قوات أميركية رمزية إلى الخليج: هل يتكرر السيناريو الكوري؟

قوات أميركية رمزية إلى الخليج: هل يتكرر السيناريو الكوري؟

25 مايو 2019
مهمة القوات الإضافية مجرد "تأمين الحماية" للقوات الأميركية (Getty)
+ الخط -

قبل مغادرته، الجمعة، إلى اليابان، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإرسال 1500 جندي إضافي إلى منطقة الخليج، لتعزيز "حماية القوات الأميركية المتواجدة هناك". القرار كان لافتاً في التباسه من ناحيتين: الحجم والمهمة.

الحجم هبط بسرعة من 120 ألف جندي كقوة لازمة لتلبية حاجات خطة المواجهة التي رسمها في البداية مستشار الأمن القومي، جون بولتون، إلى 10 آلاف كقوة رادعة ضد إيران، وانتهى عند العدد الذي وافق عليه الرئيس (1500).

تقليص كبير طرح أسئلة حول دواعيه، خاصة أن تسويغه بدا غير متماسك، فمن جهة قيل إن قيادة المنطقة الوسطى المسؤولة عن القوات الأميركية في الشرق الأوسط، هي التي أوصت بخفض العدد إلى 10 آلاف بعدما مالت الكفة ضد توجه بولتون، وأن القائم بأعمال وزير الدفاع، باتريك شاناهان، رفض التوصية، لعلمه بأجواء البيت الأبيض غير المتحمس لإرسال قوة بهذا الحجم. ومن جهة ثانية، تردد أن القيادة الوسطى "لا تريد أصلاً" أكثر من 1500 جندي.

الناحية الثانية أن مهمة القوات الإضافية تغيّرت وبسرعة أيضاَ. انتقلت من التحضير "لمجابهة" واسعة مع إيران، إلى الاكتفاء "بردعها"، وأخيراً إلى مجرد "تأمين الحماية" للقوات الأميركية هناك.

وزاد من تشويش الصورة أن يتم الخفض إلى هذه الدرجة في ذات اللحظة التي أجمعت فيها تقديرات البنتاغون على أن إيران هي الطرف المسؤول عن الهجمات التي تعرضت لها أربع ناقلات نفط سعودية وإماراتية قبل أيام. وكان البيت الأبيض قد ألمح في البداية إلى عزمه على الرد عسكرياً لو انتهت التحقيقات بتحميل المسؤولية لطهران، في هذا الخصوص. لكن يبدو أنه جرى صرف النظر عن ذلك.


ليس ذلك فحسب، بل هناك تباين آخر يحث على التساؤل. ففي نفس الوقت الذي تقرر إرسال القوات الجديدة إلى المنطقة، وضعت الإدارة التوتر مع إيران في خانة "حالة الطوارئ" لتبرر التنفيذ الفوري لصفقة أسلحة بقيمة 8.1 مليارات دولار إلى السعودية والإمارات والأردن، من دون الحصول على موافقة الكونغرس. القانون يجيز لها الالتفاف على الموافقة في ظلّ مثل هذه الحالة.

المناورة أثارت ردودا ناقمة في الكونغرس، خاصة من جانب الديمقراطيين الذين سبق وصوتوا مع بعض الجمهوريين على مشروع قانون لوقف الدعم لحرب السعودية في اليمن. لكن الرئيس أسقطه بـ"الفيتو". والآن يمرر بيع السلاح بلا طلب موافقة الكونغرس، بحجة العجلة وحالة الطوارئ، لكنه في ذات اللحظة يكتفي بإرسال قوة رمزية إلى نفس الساحة التي استدعت الإسراع في التسليح. عدم الاتساق أثار التكهنات حول حقيقة ما تبتغيه الإدارة من تصعيدها المحيّر بهبّاته الباردة والساخنة مع طهران.

المعروف أن الرئيس ترامب أبدى انزعاجه من سعي بولتون نحو حرب "هو لا يريدها". ومنذ ذلك الحين غاب هذا الأخير عن شاشة الأزمة مع إيران. وكان من اللافت أن تتخذ الإدارة، أمس، قراري الصفقة وتقليص حجم القوة المُرسَلة إلى المنطقة، في غياب بولتون الموجود خارج واشنطن في مهمة باليابان.

وكأن البيت الأبيض بدأ يصغي للدعوات الكثيرة بضرورة فتح خطوط تواصل ولو غير مباشرة في البداية مع طهران، تماماً كما فعل مع كوريا الشمالية. وهو ألمح إلى هذا الخيار وإن بصورة ضبابية. والآن يأتي الاكتفاء بإرسال قوة رمزية إلى المنطقة ليعزز هذا الاحتمال الذي يبدو أن واشنطن وازنته بقرار صفقة السلاح. لكن ترامب يصغي لحساباته التي يجريها على إيقاع تطورات ملف التحقيقات وحربه مع الكونغرس التي تتحكم مجرياتها بصورة أو بأخرى في كافة قرارات البيت الأبيض.

المساهمون