادت، وغالبيتها تنوب عن أميركا، وأن بعض هذه الزيارات يتم الإعلان عنها وأخرى تبقى سرية".

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني، كيوان خسروي، إنه "بناء على السياسات المبدئية للجمهورية الإسلامية، تم إبلاغ الوفود (الزائرة) رسالة الاقتدار والمنطق والمقاومة والصمود للشعب الإيراني من دون أي استثناء".

وأضاف خسروي: "أخبرناهم (الوفود) بشكل صريح بأنه ما لم يتغير السلوك، ولم تؤمن حقوق الدولة (الإيرانية)، ولم يتم الانتقال من التصريحات إلى خطوات عملية، فسيكون فهذا هو مسارنا، ولن يكون هناك أي تفاوض".

ولم يفصح خسروي ما إذا كانت هذه الوفود نقلت رسائل من الجانب الأميركي إلى إيران، لكن مسؤولين في الإدارة الأميركية كانوا أشاروا خلال الأيام الماضية إلى أن هذه الإدارة بعثت برسائل إلى طهران من خلال "طرف ثالث" في الثالث من مايو/ أيار الحالي، على خلفية معلومات استخبارية بشأن احتمال أن تقوم بإيران بهجمات على المصالح الأميركية في المنطقة.

وزار وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، طهران، يوم الإثنين الماضي، والتقى بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف، ما عزز القناعة لدى المراقبين بعودة الوساطة العمانية إلى الواجهة مرة أخرى بين إيران والولايات المتحدة، إلا أن مدير مكتب الرئيس الإيراني، محمود واعظي، نفى أن يكون الهدف من زيارة بن علوي الوساطة بين الطرفين، قائلاً إنه زار إيران للتباحث بشأن قضايا ثنائية وتطورات إقليمية، "لكن لم يُطرح أبداً موضوع الوساطة".

لكن لم يوضح واعظي ما إذا كان الوزير العماني حمّل طهران رسالة من واشنطن، إلا أن الخارجية العمانية قد ذكرت في تغريدة عبر "تويتر"، الجمعة الماضية أن سلطنة عمان "تسعى مع أطراف أخرى لتهدئة التوتر بين واشنطن وطهران"، مشيراً إلى "خطورة وقوع حرب يمكن أن تضر العالم بأسره".

إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، الثلاثاء الماضي، أن العراق "يجري اتصالات عالية المستوى" لمنع مزيد من التوتر بين طهران وواشنطن.

وكشف "سنرسل فريقا إلى طهران وواشنطن للمساعدة في تهدئة التوتر"، لكن الوفد لم يصل إلى إيران بعد، وليس واضحاً إن كانت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بغداد أمس السبت واليوم الأحد، تسدّ عن زيارة الوفد العراقي إلى طهران أم لا.

ويقول مراقبون إن زيارة ظريف لبغداد تأتي في سياق رغبة إيرانية للحد من تصاعد التوتر مع أميركا، ومنح الوسطاء، وخاصة الوسيط العراقي الذي هو محل ثقة كاملة من طهران، إمكانية التحرك في هذا الاتجاه، وربما لتهيئة الظروف بما يقنع إيران للدخول في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة.



جولة عراقجي

وفي ظل التحركات الدبلوماسية متعددة الأطراف لتخفيف حدة الاحتقان بين طهران وواشنطن، بدأ مساعد الشؤون السياسية للخارجية الإيرانية عباس عراقجي، اليوم الأحد، جولة خليجية تشمل عمان والكويت وقطر، في إطار حراك دبلوماسي إيراني مكثف خلال الفترة الأخيرة.

وقالت وكالات أنباء إيرانية إن عراقجي سيناقش التطورات الأخيرة في المنطقة، والتصعيد الأميركي ضد بلاده مع المسؤولين في الدول الثلاث.

ووصل عراقجي اليوم إلى العاصمة العمانية مسقط، والتقى بوزير الخارجية العماني يوسف بن علوي.

وقالت وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء إن عراقجي أكد خلال اللقاء رفض بلاده أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الولايات المتحدة، مؤكدا في الوقت نفسه أن طهران لا تريد تصاعد التوتر في المنطقة.

وأعلن المسؤول الإيراني عن استعداد بلاده لـ"إقامة علاقات متوازنة وبناءة مع جميع الدول الخليجية على أساس الاحترام والمصالح المتبادلة".

ولفت عراقجي إلى أن إنهاء العقوبات الأميركية والتعاون الاقتصادي بين جميع دول المنطقة هو "الضامن للأمن والاستقرار الإقليمي"، مؤكداً أن "فرض العقوبات على إيران هي تجربة فاشلة".

كذلك نقلت "فارس" عن وزير الخارجية العماني تأكيده خلال اللقاء أن "المنطقة تمر بظروف حساسة"، داعياً جميع الأطراف إلى "ضبط النفس ومواصلة المباحثات بين طهران وومسقط".

كما التقى عراقجي بنظيره العماني بدر البوسعيدي، في لقاء منفصل، وناقش معه آخر تطورات العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في كافة المجالات، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية.

المساهمون