ألمانيا: تحشيد واستنفار سياسي غير مسبوق للانتخابات الأوروبية

ألمانيا: تحشيد واستنفار سياسي غير مسبوق للانتخابات الأوروبية

25 مايو 2019
تختتم الانتخابات الأوروبية غداً (Getty)
+ الخط -
بعد النتائج الأولية المشجعة التي شهدتها الانتخابات الأوروبية قبل يومين في هولندا للاشتراكيين والمعسكر المؤيد للاتحاد الأوروبي، والتراجع الدراماتيكي لليمين الشعبوي، وما يتضمنه من أرقام قد تفاجئ المراقبين في بريطانيا، إلى ما شهده يوم أمس الجمعة في كل من التشيك، حيث الإقبال على التصويت لم يكن يرقى إلى مستوى الطموحات، وفي أيرلندا حيث يمين الوسط المؤيد أساساً للاتحاد يثبت حضوره مجدداً؛ يتوقع أن تستكمل الانتخابات الأوروبية اليوم السبت في كل من ليتوانيا ومالطا وسلوفاكيا بمشاركة كثيفة، لتختتم غداً الأحد في باقي الدول الأوروبية، على أن يتحدد بعدها التكوين الجديد للأحزاب السياسية في البرلمان الأوروبي والتوجهات المستقبلية لطروحاته وإصلاحاته المزمع العمل عليها من قبل الدول الأعضاء في التكتل.

إلا أن القلق لدى المسؤولين الأوروبيين، لا سيما الألمان، إزاء تزايد حضور القومية والشعبوية في أوروبا، ما زال مسيطراً، ما دفعهم لتحشيد واستقطاب وتحفيز الناخبين للتصويت غداً لصالح المزايا الإيجابية للتكتل الأوروبي، وتحذيرهم من تعزيز حضور اليميني الشعبوي الذي قد يهدد بانهيار تكتلات تقلديدية في ستراسبورغ.

وبرز الأمر من خلال الدعوة التي وجهها أمس الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، من خلال مقطع فيديو قصير يحفز فيه الناخبين للمشاركة بكثافة في الانتخابات الأوروبية، قائلاً: "كيف تسير الأمور في أوروبا، أنت تقرر هذا الأحد".

توازياً، لم يخفِ المسؤولين في ألمانيا مخاوفهم من الأذى الذي قد يلحقه الحضور القوي لليمين الشعبوي في البرلمان الأوروبي مستقبلاً، إذ تحدث السياسي الأوروبي عن الحزب المسيحي الديمقراطي ألما بروك لهايلبورنر شتيمه عن أن "المعركة من أجل الحفاظ على الديمقراطية اشتعلت"، ومن الواضح أن الأحزاب الشعبوية اليمينية تحظى بترويج من قبل روسيا، وفي الوقت نفسه هناك تنسيق قوي مع ستيف بانون، المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهذا ما يعزز الانطباع بأن قوى من الولايات المتحدة وروسيا تريد تدمير الاتحاد الأوروبي في حركة استراتيجية شاملة لمساعدة الشعوبيين اليمينيين.


وفي ولاية بافاريا، حيث تم أمس الجمعة إطلاق المرحلة الاخيرة للانتخابات الأوروبية، قال المرشح الرئيسي لحزب الشعب الأوروبي والمنتمي إلى الحزب المسيحي الاجتماعي في بافاريا، وبحضور المستشارة أنغيلا ميركل: "سندافع عن أوروبا ضد القوميين، وعلى المرء أن يستخدم الساعات الأخيرة وحتى مساء الأحد من أجل تحقيق ذلك". إلى ذلك، حذرت زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أندريا ناليس، من ولاية بريمن، من تعزيز الحضور اليميني الشعبوي، ومن أن الاشتراكي "سيقاتل من أجل أوروبا اجتماعية منفتحة على العالم".

وفي هذا السياق، دخل ممثلو الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية على خط المعركة المحتدمة، فأعلن الأسقف هاينريش بيدفورد ـشتروم، والكاردينال راينهارد ماركس، أن أياً من الأحزاب الشعبوية اليمينية في أوروبا لا يملك ردود فعل بناءة على التحديات التي تواجه أوروبا، ودعا الشباب إلى ممارسة حقهم في التصويت في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مبرزاً أن هناك أغلبية واضحة من الشباب تميل إلى صالح للبقاء في التكتل.

بدورها، قالت زعيمة المسيحي الديمقراطي أنغريت كرامب كارنباور، في تصريحات صحافية، إنه لا يمكن لأي فرد انتخب اليمين الشعبوي في ألمانيا الادعاء بأنه لا يعلم من انتخب: "اليمينيون الشعبويون يتطلعون فقط لمصلحتهم الشخصية، وهم مستعدون لفعل أي شيء لتحقيق ذلك، بما في ذلك التضحية بالقيم الوطنية والأوروبية"، مبرزة الأمثلة الكثيرة عن التنسيق العلني في فرنسا بين مارين لوبان والمستشار ستيف بانون، والعلاقات المالية بين حزب "الليغا" في إيطاليا مع الروس، والفضائح المالية التي ظهرت في ألمانيا نتيجة التبرعات المشبوهة لـ"البديل من أجل المانيا" خلال الحملة الانتخابية للانتخابات العامة عام 2017، معتبرة أنها بمثابة نماذج وهيكليات لما يحاول اليمين نسجه في أوروبا.

تجدر الإشارة إلى أنه يحق لنحو 418 مليون مواطن أوروبي الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الأوروبية لاختيار 751 نائبا يمثلونهم في البرلمان الأوروبي، بينهم 73 عضوا سيمثلون بريطانيا التي من المقرر خروجها في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل من الاتحاد الأوروبي، ليتقلص من بعدها عدد المقاعد إلى 705 مقعداً ويوزع 27 منها من أصل الـ73 المعطاة لبريطانيا حالياً على 14 بلداً أوروبيا، علماً أن استطلاعات الرأي الأخيرة، بحسب ما ذكرت صحيفة "هانوفيرلشه الغماينه"، اليوم السبت، تتوقع أن تكون الأحزاب الشعبوية ممثلة في البرلمان الأوروبي بنسبة 23%.